يوم النصر.. فرح وطني
شروق ماهر ونهضة علي
يـُعد عيد النصر مناسبة مهمة للعراقيين بشكل عام وللموصليين بشكل خاص، حيث يحتفلون به كل عام منذ التحرير، حيث تتضمن الاحتفالات العديد من النشاطات المختلفة، مثل العروض الفنية والموسيقية، والألعاب النارية، والمسيرات الاحتفالية في الشوارع، ويُقدِم أغلب سكان الموصل بهذا اليوم المميز في نفوسهم بتزيين المنازل والمحال التجارية بالأعلام والزينة الخاصة بالمناسبة.
اما في كركوك فتنتشر الأعلام العراقية فوق المباني وتزيّن بها العجلات باحتفالية تعبّر عن مدى أهمية هذا اليوم في نفوس العراقيين أجمع، وكمناسبة مهمة لتذكيرهم عن خوضهم غمار الحرب على الإرهاب وتمكنهم منه.
ويتجمع الناس في الميادين والحدائق العامة للاحتفال والاستمتاع بالأجواء الاحتفالية، ويعكس هذا الاحتفال رغبة العراقيين من نسيان الماضي المؤلم، والتفاؤل بمستقبل أفضل، خصوصا بعد أن أعادت القوات الأمنية البطلة مناطقهم المحررة من قبضة أبشع العصابات الاجرامية في العاشر من شهر كانون الاول عام 2017.
استعادة الفرح
وتروي المحامية ايمان سعيد في حديث لـ(الصباح)، أنه "بعد تحرير الموصل من بطش داعش، شهدت المدينة تحسنًا كبيرًا في الأوضاع الأمنية والاقتصادية، والتي اعادت الحياة إلى طبيعتها تدريجيًا، حيث بدأت المدارس تعود للعمل والأسواق تعود للنشاط، وتمت إعادة إعمار العديد من المباني والبنى التحتية، التي تضررت خلال الصراع، كما استعاد السكان أملهم وتفاؤلهم في المستقبل.
وتضيف سعيد، أن "الموصليين يعدّون يوم النصر العظيم يومٍا مميزًا بالنسبة لهم، خصوصا بعد أن سيطرت عليهم العصابات الاجرامية لمدة ثلاثة أعوام، وتمكنت من إعدام وقتل اكثر من 700 ألف مدني بينهم أطفال ونساء وشباب وقوات أمنية بدماء باردة على يد تلك العصابات الإجرامية في مدينة الموصل المحررة".
الأمان كل ما يهم
ومنذ اعلان يوم النصر العظيم الذي حققته القوات الأمنية وأعدّه الموصليون إنجازًا مهمًا في استعادة الأمن والاستقرار، بعد أن تمكنت القوات الأمنية من تحرير المدينة من قبضة داعش وتطهيرها من العناصر الإرهابية، ومنذ ذلك الوقت الموصل تشهد استتبابا أمنيا كبيرا، لم يحدث من قبل بعيدا عن كل الخروق الأمنية في الموصل وضواحيها.
ويقول مسؤول أمني في قيادة شرطة نينوى في تصريح لـ(الصباح) "لقد حققت الأجهزة الأمنية إلى جانب قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي إنجازا كبيرا في القضاء على الخلايا الإرهابية، وتدمير مخابئهم ومراكز تجمعهم، وتمت استعادة السيطرة على المناطق الحيوية والمؤسسات الحكومية وتأمين الشوارع والطرقات الرئيسية، وتم أيضًا إنقاذ العديد من الرهائن، الذين كانوا محتجزين من قبل المجموعات الإرهابية".
وتعكس هذه النتائج الجهود المشتركة والتضحيات الكبيرة، التي قدمتها القوات الأمنية في سبيل استعادة الأمن والسلام في المدينة، اذ تم تعزيز الثقة والأمان بين السكان المحليين، وتمكنهم من العودة إلى حياتهم الطبيعية، ومع استمرار العمليات الأمنية والتنسيق الجيد بين القوات الأمنية، هناك تحسن كبير جدا بالوضع الأمني في مدينة الموصل مركز المحافظة، وجميع الأقضية والنواحي المحررة منذ تحرير الموصل من قبض داعش وحتى هذا اليوم.
عودة الحياة
يوضح الشيخ احمد الجبوري، أن "بعد تحرير الموصل من قبضة داعش، شهدت المدينة عملية انتعاش ملحوظة، وبعد أن تعرضت لدمار هائل جراء الصراع العنيف الذي دار فيها، لكنها بدأت تستعيد حياتها بطريقة ملموسة، حيث تمت إعادة بناء العديد من البنى التحتية المدمرة والمنشآت العامة، بما في ذلك المدارس والمستشفيات والمراكز التجارية".
ويضيف الجبوري، ان "تحرير الموصل مكن السكان المحليين من العودة إلى منازلهم، وإعادة بناء حياتهم بعد فترة طويلة من النزوح والتشرد، وتمت استعادة الأمن والاستقرار في المدينة، ما أسهم في تعزيز الحياة اليومية للسكان، وإعادة فتح الأسواق والمحال التجارية، وذلك بفضل القوات الامنية بجميع أصنافها إلى جانب جهود الحكومة المحلية والمنظمات الدولية والمجتمع المحلي".
