أمير البركاوي
يحاول كل من (س، م) و(م، هـ) الشروع بمعاملة الطلاق، فالانفصال وحده هو ما سيحقق لهما غايتهما، فتجاوزا كل المحظورات والقيم المجتمعيّة والدينيّة، لم يستمعا للأقارب ولا للأصدقاء، كان هدفهما أن يحققا الأمان المادي كما وصفاه، فهما يريدان الانفصال عن بعضهما بأسرع وقت ممكن رغم الحب الذي يجمعهما، إلا أن الهدف لم يكن إلا "راتب الرعاية الاجتماعية".
ضياع الأسر
للإنسان قيم ومبادئ لا يمكن أن يتخلى عنها تحت أقسى الظروف التي تمر به، فمن غير المنطقي الاحتيال على القانون بطرق ملتوية وخداعه تحت أي ذريعة للحصول على مكاسب مادية غير مشروعة، ومن هذه الأفعال قيام بعض الرجال بتطليق زوجاتهم وبعد الحصول على راتب إعانة اجتماعية يُعيد زوجته بعقد رجل دين فقط كاحتيال على القانون، لهذا كانت لنا وقفة تحقيقيَّة.
وتتناقل القصّة من امرأة إلى أخرى عن كيفيَّة وصول هذه الأسرة إلى التشتت، وما هي مسببات ذلك، لنجد بأنَّ البعض منهم قد تعمّد الطلاق، إذ إن (م،ح) قد وافقت زوجها على الشروع بمعاملة الطلاق بسبب حياة الفقر المدقعة، وما كان هدفهما إلا استحصال راتب الرعاية الاجتماعية الذي سيزيل جزءاً من هموم المعيشة التي يشكوان منها".
56
يرى الخبير القضائي فلاح العزاوي، أنّ قانون الرعاية الاجتماعية رقم 11 لسنة 2014 حدد الفئات المستحقة للحصول على راتب الرعاية الاجتماعية وهن الأرامل والمطلقات والتي زوجها محكوم ولا معيل لديها والعاجزة عن العمل.
وأضاف، أما بالنسبة للرجال فكل شخص تجاوز الستين عاماً ولا يوجد لديه مورد رزق يستحق بعد تأييد لجنة طبيَّة أنّه مصاب بمرض مزمن أو نحو ذلك، هنا القانون ينطبق على المقيمين من غير العراقيين ولديهم اقامة أصوليّة أيضاً ينطبق عليهم ذلك، مشيراً إلى أنَّ، "موضوع أن يطلق شخص زوجته بدوافع الحصول على الراتب بشكل مخادع فيعاقب وفق المادة (456) نصب واحتيال على الدولة، ولكن بشرط أن يثبت القضاء أنّه مخادع وزوجته ما زالت بذمته وطلقها شفاها أو نحو ذلك، ويسترد كل مبلغ أخذه من الدولة".
جشع
يقول الشيخ محمد الكريطي، إنَّ الدين يحرّم كلّ مال يؤخذ بطريقة غير قانونية فهو حرام، اي اذا قام بتزوير وثيقته أو جلب شهود زور، ولو كانت خطوة واحدة مزورة من عدة خطوات فهو حرام.
وأضاف، أن هناك عناوين مثلا عاطل عن العمل أو مطلقة أو أرملة اذا كانت امرأة فإن الشرع الاسلامي يطلب انطباق العنوان عن الحقيقة انطباقا حقيقيا، فمثلا اذا طلّق الزوج زوجته شرعاً وقانوناً وبعد الحصول على راتب الرعاية أرجعها زوجها من دون تثبيت ذلك قانوناً فإنَّ الحكم الشرعي عدم جواز أخذ هذا المال لأنّه لم ينطبق عليها العنوان انطباقا حقيقيا. مشددا على، أن لا يتم تبرير هذه الأفعال بأي شكل من الاشكال لا بضعف مستوى المعيشة ولا أي سبب آخر.
نهاية القيم
فيما عبر التربوي علي فلاح، عن ظاهرة الطلاق من أجل إعانة اجتماعية بانّها جشع مادي وهذا يؤدي إلى انهيار القيم الاخلاقيّة للمجتمع وتتحمّله الدولة، لأنها لم توفر متطلبات المواطن العراقي التي كفلها الدستور له.
ويمضي قائلا: إنَّ هذا الفعل فضيحة وعدم مسؤولية من الفرد الذي يطلق زوجته قانونياً حتى تتسلّم راتب اعانة من الدولة، وهنا خلل واضح أصاب منظومة القيم الأخلاقيّة للمجتمع. بينما عزا الخريج الجامعي كرار الزيادي، غياب شخصية الرجل لهذا الفعل لأنّ الرجل هو من يتحمل المسؤولية، ولا يتجه إلى الطرق السهلة والمذلة ليحصل على المال.
ويسترسل الزيادي، لا الفقر ولا غيره يسوّغ أن يقوم الزوج بطلاق زوجته ليحصل على راتب من شبكة الحماية الاجتماعية، فالعلاقة الزوجيَّة أسمى وأنبل من كل شيء، واذا طلقها بسبب الفقر أو للحصول على أموال فكيف تأمن أن تعيش معه والانسان معرض لكل شيء.