تصعيدٌ أميركيٌ جديدٌ مع الصين.. والأسواق العالميَّة في حالة إرباك تام

اقتصادية 2019/05/11
...

الصباح/ نافع الفرطوسي
 
 
أشعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب فتيل الأزمة الناشبة بين بلاده والعملاق الصيني ليعيدها لنقطة الصفر مجددا، بعد فترة هدوء نسبية سادتها آمال متفائلة بوضع حد للنزاع الجامح بين البلدين في اطار مايسمى بأزمة السياسة الحمائية، الأمر الذي جعل الأسواق العالمية تعيش كابوساً جديداً ارتبكت وتخبطت على إثره الكثير من البورصات وأسواق الأسهم في شتى بقاع العالم.
 
تهديدات جديدة
ترامب جدد تهديداته برفع الرسوم الجمركية على سلع صينية لبلاده بقيمة 200 مليار دولار من 10 بالمئة إلى 25 بالمئة، ما تسبب في تراجعات حادة في وول ستريت وأسواق أوروبا وآسيا، واللافت ان تهديدات الرئيس الأميركي الجديدة التي دونها في تغريدة بموقع “تويتر”، تأتي بمثابة تراجع عن تعهداته السابقة ووعوده في شباط الماضي بإبقاء الرسوم عند 10 بالمئة، بعد إحراز تقدم في محادثات التجارة بين البلدين.
بيد ان ترامب عاد وأعلن انه سيرفع هذا الأسبوع رسوماً جمركية على بضائع صينية بقيمة 200 مليار دولار وسيستهدف بضائع أخرى بمئات المليارات قريباً، ما سيجني ما لا يقل عن 100 مليار دولار كعوائد لخزينة بلاده حسب وصفه. مضيفاً أنه سيستهدف سلعاً صينية أخرى بقيمة 325 مليار دولار برسوم جمركية تبلغ 25 بالمئة بعد وقت قصير، ليغطي بذلك جميع واردات الولايات المتحدة من الصين ويعالج العجز المزمن في الميزان التجاري بينهما.
 
ارتباك الأسواق
وتسبب هذا التصعيد في الحرب التجارية على التعاملات في الأسواق المالية، إذ انخفض مؤشر هانغ سينغ بنسبة 1.2 بالمئة وكذلك مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 0.8 بالمئة وهبط مؤشر نيكي بنسبة 0.51 في التعاملات المبكرة، كما تسببت تهديدات ترامب في فقدان مؤشر “داو جونز” 471 نقطة عند الفتح، لكنه نجح لاحقاً في تقليل خسائره في نهاية الجلسة ليهبط 2.5 نقاط بنسبة 0.77  بالمئة مسجلاً 26299 نقطة.
كما تراجع ستاندرد آند بورز 25 نقطة بنسبة 0.85  بالمئة مسجلاً 2920 نقطة، ونزل ناسداك 80 نقطة بنسبة 1  بالمئة عند 8082 نقطة. وفي أوروبا، ارتفع فايننشال تايمز 29 نقطة مسجلاً 7380 نقطة، فيما تراجع داكس 125 نقطة، وهبط كاك 65 نقطة. أما في بورصة طوكيو فقد تراجع مؤشر نيكاي 48 نقطة مسجلاً 22258 نقطة.
 
آراء وتكهنات
تباينت آراء المحللين الاقتصاديين وخبراء الأعمال لدى كبريات المؤسسات المالية العالمية بشأن التداعيات المتوقعة لتهديدات ترامب، حيث توقع بنك “جولدمان ساكس” بأن التهديدات تقلل الى حدٍ كبير من احتمالية التوصل إلى نهاية ناجحة للمحادثات الجارية حالياً بين الولايات المتحدة والصين بشأن إنهاء الحرب التجارية المستعرة بينهما، وفي المقابل ترفع احتمالات التصعيد في حرب التعريفات الحمائية المتبادلة بين الجانبين.
فيما يرى خبراء شركة “أوبنهايمر” للخدمات المالية أن تهديدات ترامب ما هي إلا تعبير عن إحباطه بسبب تأخر المفاوضات مع الصين في التوصل إلى اتفاق تجاري نهائي، واشترك خبراء بنك “مورغان ستانلي” و”UBS” في رأيهم القائل بأن تهديدات ترامب تعد تكتيكاً تفاوضياً يستخدمه للضغط على الصين.
وبالضد من ذلك يرى المحللون لدى “رويال بنك أوف كندا” إن تغريدات ترامب قادت المحادثات بين الصين وأميركا إلى منعطف سيئ، وتوقعوا أن يكون لتلك التغريدات تأثير سلبي في الأسواق، كما أشار محللو “بنك أوف أميركا” الى أن التهديدات كانت مفاجأة تامة للمستثمرين، ما يعني أنه يتعين على الأسواق أن تتوقع طريقاً شاقاً للغاية قبل التوصل إلى اتفاق تجاري نهائي بين الصين وأميركا.
 
ردود أفعال
برر الرئيس الأميركي موقفه بالقول إن الصين “نقضت الاتفاق” الذي أبرم في المحادثات التجارية بينهما، مصعدا لهجة التصريحات العدائية قبيل المفاوضات المرتقبة بين الجانبين في واشنطن.
وجاءت تصريحات ترامب كرد فعل لقول بكين إنها سترد “بإجراءات مضادة ضرورية” إذا رفعت الولايات المتحدة الرسوم المفروضة على المنتجات الصينية.
وتعهد ترامب بما هو أكثر من مضاعفة التعريفات على ما قيمته نحو 200 مليار من البضائع الصينية ،بالرغم ان من المقرر أن يعقد الجانبان جلسة مفاوضات تجارية جديدة في الولايات المتحدة .
وقال ترامب أمام حشد من مؤيديه في تجمع في فلوريدا “لقد نقضوا الاتفاق... لا يمكنهم فعل ذلك، لذا سيدفعون” الثمن، مضيفاً ،إذا لم يتفق الجانبان “لن يكون هناك ضير في أخذ أكثر من 100 مليار في العام”، في إشارة إلى ما ستجلبه الرسوم الجديدة للخزينة الأميركية.
 
إشارات
لكن البيت الأبيض ذكر انه تلقى إشارة من الصين إلى أن بكين تريد التوصل إلى اتفاق تجاري.
وأوضحت المتحدثة سارة ساندرز للصحفيين “تلقينا إشارة إلى أنهم يريدون إبرام اتفاق... فرقنا في المفاوضات مستمرة. ومن المقرر أن يجلسوا معنا وسنرى ما سيحدث حينها”.
ويقود المفاوضات من الجانب الصيني نائب رئيس الوزراء ليو هي الذي يعتبر قريباً من الرئيس شي جينبينغ.
وقال صندوق النقد الدولي إن التصعيد المتبادل بين الولايات المتحدة والصين على المستوى التجاري “كان واحدا من العوامل التي أدت إلى تراجع نمو الاقتصاد العالمي نهاية العام المنصرم”.