الحملة الورديَّة لمكافحة سرطان الثّدي

ريبورتاج 2023/10/18
...

  عواطف مدلول  
  تصوير: كرم الأعسم

تزامناً مع شهر التوعية بسرطان الثدي (اكتوبر الوردي) وتحت رعاية السيد رئيس شبكة الإعلام العراقي الدكتور نبيل جاسم، أقام قسم تمكين المرأة بالشبكة احتفاله السنوي بإطلاق الحملة الورديَّة لمكافحة سرطان الثدي، والتي تضمنت من بين فقراتها تنظيم ندوة تثقيفيَّة، بالتعاون مع قسم تمكين المرأة لدائرة صحة بغداد الكرخ/ شعبة السيطرة على السرطان، وذلك بمعهد التدريب الإعلامي بمقر الشبكة.
حيث أكدت رئيس قسم تمكين المرأة في الشبكة د. إسراء العطار أن تلك الحملة هذا العام تأتي كجزء من مهام القسم ضمن محور التمكين الاجتماعي، (توفير الرعاية الصحيّة والوقاية) في الاستراتيجيّة الوطنيّة للمرأة العراقية 2023/2030.
قرارات مستنيرة
 مشيرة إلى ضرورة التثقيف بمرض سرطان الثدي لأنَّ ذلك يلعب دورًا حاسمًا لزيادة التوعية بالمخاطر المحتملة والعوامل والأعراض والوقاية منه، وكذلك في تشجيع الكشف المبكر والتعريف بالخيارات العلاجيّة المتاحة، وتوفير المعلومات المهمة والاساسية لموظفاتنا وأفراد أسرهن، فالتثقيف الصحيح يساعد بتصحيح المفاهيم الخاطئة والمعلومات غير الدقيقة بشأن سرطان الثدي، وعن طريق ندوات قسمنا يتم توفير المعلومات العلميّة الصحيحة والمحدّثة للعاملات، لتمكينهن من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الوقاية والكشف المبكر والعلاج.
لافتة إلى أنَّ النقطة الأهم التي نحاول الوصول اليها هي التشجيع على الكشف المبكر الذي هو أحد أهم أهداف التوعية والتثقيف، يتضمن ذلك توفير المعلومات عن فحوصات الكشف المبكر مثل فحص الثدي الذاتي، إذ ساعدتنا الدكتورة همسة حسين علوان، اختصاص نسائيَّة تعمل في مركز صحي بالصالحيَّة، على تعليم الموظفات آليّات ذلك الفحص، فضلا عن إجراء فحص بعض الموظفات الراغبات في مكان مخصص بذلك، وتحويلهن للمراكز المختصة لغرض إجراء التصوير بالأشعة والماموغرام، وتوعية النساء بأهمية إجراء هذه الفحوصات بانتظام.

الدعم النفسي
مضيفة: ومن أهم النقاط التي نحاول تحقيقها في الندوات هي الدعم النفسي والعاطفي الذي نقدمه للمريضات وأسرهن، من خلال توفير المعلومات عن الموارد المتاحة مثل مجموعات الدعم والمستشارين والخدمات الاجتماعية، يمكن ذلك أن يشعرهن بالاطمئنان.
ونحاول المساهمة في تعزيز الاسناد المجتمعي لأيِّ مريضة وتحقيق التفهم والتعاطف، إذ يمكن للمجتمع أن يسهم في تخفيف العزلة والتمييز لدى المريضة.
موضحةً بأنَّ أكتوبر الوردي هو شهر التوعية بسرطان الثدي ويعتبر فعاليّة عالميّة تهدف إلى زيادة الوعي بأهمية الكشف المبكر عنه، وتشجيع النساء على إجراء فحوصات منتظمة، إذ تشمل أنشطة القسم خلاله تنظيم حملات التوعية والبوسترات وتوزيع الورود والأشرطة الورديَّة، إذ إن الحملة الورديَّة تكون في جميع وسائل الشبكة للتوعية بأهمية الكشف المبكر، ويتم توفير فحوصات مجانية للنساء خلال هذا الشهر سواء فحص الثدي الذاتي أو الفحص السريري والماموغرام للنساء اللائي قد تكون لديهن صعوبة في الوصول إلى الرعاية الصحية، أو الفحوصات الروتينية، فضلا عن انشغال النساء العاملات؛ لذلك نعمل على إنجاز الموضوع كجزء من الدوام الرسمي، وتهيئة المعلومات والموارد لمساعدتهم في التعامل مع التحديات النفسيَّة، ومع ذلك، يجب أن نذكر أن أكتوبر الوردي هو مجرد فترة توعويَّة وتشجيعيَّة، وينبغي على النساء أن يُوْلِيْنَ اهتمامًا لصحتهن طوال العام ويُجرِينَ الفحوصات اللازمة وفقًا لتوصيات الأطباء.
أنجزنا كارتات الفحص التي كانت بالتعاون مع قسم تمكين المرأة في وزارة الصحة، نثمن جهودهم المبذولة هذه، وكذلك نقدم الشكر للأطباء الذين شاركوا بالندوة التي عقدت هذا الأسبوع.  

