ألواح سومريَّة

منصة 2023/11/16
...

 مهند الكوفي


نشر بعض الكتاب مقالات ونصوص ومؤلفات في أدب العراق القديم، وآلوا ألا يجعلوا حضارتهم بلا أدب، لا أعرفُ ما الدافع وراء ذاك، ما أعرفُهُ ينبغي لهم أن يتوهموا بأن للعراق القديم أدبًا باستطاعته أن يُترجم ويُقرأ. 

ما من نص تُرجم حتى يتأدى للغرابة. 

يشعر بعض العراقيين-لسبب أو لآخر- بمقدورهم أن يقيموا على ضفاف النهرين أدبًا كأدب ضفاف النيل بكل محاسنه ومثالبه.

لذا نجدهم لا يتحرجون في اقتباس الشعر أو ابتكار شاعر لا وجود له. 

لعل بعضهم يرونها أمثلة ينبغي أن تحتذى.

على الرغم من إخفاق محاولاتهم في البحث عن الأدب المفقود؛ إلا أنهم ما برحوا يعيدون الكرة مع انخيدوانا، الشخصية الطريفة بكل ما فيها من تناقضات تدعو إلى الضحك حينا، وإلى البكاء في أحيان أخرى.

ولهذا علينا ألا نعجب حينما نسمع عن شاعرة كانت من صنيعة أدباء، يبدو عليهم طابع التحقيق والصحافة.

ساعدتهم دور النشر على طباعة كتب الإثارة والدهشة الوهميين.

لم نقرأ للمتنبي أنه حقق في الشعر السومري، لم يُنظر البحتري في الشعر البابلي، ولم يكتب أبو تـمام عن حالة الشعر عند الآشوريين. 

لمَ لمْ ينقبوا في أدب حضارتهم السابقة؟

إنهم شعراء فحسب، ولا غضاضة على شعراء اليوم أن يعترفوا بذلك.

يسوؤني القول، بأن لا وجود للأدب السومري؛ الأدب يحيى بحيوية اللغة ويموت بموتها.

وكل ما وصلنا من أدب العراق القديم يعود إلى العصر البابلي الحديث في القرن السادس قبل الميلاد. 

يقول طه باقر في مقدمة أدب العراق القديم: (ستكون ملاحظتنا عن الشعر في حضارة وادي الرافدين منصبة بالدرجة الأولى على الشعر البابلي، أي الشعر الذي نظمه شعراء العراق القديم باللغة البابلية (السامية)، لأن معرفتنا باللغة البابلية وشعرها أكمل وأوفى من معرفتنا بالشعر السومري؛ ذلك لأن الباحثين المختصين غير متأكدين من لفظ الكثير من الكلمات السومرية، لذلك لا يمكن الوقوف على أوزان الشعر السومري). 

أما هُوية انخيدوانا، فههُنا بيانٌ آخر، آليت ذكره،  تارةً يردوها إلى سومر وإلى أكد تارةً، استعصى عليهم فهم الفترات التاريخية، كيف لا يستعصي عليهم التحقيق في الشعر؟

 بيد أن المدة بين سومر وأكد ألف عام.! وهم بذلك، لا يعدون كونهم حمقى لسَنهم الزمان فحسب.