عزيزي دكتور قاسم :

لديّ أخٌ بعمر عشر سنوات لفت انتباهي أنَّه صار يحب العزلة والانفراد مع نفسه، وحتى لو قلنا نكتة وكلنا نضحك، فهو لا يضحك. وبعد فترة اتصلت بي إدارة المدرسة والتقيت بمعلمه فقال لي إنَّ أخي صار غير قادرٍ على التركيز وإنَّه حتى في درس الرياضة لا يشارك، واستفسر مني ما إذا كانت لديه مشكلات في البيت. بعد سنة تطورت عنده الحالة وصار يفز بالليل ويأتي خائفاً لينام بجانبي، وتطورت الحالة أكثر بأنَّه صار يشمُّ روائح نحن لا نشمها، ويسمع أصواتاً نحن لا نسمعها.. فصرنا قلقين عليه.

نادتني أمي وقالت تعالي معي نذهب لشيخ (فلان) نأخذ أخاكِ. وشيخ فلان رجل طيب تأتيه كثيرات لديهنَّ مشكلات ويحلها لهنَّ وكثيراً ما يعالجهنَّ بقراءة أدعية أو آيات قرآنيَّة.

دخلنا عليه نحن الثلاثة.. أمي وأنا وأخي، وحكت له أمي عن حالته وكيف صار يرى أشياءً نحن لا نراها وأنَّه يتكلم مع نفسه كثيراً.

تعال بابا، قال له الشيخ وحكى معه وأخي خائفٌ جداً وصار يقول كلاماً غير مفهوم.

والتفت الشيخ إلى أمي وقال لها ثلاث كلمات:

• ابنك برأسه.. جنّي

ارتعبت أمي وسألته:

• والحل؟

فأجابها.. ماكو غير انطلع الجني من راسه

كنت قد قرأت، بحكم عملي معلمةُ في قريتي، وشاهدت أفلاماً عربيَّة وتعرف حضرتك اشلون يطلعون الجني. 

قرصت يد أمي وقلت للشيخ.. سنأتيك غداً وذهبنا

المشكلة دكتور أنَّ أمي مؤمنة بالشيخ، ولا أحد يستطيع أنْ يغير رأيها..

ساعدني أرجوك.. ماذا أفعل؟

خديجة – قضاء الرفاعي

عزيزتي خديجة

حكاية الجنّي والعفريت في تفسير المصاب بمرضٍ عقلي أو نفسي تعودُ الى أكثر من أربعة آلاف سنة. وكان أجدادنا القدماء يستعملون مختلف الوسائل لإخراج الجني من رأس المريض، من تعذيب المريض الى إغراء (الجني) بأنْ يقوم (الشيخ) بقراءة قائمة من الهدايا سوف يتسلمها حال خروجه من جسم المريض.

ولأنك معلمة، فإنَّنا نتحدث لك بوضوح. إنَّ بعض الأعراض التي ذكرتيها – إنْ صحت- فإنَّها تشير لبدايات الإصابة بالفصام (الشيزوفرينيا) وتحديداً: الأوهام، أي وجود أفكارٍ غير واقعيَّة وترونها غريبة، والهلاوس أي يسمع أصواتاً لا يسمعها الجالسون معه، أو يشم روائح لا يشمها الآخرون.

ولا تخافي من كلمة (شيزوفرينيا)، فهي على أنواع، بل إنَّ كثيرين كانوا قد مروا بحياتهم بحادثة أو حالة من الفصام وتعافوا منها.

أرجو منكِ يا خديجة أنْ تأخذي هذه النسخة من جريدة الصباح وتقرأي عليها موضوعك، وقولي لها إننا نخصك جميعاً بالسلام ونرجو منك أنْ تأخذي المحروس إما الى الكوت أو الناصريَّة وحين تصلون، اتصلي بنا على الرقم الذي أرسلناه لكِ لندلك على الطبيب النفسي الذي ستراجعينه.

باركَ اللهُ فيكِ.. ننتظرُ منكِ التواصل.