ثالوث السلطة

منصة 2023/11/14
...

  مسلم غالب

 

سي ورايت ميلز(1916 - 1962)، هو عالم اجتماع أمريكي بارز قدم مساهمات هامة في مجال علم الاجتماع النقدي في منتصف القرن العشرين. إضافة إلى مساهماته في علم الاجتماع، كان ميلز مثقفا  وناشطا سياسيا، وناقدا صريحا للحرب الباردة والسياسة الخارجية الأمريكيَّة، وشارك في مختلف الحركات الاجتماعية والسياسية في عصره.

في كتابه "نخبة السلطة"، يشير ميلز إلى أن مجموعة صغيرة من الأفراد، في الغالب من الطبقات العليا في المجتمع، تمتلك غالبية السلطة والتأثير في المجتمع الأمريكي. تتألف هذه المجموعة، المعروفة باسم نخبة السلطة، من أفراد من ثلاثة قطاعات رئيسية: القطاع السياسي، والاقتصادي، والعسكري.

 ميلز يعتقد أن نخبة السلطة تعمل في مصلحتها الخاصة، بدلاً من مصلحة الشعب. هؤلاء الأفراد مترابطون ويعملون معا للحفاظ على سلطتهم والسيطرة على المجتمع. نخبة السلطة، حسب رأي ميلز تتكون من ثلاث مجموعات رئيسية: النخبة السياسية والنخبة الاقتصادية والنخبة العسكرية. تشمل النخبة السياسية المسؤولين الحكوميين على المستوى العالي، مثل الرئيس وأعضاء الكونغرس وغيرهم من القادة السياسيين. تشمل النخبة الاقتصادية أصحاب الأعمال الأثرياء والمديرين التنفيذيين الذين يسيطرون على أكبر الشركات والمؤسسات المالية. تشمل النخبة العسكرية الضباط العسكريين ذوي المراتب العليا الذين لهم تأثير كبير على الأمن القومي والسياسة الخارجية في الولايات المتحدة.

يعتقد ميلز أن نخبة السلطة تعمل خلف الكواليس، وتتخذ قرارات تؤثر في حياة الناس العاديين دون علمهم أو موافقتهم. ويقول إن نخبة السلطة قادرة على الحفاظ على سلطتها من خلال مجموعة متنوعة من الوسائل، بما في ذلك السيطرة على وسائل الإعلام ونظام التعليم والنظام القانوني.

داخل هذه النخبة الحاكمة، توجد مجموعة أصغر تعرف باسم الدوائر العليا. هؤلاء الأفراد هم أكثر الأعضاء قوة وتأثيرًا في نخبة السلطة، ويمتلكون سيطرة كبيرة على اتجاهات وقرارات المجتمع. تتألف الدوائر العليا من أفراد يحتلون المناصب العليا في أكثر المؤسسات النافذة في المجتمع، مثل الشركات الكبرى والمؤسسات الحكومية والمنظمات العسكرية. غالبًا ما يتمتع هؤلاء الأفراد بعلاقات شخصية ومهنية وثيقة بين بعضهم البعض، ويعملون معا للحفاظ على سلطتهم وتأثيرهم.

وفقًا لميلز، فإن الدوائر العليا ليست بالضرورة مجموعة متماسكة لديها أجندة مشتركة، بل هي مجموعة من الأفراد، الذين يشتركون في مصلحة مشتركة للحفاظ على سلطتهم وتأثيرهم. غالبا ما يعملون معا لحماية مصالحهم والحفاظ على الوضع الراهن، حتى لو يعني ذلك التضحية بمصالح الجماهير.

إحدى النتائج الرئيسة لنظرية ميلز هي أن الديمقراطية وهم  إلى حد  كبير. على الرغم من أن المواطنين قد يمتلكون الحق في التصويت والمشاركة في العملية السياسية، فإن السلطة الحقيقية تكمن في يد نخبة السلطة. وهذا يعني أنه حتى لو انتخب المواطنون رئيسا جديدا أو برلمانا جديدا، فإن نخبة السلطة ستظل هى المسيطرة. ويؤكد أن هذا التركيز على القوة يشكل تهديدًا للديمقراطية ويحد من قدرة المواطنين العاديين على المشاركة في العملية السياسية.

وأخيراً، تعتبر نظرية سي رايت ميلز من أهم النظريات في مجال علم الإجتماع السياسي، ويرى كثير من المختصين أن نظرية نخبة السلطة ما زالت تحظى بقوتها التفسيرية في مناقشات القوة والتفاوت الإجتماعي في الولايات المتحدة، بل المجتمعات الرأسمالية الغربية بشكل عام.