يهدد اقتصاد البلاد عراقيون يسرفون بتقديم الطعام والتهامه

منصة 2023/09/13
...

  بغداد: نوارة محمد 


لا تستغرب عزيزي اذا ما شاهدت خروفا مشويا يُقدم لشخصين او مائدة بخمسة أمتار لأربعة أشخاص. الإسراف والمبالغة في تقديم الطعام ظاهرة تنتعش في عراق ما بعد 2003  حتى صُرنا نشهد الكثير من الولائم والموائد العامرة بقدر غير محسوب وهي تُقدّم في صحون كبيرة جدا تزيد عن الحاجة قد يقع اقتصاد البلاد ضحيتها .

عراقيا تقدر نسبة بقايا الطعام المهدورة نحو 43 بالمئة من إجمالي النفايات في البلاد وتزداد حدة هذه السلوكيات بارتباطها بالعادات الاجتماعية والتعبير عن الغنى الطارئ واشباع الجوع النفسي لاسيما بعد سنوات  الحروب وفي ظل ذلك يرى الكاتب والباحث في الانثروبولوجيا الدكتور علي حداد إن " تتغير عادات الطعام لدى المجتمع تبعاً لتغير ظروفه الاقتصادية والاجتماعية التي تؤسس لقيم سلوكية وعادات وتقاليد تستجيب لتلك التغيرات وتمثلها. العراق الذي شهد هزات قيمية هائلة خلال الربع قرن الأخير أثرت كثيراً في بناه المتوارثة على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية، ومعها قيمه الاجتماعية المحتكمة إلى عادات وتقاليد مجتمعية خاصة ومتوارثة غيب الكثير منها، وتردى نحو مآلات السوء واللامبالاة في تقديم الطعام، لأمر الذي لم يعد مما يأبه له الكثير من الناس وقد يزيحونه من حساباتهم المادية،  ما إن تحقق هذه الموائد الطويلة شعور الشبع النفسي تقضي على الكثير من عُقد وخيمة فرضت نفسها  على أبناء الحروب وضحايا الحصار."  ويضيف " كان من الطبيعي ان البداوة التي يعدها مختصون واحدة من سمات المجتمع العراقي تحبذ التنوع في موائد الطعام ومن باب الحفاوة بالضيوف وتقديم يجب أن تُقدم طاولة عامرة  الأكلات كجزء من الوجاهة الاجتماعية." 

هذه العادات غير المنضبطة والتي لا يمكن تجنب اثارها بسهولة تهدد اقتصاد البلاد بصورة مباشرة لاسيما أن البلاد تفتقد إلى الوعي المجتمعي والثقافي وإلى ذلك يرى الخبير الاقتصادي اكرم حنتوش إن "هدر الطعام موجود في كل القطاعات التي لها علاقة بالطعام البيوت والمطاعم ومصانع  الأكل، والحد منها يقف على اختيار أساليب إنتاج ونقل تستهلك موارد أقل، يستطيع من خلالها المصنعون الحد من الهدر والنفايات في الوقت نفسه". ويتابع "يمكننا القضاء على الهدر باعتماد الإعلانات التي تخص الوعي المجتمعي ونشر ثقافة تقليل الاستهلاك في أثناء عمليات الانتاج والاستهلاك  الغذائي".

من جهته يقول أحمد سعد وهو صاحب مطعم فخم يرتاده أصحاب الطبقات العليا في منطقة اليرموك  " يطلب الأفراد  كميات من الطعام أكثر من حاجتهم وهذا أمر شائع، فنحن وفي بوفيهات الافطار الصباحية نجد ان اغلب الناس يأخذون كميات تزيد عن حاجتهم بثلاث مرات، لا أعرف ما سبب ذلك هل هذا جوع نفسي  لدى البعض أم انها تعبير عن خاصية الافتراس عند الكثير من الاغنياء الجدد".