مسلم غالب
ما هو دور المجتمع في تكوين الدولة؟ كيف يمكن لسياسات الدولة أن تؤثر في البنى الاجتماعيَّة؟ ما هى العوامل الاجتماعيَّة التي تؤثر في السلوك السياسي؟ كيف تعكس المؤسسات السياسية القيم الثقافية والمعايير الاجتماعيَّة بشكل عام؟ ما هو دور الشرائح المختلفة الاجتماعيَّة في صنع القرارات السياسة وتشكيل الدولة؟ هل يمكن للمجتمع المدني أن يلعب دورًا فاعلًا في التحولات الديموقراطية؟ ما هى علاقة الطبقات الاجتماعيَّة بالمؤسسة السياسية؟ ماهو دور وتأثير وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي على الحقل السياسي في المجتمع؟ كل هذه الأسئلة وغيرها تشكل الهاجس المعرفي لعلم الاجتماع السياسي.
يعد علم الاجتماع السياسي من أهم فروع العلوم الاجتماعيَّة، ويهتم بالعلاقة الجدلية بين المجتمع والدولة. كثيرا ما نسمع عن تأثير السلطة على الحياة العامة، وعادة ما تكون النظرة نقدية، ولكن ماذا عن تأثير المجتمع على السلطة السياسية؟
تكمن أهمية علم الاجتماع السياسي بتسليط الضوء على الجانب المجتمعي لهذه العلاقة الجدلية. لعل القول المأثور:" مثلما تكونوا يولّى عليكم"، يبين الدور الكبير الذي يلعبه المجتمع والثقافة العامة في بناء السلطة السياسة.
علاقة المجتمع بالسياسة هي موضوع مهم يتم التطرق إليه كثيرًا في علم الاجتماع السياسي. فالسياسة تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل المجتمعات والثقافات والقيم والمعتقدات. وفي الوقت نفسه، يؤثر المجتمع بشكل كبير في السياسة وصنع قراراتها. توجد علاقة وثيقة بين السلوك السياسي والسلوك الاجتماعي بشكل عام. إذا كانت ثقافة مجتمع ما، تهتم بقضايا كالمساواة الاجتماعيَّة ستنعكس هذه الهواجس في السياسة أيضاً. وفي المقابل، كل ما كثرت النعرات والصراعات الطائفية والقبلية في المجتمع، كل ما انعكس ذلك سلباً على المؤسسة السياسية.
لا يمكن الفصل بين الممارسات الاجتماعيَّة والممارسات السياسية. وهذا مايدعونا إليه علم الاجتماع السياسي. يهتم هذا الفرع من العلوم الاجتماعيَّة الحديثة بدراسة دور المجتمع المدني في التغييرات السياسية ويسلط الضوء على الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام، الأحزاب،الشرائح الاجتماعيَّة كـ: النساء، والشباب، والطبقات الاجتماعيَّة، بما فيها الطبقة الوسطى في التحولات الديموقراطية والتنمية السياسية. يكشف لنا علم الاجتماع السياسي الجذور المجتمعية للديموقراطية، أو نقيضها، الدكتاتورية. الواقع السياسي مرأة للواقع الاجتماعي في المجتمع. لايمكن الحديث عن التنمية السياسية دون السعى إلى تحقيق التنمية الاجتماعيَّة. خلق الأرضية المناسبة للمبادرات المجتمعية فى شتى المجالات، من شأنه تعزيز المشاركة والمسؤولية الاجتماعيَّة لدى المواطنين ويمكن اعتباره خطوة أساسية في مسير التنمية
الشاملة.
وأخيرا، يمكن القول إن العلاقة بين المجتمع والسلطة السياسة هى علاقة تأثير وتأثر من كلا الجانبين.
فلا يمكن فهم التغيير السياسي أو الاجتماعي بشكل كامل إلا من خلال تفاعل المجتمع والدولة معاً. تؤكد نتائج الدراسات في علم الاجتماع السياسي على العلاقة الجدلية، والتفاعل المستمر، والبناء بين كلاهما. يكشف لنا هذا الفرع العلمي الحديث، تأثير السياسة على حياة المواطنين العاديين، وكذلك تأثرها من حياتهم الاجتماعيَّة.