خمسة ملايين فرصة عمل تنتظر الشباب العراقي
علي غني
قررت أن أكتب عن البطالة، وأنا أشاهد أبنائي (يلحون) عليّ بالوساطة على تعيينهم بدوائر الدولة، ولا أفهم الإصرار الذي أجده عندهم، هذا ليس حال ابنائي فقط، بل وجدته (ظاهرة) عند أغلب شباب العراق، وربما (التخمة الوظيفية) ستسبب كارثة (مالية)، اذا استمر التوظيف على الطريقة (الحالية)، لذلك نحن بحاجة لأفكار جديدة (تنقذ) البلد من الإصرار غير المبرر (للتعيين)، فهل سيسهم المشروع الوطني الذي أعدته (مؤسسة الصحفيين الشباب) في كسر حاجز الوظيفة والعبور إلى الضفة الأخرى بسلام.
خريطة البطالة
قد يندهش البعض للمعلومات التي أوردها المستشار الاعلامي صباح ثاني حسن/ الامين العام لمؤسسة الصحفيين الشباب، صاحب المشروع الوطني لدعم الشباب في العراق، الذي عرضه أمام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وحصلت القناعة بتطبيقه، ربما تقودنا هذه الاحصائية الرسمية إلى معرفة أسرار البطالة وخريطتها على مستوى العراق، فالسنوات من 2003 حتى 2008 وبحسب احصائيات وزارة التخطيط، الجهاز المركزي للاحصاء وتكنولوجيا المعلومات، اذ شهدت هذه السنوات انخفاض نسبة البطالة لحاملي مؤهل الابتدائية (55.1)، وهذا يشير إلى استعداد هذه الفئة للعمل بأي فرصة متاحة في حين نلاحظ ارتفاع نسبة العاطلين لحملة الشهادة الاعدادية، وهذا يرجع إلى عدم وجود تناسب بين مخرجات الاعدادية واحتياجات سوق العمل، اما ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل لحملة شهادة البكالوريوس والدبلوم، فهو مؤشر لعدم وجود التكامل بين مخرجات الكليات والمعاهد واحتياجات سوق العمل، فضلا عن عزوف حملة شهادة البكالوريوس والدبلوم من العمل في أماكن لا تتناسب مع مؤهلاتهم، اما بالنسبة لتزايد نسبة البطالة لحملة الدبلوم العالي والماجستير فإن ذلك يرجع إلى تزايد أعداد الحاصلين على هذه المؤهلات بالشكل الذي لا يناسب والفرص المتاحة أمامهم، إذ إن الجامعات العراقية تعتمد على حملة الدكتوراه وتعطي لهم الاولوية في التعيين، كما أن اختصاصات بعض حاملي المؤهلات لا تتناسب مع احتياجات سوق العمل.
مخرجات الكليات
والحق يقال إن هذه المعلومات تقودنا كما يقول (الباحث صباح ثاني)، الذي يشغل وظيفة مستشار في مجلس النواب ايضا: إننا بحاجة لدراسة سوق العمل بنحو علمي، كما يتطلب منا مراجعة مخرجات الكليات الحكومية والاهلية، ومدى الافادة منها بسوق العمل ومن دون مجاملة، وهذا ما دفعنا للخروج عن المألوف في طرحنا لمفهوم البطالة، واقتناع رئيس الوزراء بفكرتنا.
بما أن رئيس الوزراء قد اقتنع ببحث المستشار الاعلامي صباح ثاني حسن، قلت لأسأله قبل الدخول معه في حوار عن الفكرة التي يسعى لتطبيقها على الواقع العراقي وتخدم الشباب، فقلت من أين حصلت على احصائيات دقيقة عن نسب البطالة الحقيقية؟ فاجاب: تشير احصاءات البنك الدولي إلى أن نسبة البطالة في العراق تزيد عن (50 % )، لكن نتائج المسح الذي أجرته وزارة التخطيط والتعاون الانمائي مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، أشار إلى النقيض من ذلك،
وأن معدل البطالة في العراق يبلغ (%28.1)، كما أن المنظمات غير الرسمية حددت نسبة البطالة في العراق
(40 - 60)، وبغض النظر عن تضارب الأرقام، فإن النظريات الاقتصادية تشير إلى أن نسبة (15%) من الايدي العاملة القادرة والباحثة عن العمل، ينذر بوجود أزمة حقيقية إن لم تأخذ الحكومة بالتعاون مع القطاع الخاص والمنظمات الدولية والأهلية حلولا عملية لمواجهتها.
قروض للشباب
وبيّن المستشار الاعلامي لوزير العمل كاظم العطواني، بأنه " ضمن خطط وزارة العمل للتخفيف من البطالة هو إطلاق قروض للمشاريع المدرة للدخل وتم تخصيص 400 مليار دينار للقروض الميسرة ضمن موازنة الوزارة".
وأضاف "بإمكان الشباب الباحثين عن العمل التقديم على القروض التي تبدأ من 10 ملايين دينار وتصل إلى 50 مليوناً، بحسب المشروع وعدد العاملين فيه".
