واشنطن: بي بي سي
تشير دراسة فلكيَّة صدرت نتائجها أخيراً إلى أنَّ قوة جاذبيَّة الأرض المهولة على سحب الأجسام [باتجاه مركز الكوكب] ربما تعملُ كنظامٍ دفاعي مدمجٍ فيها في مقدوره أنْ يحمي الكوكب من أي كويكبات قاتلة كارثيَّة تكتب نهاية هذه الحضارة.
ويقول الباحثون إنَّ القوى المديَّة [تعتمد على قوة الجاذبيَّة]، التي تحدد تأثير القمر في حدوث المد والجزر في محيطات الأرض، يمكن أنْ تكون في بعض الحالات قويَّة بما يكفي لتمزيق الأجرام في الفضاء في عمليَّة تسمى "التمزق المدي".
قوى المد والجزر
على سبيل المثال، يقول العلماء إنَّ أجزاءً من المذنب "شوميكر - ليفي 9" (Shoemaker-Levy 9) قد تمزقت بفعل قوى المد والجزر الخاصة بكوكب "المشتري" في مطلع تسعينيات القرن الـ20، ما أدى إلى اصطدام قطعٍ أصغر بكثيرٍ من تلك الصخرة الفضائيَّة بالكوكب.
ولكنْ مع ذلك، لم يعثر علماء الفلك حتى الآن على أدلَّة كافية على وجود "تمزق مدي" ناتج من "الكواكب الصخريَّة الشبيهة بالأرض" يؤثر في الكويكبات التي تمرُّ بمحاذاتها.
وعلى الرغم من أنَّ دراسات النمذجة تشير إلى أنَّ القوى المديَّة يمكنها أنْ تدمر أياً من "الكويكبات القريبة من الأرض" (اختصاراً بالإنكليزيَّة NEAs) خلال مواجهات قريبة وبطيئة مع الكواكب الصخريَّة الأربعة الأولى في النظام الشمسي [الكواكب الصخريَّة الصلبة التكوين عطارد والزهرة والأرض والمريخ]، لم يحدث أنْ رصدت بشكلٍ مباشرٍ حوادث تمزق بفعل المد والجزر للكويكبات القريبة من الأرض.
ويقول العلماء إنَّ عمليات تمزق الأجرام هذه لم تعز أيضاً إلى أي عائلات معينة من "الكويكبات القريبة من الأرض".
تمزق الأجرام القريبة
وفي بحثٍ فلكي جديد لم يخضع بعد للمراجعة البحثيَّة من علماء نظراء، قدم فريق من "جامعة لوليا للتكنولوجيا" في السويد دليلاً على تمزق للأجرام القريبة من الأرض بفعل قوى المد والجزر، وذلك في خضم مواجهات قريبة بين الأرض وكوكب الزهرة. وقد نشرت الدراسة كمسودة في أرشيف مسودات الأوراق البحثيَّة arXiv.
وكان الباحثون قد وضعوا في وقتٍ سابقٍ تقييماً شمل ما يزيد على ست سنوات من بيانات خاصة بالكويكبات التي جمعها "ماسح كاتالينا للسماء"Catalina Sky Survey، علماً أنه برنامج تموله وكالة "ناسا" ويكشف عن الأجرام القريبة من الأرض.
ولكنْ مع ذلك، فإنَّ عمليات الرصد هذه لم تقدم تنبؤات وافية بعدد بعض الكويكبات الموجودة على المسافات التي تدور فيها الأرض والزهرة حول الشمس.
من ثم، وجد الباحثون أنَّ الكويكبات غير المشمولة في عمليات الرصد كانت في معظمها صغيرة وتدور حول الشمس على نفس مستوى مداري الأرض والزهرة.
بناءً عليه، يشتبه العلماء الآن في أنَّ تلك الكويكبات التي غابت عن عمليات الرصد ربما تكون أجزاءً من كويكبات أكبر حجماً تمزقت بفعل المد والجزر.
وضع الباحثون نموذجاً افتراضياً حاسوبياً لسيناريو تفقد فيه الكويكبات التي تواجه جاذبيَّة الكواكب الصخريَّة، المريخ والأرض والزهرة وعطارد، نحو 50 إلى 90 في المئة من كتلتها.
وفي النتيجة، وجدوا أنَّ هذه الشظايا الصغيرة المتولدة من قوة الجاذبيَّة قد تكون مسؤولة عن الكويكبات التي لم تتنبأ بها عمليات المسح سابقاً.
وفي حين أنَّ "التمزق المدي" الناتج من الأرض والقمر ربما يتصدى لبعض الكويكبات القاتلة التي تهدد الأرض، يقول العلماء إنَّه يمكن أنْ يولد أعداداً أكثر من الأجرام القريبة من الأرض إنَّما الأصغر حجماً التي من المحتمل أنْ تضربَ الكوكب في مرور مستقبلي لها.
وكتب الباحثون في الدراسة: "إنَّ الشظايا الناتجة من ’تمزق مدي‘ ستبقى أيضاً موجودة على مدارات تقترب من الكوكب لبعض الوقت بعد أن يطرأ حدث التمزق المدي". وقالوا: "لذلك ربما تتعرض بعض الشظايا لمزيدٍ من التمزقات بفعل المد والجزر في غمرة مواجهات قريبة مع الكوكب تطرأ في أوقات لاحقة، ما يتأتى عنه ارتفاع في عدد الشظايا الناتجة، التي قد يؤثر بعضها في الكوكب".
ولكنْ لحسن الحظ، أضاف العلماء أن هذه الأجزاء الصغيرة من الصخور الفضائيَّة لا تشكل تهديداً يرقى إلى مستوى اندثار البشريَّة.