قراءة في مشروع قانون مكافحة جرائم المعلوماتية

العراق 2019/05/06
...

حميد طارش(*)
يهدف القانون الى حماية حقوق الانسان وان مايرد فيه من عقوبات فهي استثناء لمنع انتهاكها ،للاسف مشروع قانون مكافحة جرائم المعلوماتية تضمن عقوبات تزيد على عدد مواده وقد بدأت من عنوانه مما اثار مخاوف جدية لدى المختصين والناشطين خاصة وان مسودته كتبت في شباط عام2011مما يبدو انه جاء كرد فعل على ثورة الشباب في بعض الدول العربية فضلا عن اندلاع اكبر تظاهرة في بغداد ولهذا جاء فضفاضا ركيكا لخلق صورة مخيفة عن استخدام الانترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي التي كان لها الدور الاكبر في اندلاع التظاهرات المذكورة.
كما ان اغلب الجرائم المذكورة في المشروع هي منصوص عليها في قانون العقوبات رقم111لسنة1969المعدل وقانون المطبوعات رقم( 206 ) لسنة 1968 وقانون حماية حق المؤلف رقم 3لسنة1971 المعدل وقانون مكافحة الارهاب رقم (13) لسنة2005 وقوانين اخرى، وكان الاجدر بالمشروع ان لايسهب في ذكرها بطريقة فضفاضة ومقترنة بعقوبات قاسية دفعت المنظمات الحقوقية المحلية والدولية الى استنكارها وانما ينظم ماغاب عن القوانين الاخرى بان ينص على ان جميع الجرائم المذكورة في القوانين العراقية النافذة تكون متحققة فيما اذا كانت الوسائل الالكترونية قد ساهمت بوقوعها،والتركيز على صور جديدة من الجرائم مثل التهكير وسرقة صفحات الاشخاص الالكترونية وانتحال صفتهم واختراق خصوصيات الافراد والمؤسسات لتعطيل حواسيبهم او سرقة معلوماتهم الخاصة وبث مما يفيد في ارتكاب الجرائم.
وهذا يتطلب تعديل قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم(23)لسنة1971 المعدل ليتضمن اجراءات التحقيق اللازمة مع الوسائل الالكترونية على ان تضمن حماية خصوصية الافراد واحترام حرياتهم في التعبير وبخلافه سيكون القانون غير دستوري ويمكن الطعن به والغائه لتعارضه مع حق الخصوصية وحرية التعبير المنصوص عليها في الدستور.
وقد جاء النص في المادة(25)من المشروع على تحديد محكمة جنح او جنايات الرصافة للنظر في الجرائم لمدة ثلاثة سنوات غير موفق وكان الاجدر تجنب ذلك وترك الامر للسلطة القضائية بحسب اختصاصها الدستوري في تطبيق القانون بشكل مناسب.
ومما يلاحظ على المشروع غياب النص على، الاعذار المخففة لكون بعض الجرائم المذكورة قد ترتكب بسبب عدم المعرفة والالمام بالعمل الالكتروني، والاحكام المناسبة للاحداث لكون هذه الشريحة تتعامل بكثرة مع العمل الالكتروني فضلا عن بيان  البديل في حالة عدم دفع الغرامة او العجز في دفعها.
وتجدر الاشارة الى ضرورة وضع استراتيجية سياسات خاصة تتعلق باشاعة الوعي بالاستخدام الامثل للوسائل الالكترونية وكيفية الوقاية من الوقوع في الجرائم المذكورة وتفادي العقوبات المترتبة عليها.
(*)باحث قانوني