الكوفية والخارطة والعلم.. رموز التضامن مع فلسطين

منصة 2023/10/23
...

 عواطف مدلول

تعود الكوفية الفلسطينية للصدارة مجددا كرمز لنصرة ودعم الشعب الفلسطيني، منذ انطلاق عملية (طوفان الاقصى)، وتصاعد عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، واتساع جبهات الحرب العنيفة التي ادت لسقوط آلاف الشهداء، لا سيما ضحايا الانتهاكات الصهيونية الخطيرة بحق المدنيين الأبرياء. فقد انتشر استخدام الوشاح الذي يلف حول الرقبة والصدر أو على الرأس، إلى جانب الاكسسوارات الأخرى، التي تمثل دولة فلسطين، حيث يتم تشكيلها بابداعات فنيَّة، على هيئة خارطة أو اسم، إضافة إلى العلم، اذ يسعى الكثير من الشباب العراقي، لتحويل جميع تلك الرموز، خصوصا التي تعتبر جزءا من تراث وثقافة الفلسطينيين، إلى ملابس يمكن ارتداؤها بتلك المناسبة، كنوع من التأييد والتلاحم مع الشعب، الذي يواصل ثباته أمام الغارات المعادية.

قطعٌ أنيقة

 ترى الخياطة الحاجة أنعام (أم سامر) أن موضة (اليشماغ) لم تنتهِ، وفي حالة تجدد دائم، لأن اصله عراقي، ومعروف 

ذلك الامر عبر التاريخ، لكن لم يكن مسبقا مستعملا بملابس النساء، إلا في السنوات الاخيرة، حيث اتخذ ألوانًا عدة وبفصالات مختلفة، اذ تتوفر قطع قماش بالنقشة الخاصة بالكوفية في الأسواق، قبل اندلاع المواجهات بين فلسطين وإسرائيل، إلا أن الطلبات عليها ازدادت الآن، خاصة عندما أصبحت تدخل كتطعيمات في فساتين وقمصان ذات الألون السادة، وبذلك صارت تضفي جمالًا وروعة أكثر على الأزياء، وبما أن العراقيات يتمتعن بالذوق الرفيع، فهن يرتدين تلك القطع الأنيقة حتى بالبيت، كما يفسر ذلك مدى الحب الذي يجمعنا بأخواننا في فلسطين، ومحاولة الإحساس بهم ومشاركتنا لهم محنتهم وهم يواجهون الظلم بشجاعة 

عالية. 

رسالة وثورة

في حين لم يشارك الطالب الجامعي محمد عبد الله باي تظاهرة أو تجمع تندد بما يحصل من مجازر في فلسطين، لكنه يمارس ذلك بحياته اليومية الخاصة، من خلال الاهتمام بالولاء بالكلمة والنشر في مواقع التواصل، والظهور بـ(تي شيرت) طبعت عليه خارطة فلسطين، كما أنه لا يخرج من منزله بدون الكوفية أو الشال، حاملا رسالة تأييده ومناصرته للشعب الفلسطيني قائلا: في داخل كل منا ثورة لاتنطفئ أبدا، الا بهلاك المجرمين الذين استهدفوا النساء والأطفال، وهم يرتكبون أبشع صور الدمار بغاراتهم الهمجية دون مبالاة بالقانون الدولي ولا حتى الإنساني، فكلنا فلسطين ونحن شباب العراق توحدنا بالرأي والموقف، ولو أتيحت لنا فرصة الجهاد، سنكون السبّاقين وأول من يواجه العدو الإسرائيلي الغاشم.


وعيٌّ عفوي

كما بينت سرى حسين العاملة في أحد المولات بمحل متخصص لبيع الاكسسوارات والهدايا أن خارطة فلسطين، كانت معروضة دائما في واجهة المحل، لكن الآن بدات الطلبات عليها بشكل كبير، سواء كميدالية مفاتيح أو أساور أو سلاسل وكذلك اقراط، إضافة إلى اسم دولة فلسطين وعلمها الوطني والحقائب، التي صممت من قماش الكوفية، فهي تجذب البنات لشرائها، وبعضهن صرن يرتدين الكوفية كحجاب توربان للشعر.  مضيفة: من المفرح جدا أن أشاهد ذلك الوعي الكبير لدى البنات والشباب، وهم يحاولون أن يوصلوا رأيهم وصوتهم بشتى السبل، ويجتمعون ملتفين حول هدف واحد، مستنكرين ومدينين بشدة ما يحصل من عدوان طال حتى المستشفيات، لذا ليس أمامنا إلا الدعاء لأهالي الشهداء بالصبر والقوة، والشفاء لكل المصابين، والنصر ان شاء الله سيكون العنوان العريض الذي يبشر بالخلاص من إسرائيل.


الأجيال المقبلة

من جهتها لفتت المدرسة ست ايمان كريم إلى أنه في ظل تلك الظروف، وتوتر الوضع الذي أفزعنا وجعلنا نشعر بالمرارة والألم لما يجري في الأراضي المحتلة، أكثر ما يسعدني أن أجد طلبتي وهم  يقدمون على إعلان الحداد، ولبس اللون الأسود بدون توجيه من قبل الادارة ولا حتى من أسرهم، إنما سلوكٌ فرديٌّ تلقائيٌّ عفويٌّ اجتمعوا عليه دون اتفاق مسبق، أبناؤنا يتمتعون بفهم عميق، ويدركون تماما ما يفعلون، حيث إن مساهمتهم تلك ومشاركتهم بالتفاعل مع اخواننا بفلسطين، تدل على شجاعة عظيمة وتبث روح الامل في نفوسنا بأن الأجيال المقبلة بخير، ما دامت تفكر بتلك الطريقة، التي تتمزج بها وتعتدل العاطفة الجياشة مع العقلانية الحكيمة.


أيقونات التراث

تؤكد مصممة الأزياء التراثية الفنانة حنان البغدادي أن اليشماغ والعلم الفلسطيني باتا رمزين معروفين للقدس مسرى الرسول الأعظم، عليه أفضل الصلاة والسلام، ودلالة للنضال ضد الاستعمار، وقد أدخل بالموديلات الحديثة بشكل يوحي بالاحتشام والأصالة، حيث أنجزت تصاميم عدة،  لاقت استحسان واعجاب الناس، وذلك ما شجعني على الاستمرار بعمل كل ما هو جديد منها، سواء بشكل العباية أو البشت أوالشال أوالقميص، بلمساتٍ عصرية، تناسب الذوق الحالي، مشيرة إلى أن دور عروض عالمية مشهورة كثيرة تلجأ بين آونة وآخرى، وفي سنوات ماضية لاستعمال نقشة الكوفية بازيائها، حيث تستوحي افكارها منها لإطلالات مميزة ومتألقة، باعتبارها من أيقونات التراث والجمال.

مختتمة بأن سوق الكوفية والفولكلور الفلسطيني نَشِطة هذا الشهر، بعد الإبادة الجماعية للشعب المظلوم، التي أشعلت غضب العراقيين من مختلف الأعمار ومن كلا الجنسين، ودفعتهم للانتفاض كل من موقعه، حيث يؤدون أدوارا مساندة لأخوانهم هناك، وهم يدافعون عن اراضيهم ويعيشون الأزمة، التي اشتدت بالأحداث المروعة الأخيرة، وكما توقعت فإن عدد الطلبات على الأزياء الفلسطينية ارتفع وقد تلقيت بعضا منها.