شراكة وتعاون
وأعود للمستشار الإعلامي في مجلس النواب صباح ثاني الذي قدم مجموعة أفكار للتخلص من البطالة، منها المشروع الوطني لدعم وتشغيل الشباب، قلت له ماذا يهدف هذا المشروع؟ فأجابني: يهدف برنامج الشراكة لخلق (5) ملايين فرصة عمل في العراق، وكيف؟، يجب أن تكون هنا جدية عن طريق التعاون مع وزارات الدولة كافة، فيمكننا فتح أبواب التعيين من خلال الشركات ومؤسسات تشغيل الايدي العاملة بالتعاون مع مجلس الخدمة الاتحادية، كما يمكننا ايضا فتح افاق التعاون مع الدول العربية كافة والشركات النفطية والقطاع الخاص بالتنسيق مع وزارات العمل والشؤون الاجتماعية والتخطيط والرياضة والشباب ومحافظة بغداد ومجلس الخدمة الاتحادي، كونهم المعنيين بتشغيل العاطلين عن العمل".
تعاون دولي
وواصل حديثه (المستشار صباح): بالإمكان فتح آفاق التعاون مع الدول العربية والدولية لتعيين وتشغيل الشباب الخريجين وحملة الشهادات العليا والتنسيق مع المنظمات الدولية، ومنها الهيأة العليا لمكافحة الارهاب والعنف في كندا والأمم المتحدة عن طريق وزارة الخارجية والجهات الامنية والحكومية ومنظمة الشرق الاوسط، واستدرك قائلا: يمكننا دعم وتطوير القطاع الخاص للشركات العراقية والعربية والدولية للانشطة والمشاريع، سيما وزارة النفط، وقد تمكنا من فتح تعاون بين العراق والامارات والسعودية والكويت وقطر ومصر والبحرين، من خلال صندوق التنمية الاقتصادي العربي والدول المانحة والشركات والمؤسسات لاسيما مؤسسة التدريب والتعليم.
ونوه (ثاني)، يمكننا الطلب من الأسواق المركزية بدعم الشباب المتزوج حديثا وتشجيع الشركات الاهلية على تخفيض الاسعار، وكذلك انشاء مجمعات سكنية وصناعية بالتعاون مع الهيأة العامة للاستثمار لدعم وتشغيل الشباب.
فكرة جميلة
وربما جاءت فكرة المشاور الاقتصادي قاسم حسن السوداني بشيء جديد يريد أن يثبت للآخرين أن القطاع الخاص قادر على معاونة الدولة في تشغيل الشباب، وذلك عن طريق إقامة دورات تدريبية مجانية للشباب بالتعاون مع معهد (بيا) الأكاديمي الالماني بمجال الطاقة الشمسية، وأوضح: أن الدورات تأتي دعما لمبادرة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لرعاية وتشغيل الشباب، مبينا أن الشركة ستتحمل تكاليفها وستكون فرصة لاعداد ملاكات متخصصة بهذا المجال، وأضاف قاسم السوداني الذي يشغل مديرا مفوضا لشركة قطاع خاص اسمها (نهج القنطار): ان المشاركين في هذه الدورات سيمنحون شهادةً معترفا بها من المانيا، فضلا عن امتيازات يحصل عليها صاحب المركز الأول زيارة المعهد الالماني للاطلاع على مصانع الشركة ومشاريعها، وأشار إلى أن الدورة تقسم إلى نوعين الاول يعنى بالمهندسين الاختصاص والآخر يعنى بالملاكات الفنية، وذلك لأعداد ملاكات في بناء محطات توليد الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية، وهؤلاء سيكونون مؤهلين للعمل مع الشركات المحلية والأجنبية العاملة بهذا المجال في البلاد.
سن العمل
وأريد أن أبين حقائق عن معنى العاطل عن العمل، والكلام للمشاور القانوني (قاسم السوداني): لو رجعنا إلى تعريف العمل، لوجدنا بأنه ليس كل من لا يعمل يعد عاطلا عن العمل، وفي الوقت نفسه ليس كل من يبحث عن العمل يقع ضمن فئة العاطلين، ولو كان الفرد قادرا على العمل ولا يبحث عنه فهو يعد عاطلا، فالزاهد عن العمل لا يعد عاطلا، ربة البيت التي تتفرغ كليا لأعمال المنزل ولا تبحث عن العمل، الذين لديهم عقارات أو أسهم أو سندات ولا يعملون وتدر عليهم دخلا لا يعرضهم لمشكلات الفقر وتبعاته.
لذلك (والكلام للسوداني): أن الشخص العاطل عن العمل ينبغي أن تتوافر فيه شروط، منها (أن يكون الشخص بسن العمل وقادرا على العمل)، أن تتوافر لديه الرغبة والاستعداد للعمل، أن يقوم بالبحث الجدي عن العمل، فضلا عن عدم وجود عمل يباشر به، وهذا من أهم الشروط.
برنامج وطني
أوصى (الباحث صباح ثاني)، تحسين المناخ الاستثماري لتشجيع الاستثمارات المحلية والاجنبية، لخلق فرص العمل وبحسب مؤهلاتهم العلمية ووضع نظام حوافز يسهم بجذب المستثمرين، قيام وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وبالتنسيق مع الجهاز المركزي للاحصاء وتكنولوجيا المعلومات، بحصر وتهيئة بيانات عن أعداد البطالة بالعراق، بهدف التعرف على حجمها ونوعها ومحتوياتها لضمان استحداث برنامج وطني يقوم على التنسيق بين شتى الوزارات لخلق فرص العمل التي تتناسب مع مؤهلات العاطلين عن العمل، كذلك صرف اعانات مالية للعاطلين عن العمل من قبل صندوق خاص في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.