فجر محمد

في عصر الثورة التكنولوجية والحداثة، تتربع آليات الدفع الالكتروني على عرش التعاملات اليوميَّة في أغلب دول العالم، وبالنسبة لعدد كبير من المواطنين فإن هذه الطريقة تبعث على الارتياح والاطمئنان في القلوب، ولهذا وجد اسماعيل فرقان الراحة في قرار إلزاميَّة استخدام آليات الدفع الالكتروني بمحطات الوقود، مع مطلع العام المقبل. يقف اسماعيل في طابور السيارات في إحدى محطات الوقود التي استأنفت منذ فترة آليَّة الدفع الالكتروني، وتبدو عليه ملامح الارتياح وهو يستعد لاستخدام الفيزا كارد الخاصة به لأخذ ما يحتاج من الوقود لسيارته.

كان لاسماعيل مواقف مختلفة مع محصّلي الأجور داخل المحطة (البوزرجيَّة)، خصوصاً عندما يقومون بحساب أجرة الوقود، التي قد لا تأتي منسجمة مع ما يقرؤه العداد الموجود داخل المحطة مما يبعث إلى عدم الارتياح لدى صاحب السيارة، وأحياناً التشكيك في المبلغ الواجب دفعه.

تطور الاقتصاد

كل ما عليك القيام به إذا أردت الحصول على وقود لسيارتك، هو أن تدفع الكترونياً بواسطة إحدى البطاقات التي لديك، ولن يستغرق الامر سوى دقائق معدودة، وهذا الامر لم يشجع اسماعيل فقط بل الكثير ممن ينزعجون دائماً من عملية الحصول على البنزين بالطرق التقليديَّة، داخل محطات الوقود.

بحسب تصريح الناطق باسم وزارة النفط عاصم جهاد عن تحول الدفع في محطات الوقود من التقليدي (النقدي) إلى الالكتروني، فإنَّ محطات البلاد ستستأنف هذه الآليَّة لكونها وجهاً من وجوه الأنظمة الحضاريَّة المتقدمة، ومن شأنها أن تدفع نحو تقدم وتطور النظام الاقتصادي في البلاد، ومن الجدير بالذكر أنَّ وزارة النفط كانت سباقة في التحول للدفع الالكتروني انسجاماً مع تعليمات ومقررات مجلس الوزراء، التي دعت جميع الجهات الحكوميَّة وذات العلاقة إلى التحول نحو الدفع الالكتروني التي يعتقد أنّها عامل مساعد للمواطن، فضلاً عن اختصارها الجهد والوقت في جميع التعاملات اليوميَّة.

نقلة ايجابيَّة

تصدر الدفع الالكتروني منذ أعوام طويلة التعاملات التجاريَّة واليوميَّة المختلفة، في دول العالم المتقدمة وهو إجراء يثني عليه الخبراء بشكل مستمر، ولكنه يحتاج إلى بنية تحتية جيدة منها تمتع المواطنين بثقافة الدفع الالكتروني، ومعرفة كيفية استخدام البطاقات المخصصة لهذا 

الموضوع.

في العديد من دول العالم بمقدورك أن تشتري وتحصل على ما تشاء، وأنت جالس في مكانك أو منزلك أو حتى الحديقة العامة، ومن دون جهد أو عناء، وهذا ما تسعى إليه البلاد اليوم من اصدار تلك القرارات التي تحث الجهات المختصَّة على التحول نحو الدفع الالكتروني.

ويعتقد الأكاديمي والباحث بالشؤون الاقتصادية الدكتور رياض مالك، أنَّ التحول نحو الرقميَّة من شأنه أن يغني المواطن عن حمل الكتلة النقديَّة، ومن ثمَّ الحفاظ عليها من التلف والضياع ودفع ما عليه من مستحقات الكترونياً، مع ضمان الدقة والشفافيَّة في تلك التعاملات.

تعاون المصارف

أعلن مصرف الرافدين مؤخراً عن اعتماده بطاقة الوقود الالكترونية بما يخص عجلات المصرف، كما دعا الرافدين جميع المؤسسات والدوائر والشركات الحكومية والخاصة الراغبة بالحصول على هذه البطاقة مجاناً، لمراجعة جميع فروع المصرف القريبة منها لغرض الحصول على تلك البطاقات مجاناً. كما أوضح المصرف نجاح الإطلاق التجريبي لنظام الجباية الإلكترونية بالتعاون مع كي كارد في عدد من الدوائر، في خطوة تهدف إلى اعتماد الدفع الالكتروني في مختلف مفاصل الحياة وتفعيل أنظمة الدفع POS.