لافتًا الى أنه "أصبح هناك الآن توفير فرص عمل للسكان المحليين، من خلال إعادة إعمار المدينة وتنشيط الاقتصاد المحلي، وتشجيع الاستثمارات وتنمية الصناعات المحلية، ما أدى إلى زيادة فرص العمل، وتحسين مستوى المعيشة للسكان الموصليين، بعد محاصرتهم لأكثر من 3 أعوام على يد العصابات التكفيرية داعش".
مشيرا، إلى أنه "تم تحسين الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والصرف الصحي، ما أسهم في تحسين جودة الحياة للسكان المحليين، وتنفيذ مشاريع لتطوير البنية التحتية وتحسين النقل العام، ما أسهم في تسهيل حركة السكان وتوفير وسائل النقل الفعالة".
بشكل عام، يمكن القول إن انتعاش سكان الموصل بعد تحريرهم من داعش يعكس إرادتهم القوية وقدرتهم على التعافي، وبناء مستقبل أفضل لهم ولمدينتهم.
تضحيات ونتائج
اما في كركوك فقد أعلن محافظها راكان سعيد الجبوري، أن "المحافظة تشهد أعلى حالات الاستتباب الأمني، بفضل تضحيات القوات الامنية بكل صنوفها وتشكيلاتها، من أجل استقرار المدينة". مشيرا إلى أن "دور القوات الأمنية مفصلي وفاعل، بعد أن مرت كركوك بالعديد من النكسات الكبيرة، خصوصا في الفترة، التي سيطر فيها الارهاب على جزء من مناطقها، فالجميع يعلّم أن كركوك آخر محافظة حررت من الإرهاب وما زالت آثار الدمار عالقة إلى اليوم، وهناك جهود بتكاتف الجميع لإزالتها".
التاريخ يسجّل
واضاف الجبوري، خلال احتفالية أقيمت في المحافظة: "بعد أن شكلت إحدى المناطق قوة حشد من شبابها، وادخلوا في دورة تدريبية، تم تنظيم احتفالية بالتخرج منها، وأضيف إلى الحشد الشعبي محور الشمال من أجل حماية منطقتهم، التي تتميز بجغرافية وعرة، وما زالت بقايا فلول بسيطة من الارهابيين قد ينشطون فيها، ومن أجل تأمينها شكلوا قوة للدفاع عنها، إذ جاءت الاحتفالية، تزامنا مع يوم النصر، الذي أعلن فيه النصر على عصابات داعش الإرهابية، بعدما حررت جميع المناطق العراقية من براثن الإرهاب، اذ يصادف في العاشر من شهر كانون الأول، ليجسد ماحققته القوات الأمنية من نصر ساحق على مدى شهور تمكنت من خلاله تحرير المناطق والمدن والقصبات من الارهابيين وطردهم منها والقضاء على فلولهم، ليسجل سفر التاريخ مرحلة مشرقة تضم صولات الابطال وصور التكاتف لأطياف الشعب العراقي لمساندة القوات المواجهة للإرهاب ليكون النصر المبين".
كلنا العراق
المحافظ أضاف، أن "أهالي كركوك ورغم ما مرت به المحافظة، استطاعوا أن يعيشوا تجربة واضحة من التعايش السلمي ما بين المكونات، ومن خلال العمل مع الأجهزة الأمنية، تشهد لها بالمهنية في العمل، سواء القادة أو المنتسبين، ومن خلال تعاملها القانوني مع المواطن وحفظ كرامته وحقه وعدم التمييز". وبيّن المحافظ، أن "وضع المنطقة المذكورة استدعى أن تشكل قوة من أبنائها لحمايتها، وهو امر مهم أن يكون ابناء المنطقة من يتعاملون مع الحالة الأمنية لمنطقتهه، لأنهم يعملون بالتفاصيل". مشيرا إلى ان "دورهم سيكون معززا لدور الشرطة والقوات الامنية المتواجدة هناك، ومساعدتهم في تحقيق الأمن وحماية الأهالي".
إشادات
وأشاد أهالي كركوك بيوم النصر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تصدر عبارات الإشادة بالنصر وطرد داعش والتكاتف من أجل مدينتهم المستقرة، ومساندة حملة إعمارها مع صور العلم العراقي، وإشارات النصر وصور صولات رجال القوات الأمنية البطلة صفحاتهم في الـ(فيسبوك والانستغرام وكروبات التلي كرام والواتس اب)، فقد أكد أحد الشباب وهو من الحويجة الواقعة جنوب غرب كركوك أن "النصر قائم ما دمنا هنا ولا مكان للارهابيين في مناطقنا". معززها "عاش العراق، وعاشوا رجال النصر وصنّاعه".
بدورها، أكدت إحدى السيدات في منشور لها على (الفيسبوك)، "كانت فترة قاسية، تركنا بيوتنا ونزحنا من إرهاب داعش وتحقق النصر على الإرهاب، وعدنا بعد أن أعيدت مناطقنا آمنة، لتجمع أهلنا المودة والاستعداد لإعمارها".