المكان وأرواح المحبين

ثقافة شعبية 2023/12/07
...

 يرويها: نصير جابر


ترتسم ملامح العبقرية في الشعر دائما من دقائق ولمحات آسرة، ينبعث الشجن الشفيف من تفاصيلها وحروفها، وعلى كثرة ما سمعت من الدارمي قديمه وحديثه، تبقى بعض النصوص مختلفة، عالية، شاهقة، تحتقب قيمة مضاعفة كلما مرّ عليها الزمن، ومنها تلك النصوص التي تتمسك بالأرض، حيث يأسر المكان المكين، ويجعله رهن روائحه ونخيله وقصبه وبرديه.. 

يقول المرحوم صبّار رياح أحد أعذب شعراء الفرات الأوسط: 

كش يا جبل لبنان البزل جنه 

گرنفل العاكول والصبخة حنه

ويروها بعضهم بطريقة أخرى: 

أهو جبل لبنان.. كش برّه منه

البزل ريحة هيل والصبخه حنه

أما (عبد السادة ماجد ) فيقول: 

كون (السنية) تشيل عنها إنه ما شيل

أذكر گصبها الجان وي الهوه يميل

والسنية قرية صغيرة في أطراف المهناوية، التي هي-أي المهناوية- واحدة من أقضية الديوانية، عاش ومات فيها الشاعر، وارتبط بها حد التماهي.. من هؤلاء نتعلم درسا بليغا، اسمه حب الأرض.. ذلك الحب الذي يغمر الروح بوجد صوفي فيجعل من المكان... قدسا تطوف عليه أرواح المحبين.