سرور العلي
فوجئت الشابة سارة رعد بإعداد حفلٍ لها من قبل صديقاتها، بعد خطوبتها وقمن بتحمل تكاليفه، وكإعلان لها على توديع العزوبيَّة، ووسط تعالي أصوات الضحك ونغمات الموسيقى، جلست بفستانها الأنيق، وأمامها كعكة تلتف حولها شمعدانات ملونة، وأطباق للحلوى، والحناء لتزيين أياديهن، وقالت سارة مبتسمة إن “هذا الحفل هو ترفيه لها ولرفيقاتها، وليبقى ذكرى على خروجها من مرحلة إلى اخرى، ودخولها قفص الزوجية».
وأشارت زينب حسن “أحدى صديقات سارة”، إلى أن فكرة الحفل كانت بأتفاق من جميع الصديقات، كونهن مقربات جداً من بعض، ويرغبن دوماً بالمشاركة بأحزانهن وأفراحهن، فقد عشن سنوات دراسية ممتعة بالجامعة، وبقين على تواصل ولقاء دائم من دون انقطاع.
زي موحد
ولا يختلف الشباب عن الفتيات بإقامة مثل هكذا حفلات، إذ حرص المهندس الشاب باسم حامد على إعداد حفل لصديقه عدنان للاحتفال به في أحد المطاعم الفاخرة، ودعوة الأصدقاء الآخرين للحضور، والاستمتاع بأجواء مفعمة بالفرح.
ويفضل البعض ارتداء زيٍ موحدٍ من الثياب لهذه المناسبة، والتقاط الصور، وتقديم هدايا متنوعة، ووضع مجسّمات صغيرة على كعكة الحفل.
وعدّت الموظفة ميعاد جاسم أن تلك الحفلات، هي متنفس للشباب نتيجة للظروف القاهرة، التي عاشها العراق في السنوات الأخيرة، وللتخفيف من الضغوطات وروتين العمل، وللتعبير عن الألفة والمحبة بين الآخرين.
تقليد أعمى
بينما لفت الطالب الجامعي مرتضى محمد أن هذه الممارسات هي دخيلة على مجتمعاتنا، إذ إنَّ ما متعارف عليه هو دعوة العريس أو العروس للأصدقاء أو المقربين، لحضور حفلٍ بسيط، ومن دون تكاليف باهظة للاحتفال قبل موعد الزواج بيوم يطلق عليه (الحنة)، أما الآن فأصبح هناك تأثرٌ كبيرٌ وتقليدٌ، وصرف مبالغ خيالية لقضاء ساعات قليلة بالضحك واللهو. ويرى الشاب سلام أحمد أن تلك ظاهرة جديدة جاءت لنا من الغرب، مع وصول الكثير من العادات والثقافات الدخيلة إلينا، والكثير من الأمور التي لم نعتد عليها في السنوات السابقة، وكل ذلك نتيجة للانفتاح الكبير، وتطور الوسائل التكنولوجية، والتقليد الأعمى من قبل البعض.
التغيير الإيجابي
الباحث في الشأن الأثري د.مثنى الهنداوي بين “هناك بعض المناسبات هي أصيلة في حضارتنا أو في العراق القديم إلى يومنا هذا، وتؤخذ عدة أوجه دينية وسياسية واجتماعية، كأعياد الفطر والأضحى، وعيد الربيع، ورأس السنة البابلية، وهي تقليدية وقديمة، والعراق اليوم أصبح منفتحاً على العالم، وعلى ثقافات مختلفة ومتنوعة، وبالتالي بدأ يستقبل عاداتٍ وتقاليد كثيرة، وبسبب الظروف التي مر بها البلد عدها كثيرون كنوعٍ من التغيير الإيجابي، وللشعور بالبهجة والفرح، ومنها حفلات توديع العزوبية التي يقيمها شباب اليوم”.
طقوسٌ خاصة
التربوي اياد مهدي عباس بين أن الزواج حاجة بايولوجية وجدت منذ خلق الله الكائنات بمختلف أصنافها وأنواعها، وعلى رأس هذه الكائنات الإنسان، فكانت له طقوس خاصة في عملية الزواج والاقتران بزوجة، بعد البحث عنها واختيارها كشريكة لحياته، وأهم هذه الطقوس هي حفلة مراسيم الزواج، وما يطلق عليها في مجتمعنا “حناء ليلة الزفاف”، وهي تعدُّ من أجمل أيام الحياة، لأنها دخول الزوجين مرحلة جديدة من حياتهما، تؤسس إلى بناء أسرة وأطفال، ومستقبل أسري جديد إلا أنه في الآونة الأخيرة، أصبحنا نسمع ونشاهد حفلات تقام من قبل الزوج وأصدقائه قبل زواجه، تسمى بحفلة توديع العزوبية، وغالباً ما ينفرد فيها الزوج من دون إشراك زوجته، لأنها تحدث فيها أمور قد لا توافق عليها هي وذووها، كشرب الكحول ونشاطات ترفيهية أخرى غير معتادة من قبل مجتمعنا، ومعظم هذه الحفلات تكون خاصة ومحدودة على بعض الأصدقاء، وبالتالي هي ظاهرة دخيلة على طقوس الزواج المعروفة لدينا.