تحدث هذه الأيام تغيرات كبيرة في المناخ، وما لا ينتبه له كثيرون أنَّ التغير المناخي يؤثر في حالتنا النفسيَّة والعاطفيَّة ويسبب لدى كثيرين الشعور بالضيق الذي يؤدي الى الغضب، وهناك من يصاب بـ(كآبة بيئيَّة) ناجمة عن علاقة متبادلة بين صحتنا البدنيَّة وصحتنا
النفسيَّة.
وتفيد الدراسات الخاصة بعلم النفس المناخي بأنَّ سكان البلدان النامية هم الأكثر عرضة لظروف طقس قاسيَّة تؤثر بشكلٍ مباشرٍ في وضعهم الاقتصادي، ما يعني أنَّ العراقيين هم الأكثر تأثراً نفسياً وقلقاً بيئياً بعد جفاف الأهوار وتحول أرض بلاد الرافدين الى صحارى، وأنَّهم الأكثر إصابة بـ(الحزن البيئي)؛ أعني الحنين الى الأحوال البيئيَّة السابقة للوطن يوم كانت الأرض خضراءً، معطاءً بنعمٍ تؤمن للعراقي وأفراد أسرته الشعورَ بالأمان والبقاء، بينما أصبحت معظم أراضي الوطن أقل قدرة على إنتاج الغذاء، وأصبح المواطن أكثر عرضة للإجهاد
والعناء.
والأقسى في حزننا العراقي البيئي، ما حلَّ بدجلة والفرات، فبعد أنْ كان عبورهما صعباً حتى على أمهر السباحين صار البغداديون يعبرونهما مشياً. (وخل تفرح أمانة بغداد، بعد ما بحاجة تبني جسور).
والأوجع أنَّنا بعد أنْ جفت الأهوار.. ما راح نغني:
(مشحوفي طر الهور والفالة بيدي
بنّيَّة لو كطّان آنه ونصيبي).
وما راح يقصد أهوار العمارة شاعرٌ بغداديٌ ليتعلم فيها الحسجة كما تعلمها فيها مظفر النواب وقال:
(حمد نبكه بثنايا الهور وبيرغ ركس نصه
حمد والعار غطه الهور ما مش زلم وتكصه).
ومع كل هذه الأحزان التي تصيب أي إنسانٍ باليأس، فإنَّ الذي يعجبك في العراقي، يبقى يغني:
(أحبك مو لأنْ أنت حلو، لا.. لأن روحي التقت كبلي ولك بيك!).