سرور العلي
تتدخّل معظم الأسر بشؤون أبنائها، واتخاذ القرارات بدلاً عنهم، وبحكم سنّهم وتجاربهم الكثيرة في الحياة، ما يؤدي إلى وقوع الخلافات، وهناك من لايستمع لنصائح والديه، ما يجعله كثير الأخطاء، وغير مدرك لتصرّفاته وإدارة أموره.
وبحسب د.عبد الكريم خليفة، أخصائي تربوي فإنَّ هذا التدخل يتضمن جانبين، وهما الإيجابي وهو أنَّ كثيراً من الأبناء لا يستطيعون اختيار الطريق الصحيح، من ناحية الصداقات، ودراسة المادة العلميّة، أو الأماكن التي يرتادونها، ومن ثمَّ يكون تدخل الأهل ضرورياً لنصحهم، والجانب الآخر وهو السلبي، ففي بعض الأحيان يتدخل الآباء بشكل مبالغ به، نتيجة لعدم وجود فطام نفسي بين الآباء والأبناء، وهو سبب بايولوجي لرغبة بعض الأهالي بعدم ابتعادهم عنهم، واختيار مصيرهم بأنفسهم، كما أنَّ كثيراً من الآباء يعتقدون أنَّ أبناءهم ما زالوا أطفالاً، ويتعاملون معهم بشكل طفولي، ولا يؤمنون باختياراتهم وحسن إدارة أمورهم، لذلك يكون تدخلهم بشكل مباشر ومسرف، بحيث يؤدي إلى مشكلات منها التمرّد والهروب من البيت، وحتى العزوف عن تحقيق متطلبات
الآباء.
الحل في الثقة
وأضاف خليفة "أعتقد أنَّ الحلّ الأساسي لهذه المشكلة هي من خلال بناء الثقة بين الطرفين، وتشجيع الأبناء على تحقيق ذاتهم، وتكوين علاقة وديَّة بين الآباء والأبناء، كالصداقة العميقة، وتدعيم بعض الجوانب الإيجابيّة لدى هؤلاء الأفراد، ومن ثمّ عندما يكبر الابن سينجح في الاعتماد على نفسه، ونلاحظ اليوم أن معظم حالات الطلاق من الجوانب السلبيّة، بسبب تدخل الأهل ولا سيما الأمهات في شؤون أبنائهن وحياتهم الزوجيَّة، وبالنتيجة كثرة المشكلات الاجتماعيّة، وبرأيي هذا الموضوع يتطلب وعياً كاملاً من الأسر، والإدراك أنّ الحياة عبارة عن أخطاء ويتم تصحيحها، لتقوى شخصيتهم ويتحمّلون المسؤولية".
القرارات المصيريَّة
وقالت د. ناز بدر خان السندي، أستاذة العلوم التربويّة والنفسيّة في جامعة بغداد: "إنَّ تدخل الأهل بحياة الأبناء وقراراتهم تكون أحياناً من المشكلات التي تعاني منها بعض الأسر في مجتمعاتنا، ومنها التدخل في القرارات المصيريَّة، وبخاصة إذ كان الأبناء لديهم رغبة بموضوع معين أو أهداف يطمحون إلى تحقيقها، وهي ضروريَّة بالنسبة لهم، لذلك هذا التدخل سيكون عائقاً أمام ما يرغبون به، ما يؤدي لنشوب خلافات كبيرة جدّاً، ثم تتفاقم، وبذلك ستؤثر في مستقبلهم، وقد تكون هي سبباً في نجاحهم أو فشلهم، ويعتقد الآباء أنّهم مسؤولون عن تخطيط حياة أبنائهم، واتّخاذ القرارات نيابة عنهم، لكن في الحقيقة أن الأبناء أيضاً لديهم نظرة أخرى، حتى ولو كانوا برأيهم ما زالوا صغاراً، وبالطبع لديهم رأيهم وقراراتهم، ولو كانوا مراهقين وبمرور الوقت ومع نضجهم ستكون لديهم ميول واتجاهات، وهذه مهمة يجب أن ينظر لها الأهل حتى وإن كانت ليست مقبولة أو غير صحيحة؛ لذا عليهم إيجاد الوسيلة والطريقة السليمة، لتوعية وإرشاد أبنائهم إلى الطريق الصحيح".
توعية
وتابعت السندي حديثها "كما أنَّ اتخاذ القرارات المستقبليَّة بدلاً عنهم هذا سيشكل عبئاً نفسيَّاً عليهم، ومن ثمَّ ستكون ردود أفعالهم سلبيَّة، وفي المستقبل سيؤثر ذلك في شخصيتهم وسيكون لديهم خوف وقلق وضعف بتحمّل المسؤولية، ومن الضروري أنّ الآباء يقومون بتوعية أبنائهم بطرق صحيحة، ويجب أن تكون علاقتهم قوية ووطيدة، حتى إذا رغبوا في توجيههم لاتخاذ أي قرار لا يكون مؤثراً بشكل سلبي على نفسيتهم، وتكون من خلال المشاورة والحوار اللطيف، والأخذ والعطاء والنقاش، وسيساعدهم ذلك بالوصول إلى قرارات سليمة مستقبلاً، وستكون هناك موافقة من قبل الآباء من دون تدخل سلبي، ونزعها من الأبناء بالإجبار".
طاعة
السيد صباح شبر بيَّن: "لا يجوز للآباء الضغط عليهم، ولكن الأبناء ملزمون بطاعتهم، أحياناً يحدث شيء فنقول هذا الطرف ليس له حق على الطرف الآخر، إلا أنّه يفترض أن يمتثل له وينفذ أوامره، مثلاً الأب أو الأم يطلبون من الابن أن لا يتزوّج من الفتاة التي اختارها، أو عدم السفر لمكان أو لا يعمل بوظيفة معينة، فهم ليس لهم الحق عليه شرعاً، لكن أخلاقياً من الواجب والأفضل أن يسمع كلامهم، فإذا فرضنا أن الوالدين سيتأذون من أمر يقوم به الأبناء، فينبغي إرضاؤهم، لمنع عقوق الوالدين وهو من المحرّمات الكبيرة، ومثال آخر، لو طلب الأب من ابنه جلب كأس ماء، فالابن ليس ملزماً والأب ليس له الحق أن يجبره، ولكن من واجب الابن طاعته".