هل ستطرقُ الدراساتُ العليا بابَ الجامعات والكليَّات الأهليَّة؟
علي غني
أثار اقتراح لجنة التربية والتعليم في مجلس النواب تساؤلات عديدة في عموم الوسط الجامعي الأهلي، هل ستكون اللجنة جادة في نقل اقتراحها للواقع، أم ستتدخل أطراف أخرى، ويبدأ التسويف!، فما بين التشكيك بقدرة الكليات الأهليَّة على فتح أقسام للدراسات العليا، وما يصدر من تعليمات مشددة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ننتظر التنفيذ.
الرصانة العلميَّة
أكثر من (66) جامعة وكلية أهليَّة في العراق معترف بها رسميَّاً، والأرقام تتزايد في كل عام دراسي جديد، لذلك فإنَّ التعليم الأهلي أصبح منافساً كبيراً للتعليم الحكومي، لكنّ صورته لم تتغير عند العديد من الجهات الحكوميَّة أو غير الحكوميَّة، وهو التشكيك برصانته العلميَّة على الرغم من أن بنايات ومختبرات الجامعات والكليات الأهليَّة بدأت تتطور بل وحتى تتجاوز برقيها على العديد من الكليات الحكومية، وما بين الشد والجذب بشأن اقتراح لجنة التربية والتعليم بالطلب من وزارة التعليم العالي والبحث العملي بضرورة فتح أقسام للدراسات العليا بشرط ان تكون هذه الجامعات أو الكليات الأهليَّة معروفة بالرصانة العلميَّة وتمتلك أساتذة بدرجة (بروفسور)، ومختبرات وبنايات حديثة، ولديها القدرة على استقبال دراسات عليا، لكن لم نعرف لغاية الآن توجه لجنة التربية النيابيَّة للدراسات العلميَّة أم الإنسانيَّة، كما أننا لم نعرف ان المقترح تسلّمته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وشكلت اللجان المناسبة لدراسته، أم بقي مقترحاً فقط.
مراكز بحثيَّة
كنتُ من المقترحين الأوائل لاستحداث أقسام دراسات عليا في الجامعات والكليات الأهلية في العراق، هذا ما قاله لي عميد كلية النخبة الجامعة الاستاذ الدكتور جميل موسى الزيدي (وهو الأديب والباحث والمؤلف)، مضيفاً: بشرط ان تتمتع هذه الجامعات والكليات الأهليَّة بوجود مراكز بحثيَّة تضمُّ أساتذة بشتى التخصصات، ولهم الخبرة في البحث الجامعي، ومشهود لهم بالإشراف على العديد من رسائل الماجستير وأطاريح الدكتوراه.
وواصل حديثه (البروفسور جميل موسى): إنَّ أغلب الجامعات والكليات الأهليّة يدرس فيها أساتذة بدرجة (أستاذ دكتور) وبتخصصات علمية وإنسانية، لا سيما من الاساتذة الذين نالوا استحقاقهم التقاعدي من الجامعات الحكومية، ولديهم الرغبة الحقيقية في إكمال مسيرتهم العلمية في الجامعات والكليات الأهلية.
مختبرات حديثة
وتابع (الزيدي): إنَّ أغلب هذه المؤسسات الجامعية الأهليّة تمتلك مختبرات ولوازم بحثيّة وملاكات علميّة بحثيّة، وهي قادرة على استقبال عدد غير قليل من الطلبة الذين يرومون إكمال دراساتهم العليا داخل العراق، وهذا يقلل من عناء السفر للخارج فضلا عن عدم خروج العملة الصعبة من الوطن.
ولإنجاح هذا الاقتراح النيابي (والكلام لعميد كلية النخبة الجامعة): يمكن ان تتولى الجهات المسؤولة عن ذلك في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي برنامجا علميا رصينا ضمن مبادئ وسياقات العمل البحثي بعد إشباعه بالبحث والمناقشة مع أصحاب الاختصاص، وكذلك ان تكون الضوابط والشروط والأجور الدراسية تخضع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
كما يمكننا (والكلام للأستاذ الدكتور جميل موسى): ان نستحدث (مركزاً بحثيّاً مركزيّاً) تابعاً لدائرة التعليم الأهلي وبإشراف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ويدعم من الكليات الحكوميّة والأهليّة.
