٥٦

ثقافة شعبية 2023/09/21
...

كاظم غيلان 



تبتدع مصطلحات لم يتوقع لها أن تكون ضمن مفردات قاموس حياتنا اليومية، فهي إشارات تحمل دلالاتها، ومعظمها مستل من قاموس لهجتنا العامية التي تسلخ نفسها بمرور أزمات وتحولات تشهدها حياتنا تحت وطأة حروب، حصارات، احتلالات، انتفاضات....الخ.

قفز الرقم ( 56)  ليكون إشارة لكل محتال أطل علينا في ظل التغيير الذي حصل منذ سقوط نظام صدام حسين، ويخبرنا قانون العقوبات العراقي إلى أن هذا الرقم مادة قانونية يعاقب صاحبها المحتال بالحبس لمدة خمس سنوات.

ولأن هذا الرقم عد مثار شبهة أعاني أو بالأحرى أخجل من ذكر عام ولادتي في العام 1956 مع أنه العام الذي شهد العدوان الثلاثي على مصر. ولكم التصور اي رقم هذا الذي يقفز على حدث تاريخي بحجم عدوان ثلاثي !؟

هذا الرقم بدأت مجرد الإشارة له على اي شخصية اجتماعية، سياسية، تدفعك للحيطة والحذر والانتباه الشديد في تعاملك معها.

الاحتيال وبمجمل تفرعاته تحول بقدرة مرحلة انهكنا فساد المتحكمين بها إلى جرس إنذار لايختلف بشيء عن صافرات الإنذار التي تطلقها الأجهزة المختصة في سنوات الحرب.

هذا الرقم قفز ليكون مبعث قلق وريبة ولربما تلفت لجهات اربع وضغط على الجيوب ولربما يدفعك لقياس درجة ضغطك.

هذا الرقم متوفرة شخصياته في أوساطنا الفنية والثقافية وبكثرة وتلاقي حظوة بين المغفلين من أصحاب النوايا الطيبة أو مايصطلح عليهم ( من أهل الله) لما في أرواحهم من براءة مطلقة وإعجاب بشخصيات محسوبة وكتبت لها الاقدار أن تدخل في صف المشاهير!!

من عاش معي سنوات الحصار المرير لابد وأن يتذكر شخصية 

(سامكو) المحتال الذي تسبب باحتياله في نكبات عوائل حيث انطلت حيلته على أساتذة جامعات، أطباء، مهندسين.... الخ.

(سامكو ) هذا يقيم بين ظهرانينا اليوم فتجده متعهد حفلات يدعو نجوما عربية وحتى عالمية تحلم ناس العامة برؤيتهم والتقاط الصور التذكارية ( الخالدة ) معها.

سامكو هذا متعهد ثقافي يدعوك لأي مهرجان تتمنى حضوره فكيف اذا كانت دعوتك للمشاركة والحضور معا.

يغريك هذا الـ( 56 ) لطباعة منجزك رواية، قصص، شعر، فلسفة، سياسة حتى لو كانت عن جذور الحركة الماسونية، بل ويتعهد لك بأشراكه في جميع معارض الكتب الدولية.

هذا الرقم بات صاحب حظوة لأصحابه الذين يتمتعون بأمتيازات لاتعد ولا تحصى لعل ( الاحترام ) في مقدمتها. 

لاتستغرب ابدا في أن ترى صاحب هذا الرقم الاحادي أن شاهدته صاحب أحدث السيارات وجليسا لشخصيات( طاكة) وهو يحمل أحدث أجهزة النقال.

انه ( الاستاذ) أو(الحاج) أو( الشيخ) حسب ما يلائم مناسبة اصطيادك عبر وجاهته. 

أن( 56 ) الثقافي الفني دخل وبقوة في منافسة التجاري والسياسي واحتل مقعدا يليق بثقافة زماننا الرث الذي نعيشه. 

هذا الرقم المريب دخل المسرح والسينما والموسيقى والغناء وقفز بقوة لمنظمات مجتمع مدني تحمل ذات الرقم في الرواية والقص والشعر والنقد. اي رقم هذا الذي تحول إلى مصدر خشية ورعب حين يهمس لك صديقك حين يرى صاحبه قادما لك:

 ( اجاك 56).