{هرمون الظلام}.. ما لا نعرفه عنه

علوم وتكنلوجيا 2023/12/27
...

 واشنطن: وكالات

أصبح الميلاتونين مكملاً شائعاً بين الذين يعانون من قلة النوم. لكنَّ الفترة الأخيرة شهدت تصاعداً كبيراً في حالات الإفراط في استعماله. فما هو الضرر الذي يمكن أنْ يسببه الإفراط في تناوله؟
والحديث هنا عن الذين يستعملون الهاتف الذكي وهم على سرير النوم. فمن تمرير الصفحات لتتبع آخر الأخبار وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي ليلاً، فإنَّ الضوء الأزرق المنبعث من الهاتف لا يكون بعيداً عنهم.
وتؤكد الدراسات أنَّ النظر إلى شاشة الهاتف الذكي لفترات طويلة على الفراش له أثرٌ مدمرٌ على النوم. والسبب يعود إلى الميلاتونين، وهو هرمونٌ ينتج في الغدة الصنوبريَّة في الدماغ. ويؤدي الميلاتونين دوراً أساسياً في تنظيم دورات النوم واليقظة في الجسم. ويوصف أحياناً "بهرمون الظلام"، لأنَّ مستوياته تنخفض أثناء النهار وترتفع بحلول الظلام.
وكلما زادت كمية الضوء وقت النوم، على غرار الضوء الأزرق المنبعث من الأجهزة الإلكترونيَّة، يضعف إنتاج الميلاتونين، ويجعل النوم صعب المنال. ولهذا السبب فإنَّ واحداً من ثلاثة من الأميركيين البالغين لا يحصلون على 7 أو 8 ساعات من النوم التي يحتاجها أغلب الناس.
ولا غرابة إذاً أنْ يلجأ ملايين الناس إلى مكمل الميلاتونين للمساعدة في التغلب على الأرق وصعوبة النوم بعد العمل في المناوبة الليليَّة. وإذا كان الميلاتونين يخضع للوصفة الطبية في بريطانيا، فإنَّه يباع من الصيدليَّة مباشرة في الولايات المتحدة. وتجده في الرفوف مع المكملات الغذائيَّة والفيتامينات.
وتعطى للأطفال في سنٍ مبكرة أحياناً علكات فيها الميلاتونين لمساعدتهم على النوم ليلاً. لكنَّ هناك قلقاً بين الأطباء من أضرار محتملة جراء استعمال الميلاتونين بهذا الشكل.
وخلال تفشي فيروس كورونا انتبه طبيب طوارئ الأطفال، في مستشفى بوستون، مايكل توس، إلى اتجاه مقلق يتمثل في تزايد عدد الأطفال المحالين على المستشفى بسبب الإفراط في تناول الميلاتونين، بشكل جنوني.
وقال الدكتور توس: "استقبلنا أطفالاً ابتلعوا الميلاتونين بالخطأ، ومراهقين أخذوا الميلاتونين بغرض إيذاء أنفسهم".
ويضيف: "ارتفعت مبيعات الميلاتونين في السنوات الأخيرة، مثلما ارتفع استعمال الميلاتونين الخاص بالأطفال، الذين يتسممون بما في محيطهم. وعليه فإنَّ توافر الميلاتونين بكثرة يؤدي إلى ارتفاع نسبة التسمم".
وهناك تقارير عن آثار ضارة للميلاتونين على البالغين أيضا. فقد أشارت دراسة أجريت في أيار من هذا العام إلى موت امرأة عمرها 21 عاما بسبب تناول جرعة زائدة من الميلاتونين وديفينهيدرامين، وهو عقار يباع دون وصفة طبية لعلاج الحساسية والأرق وأعراض الزكام العام. واصيب مراهق آخر بهبوط في ضغط الدم، بعدما حاول أخذ جرعة زائدة من الميلاتونين.
ويصف البروفيسور، ديفيد ري، أستاذ علم الغدد الصماء، ومدير معهد السير جول ثورن للأعصاب وتنظيم النوم في جامعة أوكسفورد، وضع استعمال الميلاتونين بأنه "فوضى عارمة".
لا تعرف الآلية التي تجعل الميلاتونين يؤدي إلى هذه الوفيات، والأعراض الضارة. كشفت الدراسات التي أجريت على الفئران والجرذان أن الميلاتونين له أثر مسمم إذا تم تناوله بجرعات كبيرة (أكثر من 400 ملغم \ كغم)، لكنَّ هذه الكمية أكبر بعشرات الآلاف من المرات من الكميَّة الموصوفة لعلاج اضطرابات النوم، التي تتراوح بين 2 و10 ملغم. ما نعرفه هو أن الجسم يحتوي على مستقبلات الميلاتونين في الجهاز التناسلي والقلب والأوعية الدموية، وجهاز المناعة. لكنَّ تأثيره خارج الدماغ لا يعرف عنه الشيء الكثير. والملايين من الناس يتناولون الميلاتونين يومياً من دون آثارٍ ضارة معروفة.