مع قرع طبول الحرب.. إجراءات اللبنانيين الاحترازيَّة

منصة 2023/10/30
...

 غفران حداد

أصبح التوتر النفسي حقيقياً لدى المواطن اللبناني منذ بدء حرب (طوفان الأقصى) بين مقاتلي حماس في غزة والعدو الإسرائيلي، وما تبعها من مناوشات بين مقاتلي حزب الله اللبناني مع العدو جنوب لبنان، والأنباء تؤكد توسّع الحرب إلى مناطق الضاحية الجنوبية والعاصمة بيروت.
اليوم نرى معظم الناس تتبضع من الأسواق التجارية لتخزين الحبوب والمعلبات والوقود وشراء اسطوانات غاز إضافية، إلى جانب ادوات الطهي التي تستعمل على الوقود مثل (البابور) الذي كانت تستخدمه جداتنا أيام زمان قبل وصول اختراع اسمه (الطباخ)، أما في الصيدليات فالهلع بات حقيقياً والأمهات يشترين بكميات كبيرة علب حليب الاطفال والحفاضات خشية انقطاعها مع بدء الحرب المحتملة التي قد يطول أمدها.
الوضع الأمني يسوء يوما بعد يوم، ما يثير القلق والخوف لدى اللبنانيين بان يعيشوا ظروفاً قاسية وحصاراً بحرياً وجوياً خصوصا اذا خاض (حزب الله) المعركة ضد إسرائيل، فذكرياتهم من تكرار مأساة حرب تموز 2006، كافية لتسيّد الخوف في جميع مفاصل حياتهم، خصوصاً مع أنباء الغاء شركات الطيران رحلاتها إلى لبنان وبيانات السفارات المطالبة رعاياها بمغادرة البلاد فوراً، هذه الأنباء وغيرها جعلت التجار يسارعون إلى استغلال الوضع الحالي، ليرفعوا الأسعار بشكل جنوني في ظل هذه الفوضى و ما يحصل فرحة لهم لتحقيق مكاسبهم لا سيما في ظل غياب الدولة.

لسنا مستعدين للحرب
المواطن اللبناني اليوم يدعم حق الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه. لكنه يخشى من (توريط لبنان) في هذه الحرب، فلا إمكانية للعائلات اللبنانية على الاستمرار والتموين وتخزين المواد الغذائية فيكفي لبنان ما يعانيه جراء أزمته المالية والاقتصادية، وهذه الحرب لو امتدت  فعلا إلى العاصمة فستجلب الويلات والمحن خصوصا مع بدء نزوح بعض الأسر التي تعيش قرب المناطق الحدودية التي تشهد العمليات العسكرية بين الطرفين.

الشموع والقناديل
تهافت اللبنانيون ليس فقط على الغذاء خوفاً من انقطاعه، بل الخوف من انقطاع التيار الكهربائي وتقنين ساعات مولدات الاشتراك فلجأ معظمهم لشراء مادة الكاز، وتنظيف القناديل القديمة لاستعمالها للإنارة أوقات الحرب إلى جانب شراء الشموع بكميات وفيرة.

 اسئلة متكررة
المواطنون يسألون بعضهم بشكل متكرر هذه الأيام يبدو أننا لن نستمع إلى أجراس الاحتفالات براس السنة الميلادية؟  طبول الحرب ستحل مكانها.
ولن نحضّر شجرة الميلاد منذ شهر تشرين الثاني مثل كل عام فقد قمنا بتحضير (مؤنة الحرب)، ويبدو أننا لن نرتدي أفخر الثياب للسهر والرقص ونحن نستقبل العام الجديد؟ بل سنبقى خائفين في بيوتنا من تناثر شظايا الصواريخ ستطلق من هنا وهناك؟ أو ربما سنختبئ في ملاجئ آمنة قريبة من الحي الذي نعيش فيه؟ أي مستقبل مخيفٌ ينتظرنا؟ هل ستستمر المدارس باستقبال أولادنا في ظل الحرب لو أصبحت شاملة مثلما يهدد العدو؟ أم ستقفل حتى إشعار آخر؟  أسئلة كثيرة ومستقبلٌ مظلم ينتظرنا.

لبنان لم يعد باريس الشرق الأوسط
لبنان الذي كان يحظى لوقت قريب قبل ثورة تشرين الأول 2019 بمكانة متميزة في مخيلة العرب والسائحين، بأنه بلدٌ خالٍ من العقد وألتزمت المتجذرين في بعض دول الجوار، لبنان وكل من حط الرحال إليه يسمع اللكنة الشامية الرقيقة واللهجة المغناج وجمال المقاهي والبارات، واناقة الفتيات اللبنانيات بتنانيرهن القصيرة وجمال الفصول  والطبيعة الخلابة، ودور النشر المتعددة بمكتباتها العريقة، أصبح لبنان اليوم أرض يهرب منها الجميع، ويحذر من التحليق فوق غيومه الجميع، اصبح المشهد الصباحي للبنان الطوابير الطويلة على محطات الوقود ومحلات السوبر ماركت المنتشرة في كل مكان والخوف الأكبر من غلاء رغيف الخبز.
يا رجالات الحرب أعيدوا إلينا لبنان الآمن، فما زالت المباني وبعد أكثر من (30) عاما على انتهاء الحرب الأهلية تحمل آثار الصراع، ولا زالت ذاكرة اللبنانيين نديّة بأصوات الرصاص ومشاهد دماء جرحاهم وقتلهم.
أعطونا الحياة لا نريد أن نرى بيروت رماداً ولا نريد ايضا رؤية مشاهد القصف على منازلنا؟ يا رجالات الحرب ألم تشبعوا من سماع صراخ الأطفال والأمهات الثكالى؟ انصتوا لأطفالنا يستغيثون.. اعطونا الطفولة.