وزارة النفط أوضحت في بيان لها أصدرته مؤخراً، أنه انسجاماً مع التوجيهات الحكوميَّة قررت شركة توزيع المنتجات النفطيَّة اعتماد أنظمة الدفع الألكتروني في جميع المحطات، وتعليق التعامل النقدي اعتباراً من الأول من كانون الثاني 2024، حاثة المواطنين على التعاون معها باعتماد آليات ووسائل حديثة من أجل الدفع الالكتروني وذلك خدمة للصالح العام، من خلال اقتناء بطاقات الدفع الألكتروني المعتمدة ليتسنى للجميع التزود بالوقود وفقاً للآليات الجديدة، والاستفادة من الخدمات الحديثة التي ستقدمها الجهات المعنية في هذا المجال.

بنى تحتيَّة

يعتقد الكثيرون أنَّ اعتماد الدفع الالكتروني في محطات الوقود، ما زال أمراً غير موفق نظراً لضعف البنى التحتيَّة، إذ إن تطبيق هذه الآليَّة الجديدة تحتاج أولاً إلى اشاعة ثقافة الدفع الالكتروني بين المواطنين، ولا يمتلك الكثيرون (ماستر كارد) ولم يعتادوا على الجباية الالكترونية بعد، كذلك تحتاج إلى خدمة انترنت ذات جودة عالية.

تبدو علامات القلق والارتباك واضحة على الحاج قاسم خلف، وهو يرافق ولده حسن داخل إحدى محطات الوقود ذات الجباية الالكترونية، إذ يشعر بالقلق من تلك الآليّة الجديدة في الدفع لأنّه اعتاد على استخدام التقليديّة (الدفع نقداً)، وهو يرى أن هذه الآليّة الجديدة ستكون صعبة على كبار السن أكثر من الشباب.

تبيّن الأكاديميّة والمختصّة بإدارة الأعمال الدكتورة هدى هادي، أن نظام الدفع الالكتروني يتمتع بمزايا مختلفة، منها السرعة واختصار الوقت والجهد فضلاً عن تسديد الفواتير والضرائب بسهولة وسلاسة، كما أنَّ اتباع آليّات الدفع هذه ستدفع المواطنين إلى تعلم واعتياد ثقافة الدفع الالكتروني.

في الوقت ذاته صرّح مدير عام شركة توزيع المنتجات النفطية حسين طالب، عن البدء بأكثر من مرحلة تخص عملية الدفع الالكتروني، ومنها إطلاق بطاقة الفيزا كارد للوكلاء الجوالين إذ أصبحوا يقطعون من معامل الغاز والساحات بواسطة هذه الآليّة، بعد أن كانوا يستخدمون الطريقة التقليدية بالدفع نقداً والصكوك المصدقة، وبحسب طالب فإن الربع الاول من السنة المقبلة سيكون نهاية التعامل بالنقد في محطات التعبئة واعتماد الالكتروني عوضاً عنه، ولهذا دعت الشركة المواطنين إلى اعتماد بطاقات الفيزا كارد بمختلف أنواعها العاملة بتجهيز الوقود الذي يشمل البانزين والنفط الأبيض والكاز من المحطات، وبعد نجاح تطبيق المشروع كما أوضح طالب فإنّ التوجه الآن سيكون نحو المحافظات المتبقية، من أجل نجاح التجربة الالكترونية بشكل واسع والتحول الرقمي.

أما مدير هيئة توزيع بغداد محمد عبد الإله فقد لفت إلى أن تطبيق مشروع تقليل الكتلة النقديَّة 

في المحطات قد بدأ منذ نيسان الماضي، إذ تم اعتماد الدفع الالكتروني عوضاً عن النقدي في عملية شراء الوقود، كما باشرت الهيأة بإعداد مشروع متكامل لاعتماد الجباية الالكترونية من قبل المولدات الأهليّة، فضلا عن اسطوانات الغاز التي ستدخل أيضا في آليّة الدفع الالكتروني.

شروط الأمن السيبراني

هناك عدد من الشروط يضعها خبراء الأمن السيبراني، من أجل نجاح آليّات الدفع الالكتروني ومنها توفير الامن اللازم من اجل ضمان نجاح عملية نقل المال عبر منصات الدفع الالكتروني، فضلا عن سهولة ربط المنصات المختلفة مع بعضها البعض، ومن الجدير بالذكر أن بوابات الدفع الالكتروني هي بمثابة قطع برمجية تختص بتمكين وادارة عمليات الدفع للعملاء، والتجار والبنوك وتم اعتمادها من قبل العديد من دول العالم منذ سنوات طويلة، واذا كان هناك نجاح وأمان في عملية إدارة الأموال الكترونيا فإنّ التطبيقات الذكيّة ستعمل بشكل منسجم، مع شبكات البطاقات الخاصة بالدفع الالكتروني. يحث خبراء الأمن السيبراني منصات الدفع الالكتروني على تحديث أنظمة الأمان، بشكل مستمر من أجل الحفاظ على الهوية الشخصية للمستخدم، ونجاح الآليَّة في وقت واحد.