كروبات علاجيَّة
وفي إطار الندوة التي نظّمت الاثنين الماضي تحدثت الدكتورة مروة منعم مجيد، مديرة شعبة التنمية المجتمعية/ صحة الكرخ، عن مرض سرطان الثدي واعتبرته من أكثر أنواع السرطانات التي تصيب المرأة بحدود النصف أي ما يعادل خمسين بالمئة كما أنه يصيب الرجال بنسبة أقل بحدود نصف إلى واحد بالمئة، مبيّنةً أنَّ المرأة هي أساس الأسرة ومحور البيت لأنّها تحتضن كل أفراده وفي حالة اكتشاف المرض لديها ذلك قد يسبب أزمة نفسيَّة وتتعرض إلى الإحساس بالخوف حدَّ الهلع، وتبدأ تظهر لديها أمراض لا تتعلق بسرطان الثدي نفسه لكن تحصل نتيجة سوء الوضع النفسي بعد اكتشافها للمرض؛ لذا يجب أن نعتني بها اثناء هذه الفترة بقدر عنايتنا بالحالة الجسديَّة والأعراض والعلاجات فأكثر النساء يصبح لديهن إحساس بالخيبة والياس من الحياة وينتابهن شعور بأن لا معنى لها وأنّهن يتجهن بخطوات نحو الموت لهذا في الآونة الأخيرة، ومع تطور الطب تمَّ إنشاء كروبات للنساء المصابات من أجل عمل جلسات علاجيّة نفسيّة لهن حتى يتجنبن الآثار المصاحبة للإكتئاب.

سلوكيات متعادلة
وتنصح الدكتورة مروة في حالة إصابة امرأة بالأسرة بذلك المرض أن يتم التصرّف بحكمة وهدوء، بعيداً عن التهويل والبكاء لا سيما خلال اللقاء بها، وعدم إشعارها وكان من حولها يقوم بتوديعها وأنّه يرغب برؤيتها كثيراً قبل الفراق عنها وبالوقت ذاته لا يمكن أن نهمل المرض بطريقة نشعرها بأنه لا تحتاج أخذ أدوية وإقناعها بأنّه يغادر وحده، وترك الأمر على الله، إذ يجب أن تكون سلوكياتنا تجاهها متعادلة أي أن نعيش بشكل طبيعي بالكلام والتصرّفات ونوفر لها بيئة مشابهة للأيام العادية لكن نحفزها ونشجعها أن تهتم بكورسات العلاج وتحتفظ بمعنوياتها عالية وتستمر بالتواصل مع طبيبها وتنتظم على أدويتها، فقد تتعرّض لمشكلات كثيرة وأمراض إضافية فوق السرطان جراء تفكيرها المفرط بوضعها الاجتماعي خلال الاصابة وبعد الشفاء والعودة للعمل أو القدرة على الانجاب خاصة إذا كانت صغيرة بالعمر.
وتشدد الدكتورة مروة على ضرورة الوقوف جميعاً مع المصابة لغاية تجاوزها هذه المرحلة، فكثير منهن استطعن التخلّص منها وعبورها بالانتصار على المرض وحتى لو كانت قد وصلت لدرجة الانهيار ينبغي  تقديم الدعم النفسي لها من دون أن تشعر بالكلام والحوار معها والطلب منها أن تذكر أكثر شيء له قيمة بحياتها، ومهم جداً بالنسبة لها خلال تلك الفترة ومساعدتها أن تشارك أوقاتها بالخروج وممارسة الحياة الاجتماعيَّة.

المرحلة الصفريَّة
من جهته بيَّنَ الدكتور حيدر سامي عبد الرزاق، أخصائي طب الأسرة قطاع الكاظمية، أنَّ الهدف لدى أطباء الأسرة باعتبارهم وقائيين قبل أن يكونوا علاجيين (فالجراح مهمته أن يعالج المرض بعد اكتشافه) أن يمنعوا حصول المرض أو اكتشافه بمراحله الأولى قبل أن يأخذ بالاستفحال وتظهر فيه المضاعفات التي تجعل من الشفاء عملية صعبة.
مركزًا على أهم شيء بالموضوع وهو عدم الخوف تمامًا لا سيما أن تسعين بالمئة من حالات أورام الثدي هي حميدة، ولا تدعو للقلق، يعني اذا أجرت امرأة فحصًا وجدت فيه عُقَدًا، فإنَّ تسعين بالمئة هي حالة حميدة ليس فيها ضرر، وعشرة بالمئة ممكن تكون سرطانيَّة، ومع ذلك فإنَّ العشرة بالمئة نسبة الشفاء التام فيها من سرطان الثدي ممكن أن تتراوح بين 95 إلى مئة بالمئة، ولكن بشرط اذا اكتشف بوقت مبكر أي بالمرحلة الصفريَّة أو مرحلة واحد كما نسميها بالطب، فالرسالة الأهم اليوم الاكتشاف المبكر.
وبخصوص عوامل الخطورة الخاصة بسرطان الثدي، فقد حدد أنَّ بعضها لا نستطيع التحكم بها والبعض الآخر يمكننا معالجتها ومن العوامل الثابتة هي (الجنس) حيث أن نسبة الإصابة للسيدات أكثر بكثير من الرجال، ومن كل مئة سيدة مصابة بسرطان الثدي لدينا رجل واحد مصاب بنفس هذا المرض؛ لأن هذا السرطان يحب هرمون الاستروجين وهو الهرمون الأنثوي الذي يعيش عليه ونسبته أكثر عند النساء.