أثر إيجابي
ووصف عبد الرحمن الظاهري/ مقرر رابطة الكليات الأهليّة/ اقتراح لجنة التربية والتعليم بافتتاح أقسام دراسات عليا في الجامعات والكليات الأهلية بأن له الاثر الايجابي على سير العملية التعليمية طالما ان جامعاتنا وكلياتنا الأهلية هي ضمن مراقبة وإشراف وزارة التعليم العالي، ولا يمكن الطعن بموضوع الرصانة لاخضاعه لتعليمات وتوجيهات الوزارة.
وتابع (الظاهري): ان افتتاح هذه الأقسام سيوفر مقاعد دراسية للطلبة الذين لم يحصلوا على مقاعد دراسية في الكليات الحكومية، كما سيجنب العديد من الطلبة العراقيين الراغبين بإكمال دراساتهم العليا السفر للخارج وخسارة الأموال من العملة الصعبة وعناء الغربة، كما ان الحصول على الشهادة من الكليات الاهلية المعترف بها يغنينا عن مسألة معادلة الشهادة، فضلا عن أنه يمكننا من استثمار المبالغ المالية في تطوير جامعاتنا الأهلية والحكومية.
ضجة مفتعلة
ونوّه (مقرر رابطة الكليات الأهلية): ان تجربة استحداث الدراسات العليا في الجامعات والكليات الأهلية هي ليست وليدة اليوم واثبتت تجربة استحداث معهد المعلمين الذي تخرج منه أكثر من دفعة من خريجي شهادة الماجستير ولم تؤشر عليه أي سلبية طيلة فترة الدراسة إلى جانب أن استحداث الدراسات العليا في الجامعات والكليات الأهلية سيسهم بزج العديد من اساتذة الجامعات الحكومية ممن أحيلوا على التقاعد وهم من خامات التعليم العالي في الاختصاصات كافة.
وتساءل (الظاهري وهو الإعلامي والحقوقي)، عن مبررات الضجة المفتعلة من بعض وسائط الإعلام في عشية إقرار قانون السماح للجامعات والكليات الاهلية باستحداث دراسات عليا وتأزيم الشارع بعدم قدرة الجامعات والكليات الاهلية من خوض هذه التجربة وان الكليات الاهلية قد فشلت في الدراسة الأولية، فكيف يمكنها خوض هذه التجربة، ومما تقدم فإنّ موضوع رفض هذا الاستحقاق وفق آليات وتعليمات الوزارة يعد هجمة مفتعلة في سبيل استمرار هجرة طلبتنا إلى الخارج وما يرافق ذلك من خسارة اموال طائلة.
موافقات رسميَّة
وتفاءل الاستاذ الدكتور حيدر طالب الإمارة/ رئيس جامعة البيان/ باقتراح لجنة التربية والتعليم في مجلس النواب، مؤكدا ان موضوع فتح دراسات عليا في الجامعات والكليات الأهلية نص عليه قانون التعليم الاهلي رقم (25) لسنة 2016، لكن عند تقديم الطلبات من الجامعات والكليات الأهلية، استنادا لهذا القانون، كان ردّ الوزارة في حينها التريث لحين استكمال الاجراءات بهذا الخصوص.
وتابع (الإمارة): بالتأكيد الجامعات الأهلية عند حصولها على الموافقات ستقوم بفتح أقسام للدراسات العليا، وعلى الأغلب ستبدأ على مستوى الماجستير وترتبط بتوأمة مع جامعة حكوميَّة بالقسم المناظر وتعتمد بموجبها المفردات والساعات الدراسيّة، وجميع المتطلبات التي تشترطها الجامعات الحكوميّة.
مخرجات عالية
وبودي أن أقول لك -حقيقة- ان التجربة ستنجح تماما، لان الجامعات والكليات الأهلية تتوافر فيها جميع معطيات النجاح من اساتذة بدرجات علمية عالية (استاذ دكتور) وجلّهم من متقاعدي الجامعات الحكومية، فضلا عن وجود الاساتذة المعارة خدماتهم من الجامعات الحكومية إلى الجامعات الأهليّة، إلى جانب تطابق المفردات الدراسية والمناهج وكذلك توافر المستلزمات المادية التي تكون الجامعات الاهلية ملزمة بتوفيرها وبإشراف وموافقة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، فكل هذه العناصر تؤكد استعداد الجامعات الأهلية لفتح دراسات عليا.
واختم كلامي (والكلام للبروفسور الإمارة): لو تحقق ذلك وتوافرت الشروط سنحصل على مخرجات للدراسات العليا هي أعلى كفاية علمية مما تتوفر في جامعات الابتعاث.