علي إبراهـيم الدليمي
مؤخرا، افتتح على قاعة حوار للفنون، المعرض الشخصي الخامس للفنان هاشم محسن، تحت عنوان "حكايا ملونة" ضم، 35، لوحة بقياسات مختلفة، رسمت جميعها بمادة الأكريليك على القماش.
وهاشم محسن، فنان معروف في المشهد التشكيلي في العراق، منذ أكثر من أربعين سنة متواصلة من دون توقف، وله مشاركات جميلة ومتميزة في تقنياتها وتكويناتها، وخاماتها، حيث زاوج فيها ما بين الخط العربي الكوفي القديم والرسم التجريدي الحديث، وكان في تفوق دائم، في عطاءه المتجدد في تجويد اللوحة المعاصرة وفق رؤية فنية متدربة.. وهو يستخدم الخط الكوفي في القرن الثالث للهجرة، بصورته الإنسيابية الجميلة، وألوانه الإسلامية المعروفة المستلهمة من الزراقات والخضارات والألوان الباردة الأخرى، وفقا لمسلمات الجمال البصري المعاصر.
في هذه التجربة الجديدة "حكايا ملونة".. اشتغل على لغة اللون، ولا غير اللون وماهياته الرمزية والواقعية وملامساته الوجدانية التي كانت، ولا تزال ملاذ الفنانين منذ القدم في استنطاقها الجمالي المتباين، وهم يبحثون عن تجاربهم الشخصية في بطون الألوان نفسها.. حيث: الإبهار، والإيماء، والانتباه، والرؤى، والتوازن، والانفعال، وأحياناً الشخصية. كما لم ينس، الفنان هاشم محسن، أو تفوته، أن يشتغل كذلك في هذا المعرض، على التآلف ما بين تجربته (الإسلاميات) السابقة، ولغة ألوانه الجديدة هذه، حيث قدم بضعة لوحات، في قمة التميز، في الحروفيات والخط الجلي ديواني، الذي وظفه بأبهى صورة، وكانت نتائجه متفردة وملموسة، تلفت أنظار الجميع.. حيث الدهشة والمتعة الجمالية، بعيداً عن المألوف وتحطيم الشكل الأيقوني الجاهز، وتشكيله أو بنائه برؤية أكثر دراسة وبحثا.
في كل لوحاته، السابقة والجديدة، وعلى مدى مسيرته الإبداعية، يرسم الفنان هاشم محسن، أسلوبه الفني، وهويته الجمالية، ويحاول على تهشيم الأشكال والأحجام في اللون والكتلة المألوفة، ليعيد صياغتها المعاصرة، من جديد وفق ذائقته الفنية المتطلعة، وثقافته الشاملة في عالمي الخط العربي والألوان.. لمحاولة تأسيس أو تأليف منهج جمالي أكثر حضور مبهج، يقدمه للأجيال القادمة.. كما أن عمله بصفة مصمم ديكور لمدة طويلة، في إحدى الدوائر، اكتسب منها مهنية جذابة في كيفية تكوين وتصميم وإخراج لوحة تليق بتجاربه الفنية، التي قدمها في معارضه الشخصية ومشاركاته الطويلة.
الناقد الجمالي د. جواد الزيدي، يقرأ هذه التجربة: "يقترن منجز الفنان هاشم محسن بالخلاصات النهائية في بنيته الشمولية بتجاوزها التمرحل الزمني والأسلوبي انطلاقا من مكامن الرؤية والجدل الذي يقوده نحو مراميه الخالصة، التي يستثمر فيها طاقة الشكل واللون إلى الدرجات القصوى
ومؤولاتها المرتبطة بالعالم الموضوعي الذي يحيل إلى أكثر من دلالة في واقعنا المعيش".
هاشم محسن، الذي هو من مواليد بغداد عام 1954، عضو في كل من جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين، جمعية الخطاطين العراقيين، أقام معارضه الشخصية في بغداد، في الأعوام: 1983، 1984، 1985، 1986، 2023، وشارك في أغلب معارض جمعية الفنانين، وقاعة حوار، والقاعات الخاصة الأخرى في بغداد وعمان، فضلاً عن مشاركاته في مهرجانيّ بغداد العالمي للخط العربي والزخرفة الإسلامية، حصل على جوائز وشهادات تقديرية عدة، كما له مقتنيات في كثير من المتحف والأسر المحبة للفن.