سايكولوجيا الإتجار بالبشر

منصة 2023/10/19
...

يشهد العالمُ الآن ظاهرة أقلقت علماء النفس والاجتماع، اصطلح على تسميتها عالمياً (ظاهرة الإتجار بالبشر). والمقلق أكثر أن هذه التجارة جاءت بالمرتبة الثالثة بعد تجارة المخدرات والسلاح!. ونرى نحن السايكولوجيين أن ظاهرة الإتجار بالبشر هي أخطر مهدد للقيم الأخلاقيَّة والدينيَّة، وأنها (الأرضة) التي تنخر المجتمع من الداخل، وأنها أكبر مهدد لمستقبل القيم الإنسانيَّة على مستوى العالم.
وإذا كانت أسبابها المعروفة، محددة بالفقر والحرمان والبطالة والثقافة الذكوريَّة والشعور باليأس من إصلاح الحال، فإنَّ أخطر أسباب شيوعها ظهور ما صارت تسمى عالمياً ثقافة (الأنومي)، وتعني غياب المعايير الاجتماعيَّة، وشيوع ثقافة جديدة مستحدثة وقناعات تتيح لفاعلها إضفاء صفة الشرعيَّة المبررة، مستغلة الحالة النفسيَّة لملايين يعانون القهر والحرمان وقساوة العيش وانعدام فرص الحياة الكريمة، لتوصلهم الى مبرر (الضرورات تبيح المحظورات)!.

وليت المحظور هنا محدداً ببيع (كلية) أو عضوٍ آخر في الجسم، لكنَّه يتعداها الى بيع طفلٍ، وزواج فتاة لم تكمل الثالثة عشرة من عمرها، واغتصاب امرأة، ودفع خمسين ألف امرأة سنوياً الى ممارسة الدعارة!. 

موثقة عالمياً.

الأخطر علينا نحن العراقيين، أنَّ أقوى أسباب هذه الظاهرة قد حلَّت في مجتمعنا العراقي بعد 2003، بوصول عدد الفقراء الى 13 مليوناً باعتراف وزارة التخطيط، مع أنَّ العراق هو أغنى بلدٍ في المنطقة، وشيوع الفساد وانعدام العدالة الاجتماعيَّة والانفلات الأمني والتشاؤم من المستقبل.

وما يهمنا هنا التنبيه عبر أوسع الجرائد العراقيَّة انتشاراً (الصباح) الى أمرين:

الأول: ما هي الآثار النفسيَّة لدى ضحايا الإتجار بالبشر؟

الثاني: كيف يمكن الحدّ من هذه الظاهرة الخطيرة على الدولة والمجتمع؟

إنَّ أخطر الآثار النفسيَّة لضحايا الإتجار بالبشر هي: الانتحار، وتحول الضحيَّة الى مجرمٍ بدافع الانتقام، وانتهاك المحرّمات، وتجنيد (الجميلات) من الضحايا للتجسس على وطنهنَّ.

ومع أنَّ وزارة الداخليَّة العراقيَّة تعملُ بنشاطٍ للحدّ منها ومن تجارة (أختها) المخدرات، فإنَّ على المؤسسات العلميَّة التربويَّة والنفسيَّة والدينيَّة والإعلاميَّة، والمنظمات المدنيَّة، دعمَ جهودها بعقد ندوات توعية للفئات المستهدفة بشكلٍ خاصٍ تركز على إحياء الشعور باحترام حقوق الإنسان الذي هو أكرم مخلوقات الله، بما يحقق توحيد الدولة والمجتمع في مكافحة أحقر تجارة عرفها 

التاريخ.