نافع الناجي
بعد سنوات من الشح المائي المرتبط بانخفاض إطلاقات المياه في نهري دجلة والفرات والواردة من الجارة التركية، من تسعمئة متر مكعب في الثانية خلال العام 1960 إلى مئتين وخمسين متراً مكعباً في الثانية في العام 2003، وعلى الرغم من الزيادة السكانية الكبيرة التي شهدها العراق وزيادة الاستخدام الزراعي والصناعي، أدركت الجهات الزراعية أهمية الإدارة الرشيدة لملف المياه والعمل على استخدام التقنيات الحديثة في السقي.
تقانات حديثة
يقول رئيس المهندسين الزراعيين عامر جبار لـ (الصباح) "نحتاج بشدّة إلى متطلبات الريّ المتمثلة في تقانات وأجهزة الري الحديثة، وقد وضعنا دراسة كاملة في موضوع التوسّع في مجال أجهزة الرشّ المحوريَّة، عبر تجهيزها وإقتنائها من خلال شركات متخصصة، وفتح الاستيراد إلى الجانب التجاري وفتح حقائب في المصارف الزراعيّة، ومن ثمّ سوف نوفّر هذه الأجهزة الحديثة ونزيد الرقعة الزراعيّة المستصلحة". وتؤمن المرشّات المحوريّة فضلا عن شبكات السقي بالتنقيط، الإفادة القصوى من المياه مع الحفاظ على خصوبة التربة وتسجيل زيادة كبيرة في المساحات الزراعيّة المستصلحة، هذا ما تقوله الدراسات الحديثة ويؤكد مسؤولون العمل عليه.
منظومات ريّ ومرشّات حديثة
يضيف المستشار الزراعي عبد الوهاب فليح من جهته، لـ (الصباح)، أن "هذه المنظومات والمرشّات الحديثة، تقلل من الهدر في المياه وكذلك فهي تتلاءم مع الوضع الحالي، إذ يعاني البلد فيه بصورةٍ عامة من ملامح الجفاف وانحسار كميات المياه الواردة".
وتابع فليح: "التقنيات الحديثة التي يجب استثمارها بالشكل الصحيح أصبحت ضرورة حتميَّة في الوقت الراهن، ليس في العراق وحده بل في كل بلدان المنطقة التي ضرب الجفاف أصقاعها".
دعم وقروض
المزارعون من جانبهم يطالبون بمشاركةٍ حكوميّةٍ أوسع، في توفير الأسمدة والبذور وهي إلى جانب الدعم المقدم من الجهات الحكوميّة الساندة كالوقود والقروض الزراعيّة، عوامل تضمن انتعاشاً غير مسبوق للقطاع الزراعي وتأمين السلة الغذائيّة للبلاد.
يقول المزارع عبد الرضا العويلي "كي نحقق هذا المشروع الذي يريده ويطالب به دولة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، يجب أن يكون هناك دعم للفلاح من ناحية الأسمدة والبذور، ومن ناحية دعم المنتج الوطني، وحينها سيتضاعف انتاجنا وقد نصل إلى الاكتفاء الذاتي في المحاصيل الستراتيجية كالحبوب وغيرها".
انخفاض مناسيب الأنهر
الى ذلك يرى خبراء أن تجاهل دول المنبع لما يعانيه العراق من انخفاضٍ واضحٍ في مناسيب نهري دجلة والفرات، سيزيد من نسب ملوحة المياه ولا سيما في المحافظات الجنوبيّة والفرات الأوسط، مطالبين الحكومات المحليَّة بخطواتٍ جادة لمنع رمي المخلّفات الطبيَّة والصناعيَّة إلى مجرى الأنهر مع قلة الواردات المائيَّة الآتية من دول المنبع وشحتها التي تتزامن مع ظاهرة الاحتباس الحراري.
يقول المهندس علي حسين فرحان: "هناك مخاوف بزيادة الملوحة في المدن الواقعة على نهر الفرات التي ترمي مخلّفات الصرف الصحي في النهر"، وأضاف فرحان: "طالبنا وزارة الموارد المائيَّة بضرورة اتخاذ إجراءاتٍ سريعة لتثبيت الكثبان الرمليَّة التي يؤدي زحفها إلى تلويث مياه الأنهر، في وقت تشهد البلاد زيادة نسب التصحّر والجفاف واستمرار التغيرات المناخيَّةن الأمر الذي يتطلب تضافر جميع الجهود لتدارك هذه المشكلات".
القضاء على الملوحة
وزارة الموارد المائيَّة من جهتها تعمل على تقنين وإنهاء ملف الأملاح في نهر الفرات، وخصوصاً في محافظتي المثنى وذي قار، حيث عملت على مجموعةٍ من المنشآت التحويليَّة لسحب مياه المبازل ودفعها بإتجاه المصب العام.
كما أعلنت الوزارة مؤخراً عن البدء بالمرحلة الأولى لمعالجة الملوحة في نهر الفرات ابتداءً من الشنافية في محافظة الديوانيَّة وصولاً إلى ذي قار مروراً بالسماوة، والغاية منها تحويل المبازل التي تصب في نهر الفرات حالياً إلى المصب العام، أما المرحلة الثانية فستكون بتحلية المياه بعد رفع الترسّبات الملحيَّة.
محطات التحلية
وبالتزامن مع كل تلك المشكلات التي يواجهها قطاعنا الزراعي وخروج ملايين الدونمات من الخطة الزراعيّة الشتويّة للعام الحالي، لا يمكن التغاضي أو نسيان النقص الكبير في المياه الصالحة للشرب في العديد من كبريات المحافظات في البلاد، ولا سيما البصرة التي تعاني منذ سنوات من شحٍ هائل في تجهيز المياه العذبة الصالحة للشرب، الأمر الذي رفع من وتيرة المطالبات بإعادة إحياء فكرة مجمعات تحلية مياه البحر بطريقة (التناضح العكسي) وتوفيرها كمياه شرب للأهالي أسوةً بما معمول به في معظم بلدان الخليج المجاورة.