سن الأمل
ومن العوامل أيضًا العمر إذ إنَّ نسبة الاصابة تزيد مع التقدم بالعمر، سن الاربعين فما فوق، وكذلك الاستعداد الوراثي، فالأسر التي لديها حالات اصابة سابقة بسرطان الثدي بناتهم عرضة اكثر للاصابة به.
فضلًا عن ذلك فإن البلوغ المبكر وفترة الاخصاب كلما زادت ارتفع هرمون الاستروجين معها، إذ إن خلال العشر سنوات الاخيرة وربما اكثر قليلا، نلاحظ معدلات اعمار البلوغ عند الفتيات الصغيرات اصبحت اقل، مثلا كانت سابقا البنت بـ 11 أو 12 أو 13 سنة تبلغ، أما الان فبعمر الثامنة أو التاسعة، وبرأيي الشخصي ذلك يحصل بسبب الاغذية المصنعة والمعالجة الهرمونيَّة فنحن نعرض بناتنا إلى نسب من الاستروجين العالية؛ لذا اجسامهن تشعر بأنهن وصلن لأعمار أكبر ويبدأنَ بالبلوغ بأعمار أصغر.
أما العوامل المتغيرة التي ممكن أن نسيطر عليها ونتدخل بها، ففي مقدمتها السمنة وزيادة الوزن فالبدينات معرضات للاصابة بسرطان الثدي لان الاستروجين تلائمه البيئة الدهنية، فضلا عن عدم الانجاب أو التاخر بالانجاب والامتناع عن الرضاعة الطبيعية، فالرضاعة وقاية من الاصابة بسرطان الثدي وحصانة للعمر كله كذلك التدخين خاصة بعد أن اصبحت ظاهرة منتشرة بين النساء حتى بالاماكن العامة ومن قبل فتيات باعمار المراهقة إلى جانب تناول أدوية تحتوي على هرمون الاستروجين، إذ أحيانا بعد فترة انقطاع الطمث أو ما تسمى (سن الامل) تظهر أعراض لا تعالج إلا بتناول حبوب أو كريمات تزيد من هذا الهرمون، وذلك يؤثر في توفر فرص أكبر للإصابة بسرطان الثدي.

برنامج وزارة الصحة
وبالنسبة للعلامات والأعراض يلفت الدكتور عبد الرزاق قد لاتكون هناك أعراض أي صامت لا يكتشف إلا عن طريق الفحص، وهذا هو هدفنا لأنه اذا وجدناه بتلك المرحلة نحصل على نسبة شفاء عالية.
وربما يحصل تضخم بالعقد اللمفاوية من دون ألم أو ظهور كتل أو عقد بالصدر وأحيانا إفرازات منه غير طبيعيّة، خصوصًا اذا صاحبها خروج دم وحكة وتقرح أو احمرار وتقشر، وكذلك انبعاج الحلمة نحو الداخل وتثخن جلد الثدي فنادرًا ما يكون هناك شعور بالألم، وبالمختصر المفيد أي شيء غير طبيعي يحصل بالثدي يجب الذهاب للفحص إذ إن كل المراكز الصحيَّة والمستشفيات القريبة من أماكن السكن تستقبل النساء خاصة وان لدى وزارة الصحة برنامج للكشف المبكر عن سرطان الثدي بالعراق.
واختتم الدكتور حيدر سامي عبد الرزاق حديثه بالتطرّق إلى الوقاية من خلال تغيير نمط الحياة إلى نمط صحي أكثر، والإشارة إلى أهمية الفحص من عمر العشرين فحص ذاتي كل شهر مرة بعد الدورة بأسبوع بينما تحتاج المرأة بسن الثلاثينات إلى الذهاب للطبيبة لإجراء الفحص سريري كل ثلاثة سنوات، وكذلك القيام بالفحص الذاتي في البيت كل شهر مرة وبعد  الأربعين تواصل كل شهر فحص ذاتي وكل سنة فحص عند طبيبة وفحص أشعة الثدي.