بغداد: نوارة محمد
يشكل التجاوز على الأرصفة خطراً على المُشاة، فضلاً عن التشويه والاعتداء على الملكيَّة، وهي أيضاً تعيق حركة السير وتسبب الزحام وأحياناً تكون سبباً في الحوادث المروريَّة.
هذه الظاهرة استشرت في عراق ما بعد 2003 حتى وصفها البعض بأنها انعكاسٌ لفوضى ما زالت تداعياتها المتمثلة في عدم الامتثال للقانون.
يقول الناشط المدني كاظم عطوان: «رغم محاولات الجهات المعنيَّة إيقاف هذه الظاهرة، إلا أنَّ المتجاوزين ممن يتوسطون الشوارع العامة والأرصفة لم ينصاعوا».
ويظن عطوان بأنَّنا بحاجة لقوانين صارمة تحدُّ من هذه الظاهرة».
ويضيف أنَّ «الأمر لا يتوقف عند التشويه البصري الذي تشهده العاصمة، ولا عن الحوادث المروريَّة التي تتسبب بها العربات الجوالة والباعة، وأصحاب (الچنابر)، بل تعداه إلى الخطر الذي يلُازم حيوات المشاة».
وسط هذا كُله، يجد آخرون أنَّ المنطقة المُخصصة للمشاة تكاد تكون شُبه معدومة، بين صفوف السيارات الأول والثاني، والحواجز الخرسانيَّة، والزحام الذي تختنق فيه شوارع العاصمة الأمر الذي يجعل فكرة التجوال والمشي عصيَّة على المواطن، كما يقول أمجد مؤيد، 28 عاماً، إنَّ «شوارعنا تعاني أزمة رصيف».
ويتابع: «في الآونة الأخيرة أصبح المشي والتجوال بفعل البسطيات وصفوف السيارات أمراً في غاية الصعوبة».
ويسرد مؤيد: «في أحد تقاطعات منطقة الوزيريَّة شرقي بغداد، ضمت إحدى دوائر الدولة الرصيف العام بواسطة الأسلاك الشائكة إلى بنايتها، وبهذا صار المشي عّصياً علينا». ومن جهة أخرى يبرر أحمد سمير الذي وجد نفسه من دون مقدمات مسؤولاً عن أسرته بعد وفاة والده ذلك بعدم وجود خيارات متاحة أمام الحصول على فرصة لتوفير قوت يومهم، «صعوبة إيجاد فرص العمل في العراق، هي ما حدت بنا إلى الارتزاق بهذه الطريقة، من سيبادر إلى مساعدتي إنْ توقفت عن العمل؟».
في الوقت نفسه، تُظهر البيانات أنَّ العراق يسير بسرعة جنونيَّة نحو استخدام المركبات الشخصيَّة، إذ بلغ عدد السيارات في البلاد نحو 7 ملايين و460 ألف سيارة حتى نهاية عام 2021، أي أن 181 سيارة لكل ألف نسمة، بينما يبلغ عدد عربات «التكتك» ثلاثيَّة الإطارات أكثر من مليون عربة في الأعوام الأخيرة، الأمر الذي أدى الى تفاقم أزمة السير وارتفاع نسب الزحام، وهي تؤدي أيضاً إلى زيادة معدلات الحوادث المروريَّة.
من جهته، يقول إياد شهاب موظف في وزارة التخطيط، إنَّ «واحداً من أسباب تزايد ظاهرة الاستيلاء على الأرصفة والتي تتسبب نوعاً ما بالاختناقات المروريَّة وشّلل حركة الشارع هو أنَّ العراق يسير بسرعة جنونيَّة في استيراد المركبات بأنواعها كافة».
وفي هذا الصدد تقول آية جمال، 26 عاماً، إنَّ «المشكلات التي تخلفها فوضى الاستيلاء على الأرصفة والأماكن المخصصة للمشُاة لا تعد ولا تحصى، لكننا كفتيات نواجه أخطرها، والتحرش إحداها، إذ كثيراً ما أتعرض إلى التحرش لأنني اضطر لقطع مسافات طويلة أو العبور من أماكن تحتشد بالمركبات والمارة من الشباب والرجال الذين لا يفوتون فرصاً مثل هذه، أقول ذلك وأنا أتعرضُ يومياً لعشرات حالات التحرش اللفظي».
كتبنا كثيراً وكتب آخرون عن الفوضى التي تواجهها البلاد، وكيف أنَّ البعض كانوا وما زالوا يستولون ويعتاشون على أملاك الدولة وأرصفتها من دون خشية من نظام أو قانون، لكنَّ الأهم، هل يجدي هذا نفعاً؟.