التكنولوجيا واليابان.. آفاقٌ حديثة لإدارة الكوارث

علوم وتكنلوجيا 2023/10/30
...

 طوكيو: أ ف ب
بفضل صورٍ ملتقطة عبر مسيّرة، تُرصد ناجيةٌ تحت الأنقاض، بينما يُحضر روبوت صغير الماء لها بانتظار وصول عناصر الإنقاذ المجهزين بهياكل خارجية لانتشالها على نقالة مستقلة... مشهدٌ يبدو خيالاً علمياً لكنه قد يستحيل واقعاً في اليابان.
فقد أجريت تجربة على هذا السيناريو في إطار معرض "Japan Mobility Show" (معرض التنقل الياباني) الذي فتح أبوابه أمام الجمهور يوم السبت الفائت في طوكيو، ويسعى هذا العام إلى التوسع إلى ما هو أبعد من قطاع السيارات.
وخصص المعرض جناحاً للتقنيات الجديدة لإدارة الكوارث الطبيعية، وهو موضوعٌ بالغ الأهمية في اليابان، حيث تتكرر الزلازل وموجات المد العاتية (تسونامي) والفيضانات والانهيارات الأرضية.
ولتجنب مقاربة الموضوع بطريقة قد تثير العلع لدى الجمهور، اختار القائمون على المعرض أنْ تكون الكارثة المفترضة لعملية المحاكاة مرتبطة بهجوم من... غودزيلا، الكائن العملاق الشهير الذي شكّل محور عددٍ لا يحصى من أفلام الكوارث اليابانية منذ خمسينيات القرن الماضي.
وبسبب التدهور السكاني الكبير في الأرخبيل، حيث يبلغ عمر ما يقرب من 30 % من السكان اليابانيين 65 عاماً أو أكثر، "يوجد عددٌ متناقصٌ في الأشخاص المتاحين للقيام بمهام خطرة" أو صعبة، وفق ما يؤكد تومويوكي إيزو، الرئيس المؤسس لشركة "أتراكلاب" المحلية الناشئة المتخصصة في تقنيات التنقل الذاتي. ويضيف إيزو "مشروعي هو مساعدة هؤلاء الأشخاص، بينهم عناصر الإطفاء، باستخدام أجهزتي".

مجال لم ينضج بعد
شاركت شركة {أتراكلاب} بشكل ملحوظ في تطوير روبوت التوصيل الصغير الذي يشق طريقه بين الأنقاض المحضّرة من الورق المقوى في مشهد المحاكاة الذي عُرض في معرض التنقل الياباني، وصمّمت نقّالة مستقّلة مثبّتة على عجلات أو مسارات، يمكن التحكم فيها عن بعد بواسطة الإنسان حسب الحاجة.
ويأسف إيزو لأن السلطات اليابانية في الوقت الحالي "تفضّل المعدات التقليدية" في جهود الإغاثة. ويلفت إلى أن اليابانيين يحبون الروبوتات البشرية، التي نشرتها الثقافة الشعبية للبلاد (المانغا والرسوم المتحركة)، لكنهم أكثر حذراً بشأن المركبات ذاتية القيادة.
ويبدي رجل الأعمال البالغ 61 عاماً "اعتقاداً" بأنه سيكون هناك سوق في المستقبل للأنظمة المستقلة مثل تلك التي تنتجها شركة "أتراكلاب" لمساعدة عناصر الإطفاء.
منذ عام 2016، تعمل مجموعة كاواساكي للصناعات الثقيلة اليابانية (KHI) على تطوير "كاليدو"، وهو روبوت قوي شبيه بالبشر قادر على رفع ونقل المصابين أو المرضى بدقة.
ويقول مدير الاتصالات في قسم الروبوتات في الشركة إيتسوكي غودا لوكالة فرانس برس "في يوم من الأيام، سيكون هذا الروبوت قادرا على إنقاذ الأرواح، والذهاب إلى مناطق خطرة" بدلا من البشر.
لكنّ "الأمر سيستغرق سنوات من التطوير لاستخدامه في الحياة الواقعية، حيث تختلف الظروف باستمرار، الأمر الذي يتطلب المزيد من قدرات المسح (لاستطلاع البيئة) والذكاء الاصطناعي"، بحسب غودا.
وستزاد سعة تحميل كاليدو، البالغة حالياً 60 كيلوغراماً، قريباً جداً بنموذج أولي جديد، وفق غودا. لكن لجذب العملاء، سيكون من الضروري أيضاً تقليل تكلفة هذه التقنية، التي قد تكون حالياً "أعلى ربما بعشر مرات من تكلفة الإنسان"، على حد تقديره.

ديناميات ما بعد فوكوشيما
منذ كارثة فوكوشيما في العام 2011، حقق قطاع متخصص آخر نمواً في اليابان: روبوتات إزالة الحطام والمنظفات الآلية لمناطق الكوارث التي يصعب الوصول إليها أو الخطرة، مثل محطات الطاقة النووية.
في معرض التنقل الياباني، تعرض شركة الهندسة اليابانية "سوجينو ماشين" ذراعاً آلية صغيرة ولكنها قوية، تملك قدرة كبيرة على التحرك في مساراتها، ومصممة كجزء من العمل البحثي الوطني المرتبط بمشروع التفكيك الضخم لمحطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية التي دمرها التسونامي الرهيب عام 2011 في شمال شرق اليابان. ويوضح مدير شركة "سوجينو ماشين" أكيرا إينوجيما لوكالة فرانس برس أن هذا الروبوت "يمكن استخدامه لتحديد تقدير أولي للأضرار، وإزالة الحطام أو الأشياء الثقيلة للغاية بالنسبة للبشر".
ويضيف إينوجيما أنه يمكن زرع أدوات مختلفة على ذراع الروبوت، مثل أجهزة استشعار الصورة أو درجة الحرارة أو النشاط الإشعاعي، أو مضخات الماء عالية الضغط لقطع المواد أو تنظيف المنطقة.
ويقول "بعد فوكوشيما، تمكنا من مواصلة التطورات التكنولوجية لأن هناك مشاريع مستمرة" تدعمها الدولة في هذا المجال. ويؤكد أن "من المهم مواصلة هذا العمل والحفاظ على هذه الديناميكية".