التشكيليَّة لينا الناصري: التأسيس لمشروع فنيَّ يستلهم حضارة وادي الرافدين

منصة 2024/01/15
...

 عمان: يعرب السالم

تسعى التشكيليَّة لينا الناصري لتأسيس معالم لوحة فنيَّة ذات طابع رافديني أصيل، مستفيدة من الإرث والخزين المعرفي الشعبي والتراثي من خلال دمجه في لوحة ذات أبعاد ومعالم حضاريَّة تأريخيَّة مشرقة تؤكد عمق الحضارات القديمة التي نمت وانتشت على أرض العراق، ويرتكز دأبها هذا على فهمٍ عميقٍ لأهميَّة الميثيولوجيا الرافدينيَّة من حيث التوظيف في الأعمال الفنيَّة.

التشكيليَّة لينا الناصري تشرّبت بالفن منذ صغرها وحصدت أول جائزة في مجال الرسم وهي بعمر (7) سنوات، ثم تتالت الخطوات الواثقة في غمار الإطارات الخشبيَّة ذات المحتوى الملون، وعشق عميق للفن بكل صنوفه. فبين التشكيل وأعمال الخزف والتصميم والبورتريه والرسم على القماش والطرق على النحاس وإعادة رسم بعض أعمال المستشرقين، كلها أسهمت في رسم أبجديَّة الناصري الفنيَّة وخطوطها اللونيَّة التي عشقت التعريف بحضارة وادي الرافدين عبر لوحاتٍ باذخة الجمال أنيقة الحضور.

وربما تكون الرمزيَّة التعبيريَّة هي الأقرب إلى نفسها لأنها تجسد الإحساس الفني الذي يطغى على لوحاتها حسب الموضوعة أو الفكرة في اللوحة.

تقول الناصري في مجمل حديثها لـ"الصباح": إنّ "الفن أعطاها الراحة والبهجة وتقدير الذات واحترام الوقت، كما أنَّه أتاح لها مساحة واسعة من الانتشار وتحقيق صداقات فنيَّة مهمّة على صعيد التشكيل من خلال مشاركاتها الواسعة في المعارض الدوليَّة التي شاركت فيها، ومهرتها ببصمة عراقيَّة مثل (عمّان، بيروت، القاهرة، بغداد إسطنبول، واشنطن، فيلندا، المغرب، الجزائر، لندن) والكثير من المشاركات".

والملاحظ أنّ تسمية بعض المعارض الخاصة بها حمل طابعاً عراقياً بحتاً كمهد الحضارات في نقوش 2009، ورحلتي في بلاد الرافدين 2013، وفن وحضارة 2015، وأيقونات الشعر واللون 2020 وهو معرض ألكتروني. ومن بلاد النهرين 2022 . وتستمر الناصري لتخبرنا برسالتها الفنيَّة التي تنشد المحافظة على الهويَّة العراقيَّة الرافدينيَّة من خلال معارض ذات طابعٍ حضاري تنموي مثل مجموعة أنامل لإحياء آثار ما بين النهرين التي حملت شعار "آثارنا هويتنا فلنحمها بفننا" وموقع www.anameliraqia.com. كما أنَّ لوحاتها تحاكي تاريخ عصور ما قبل الميلاد كسومر، وأكد، وبابل، وآشور. أشبه بأساطير وملاحم بلاد النهرين التي أثّرّت في العالم بحضارتها.

ورغم الغربة لم تنسلخ لينا الناصري عن جذورها العراقيَّة بل كانت الحضارات المتعاقبة شاهد عيان حياً في لوحاتها، لتصبح سفيرة تشكيليَّة تُعرِف المتلقي بتأريخ الرافدين. عبر لوحاتها مضمخة برموز سومر وأكد وآشور وبابل. هي رسالة عميقة المعاني للعالم نقلتها عبر التشكيل وكذلك الاستفادة من الواقع الافتراضي ووسائل التواصل الاجتماعي للتعريف بأعمالها.

طموحها لا يتوقف عند لوحة بل عند إنجازٍ يحمل اسمها في العراق، ولا تتوقف عند ذلك فحسب، فقد سبق لها أنْ قدمت مشروع القرية السومريَّة عام 2018 وقد لاقى استحساناً كبيراً في تلك الفترة، ولديها مشروعٌ آخر يهدف لدمج أساطير ملاحم بلاد الرافدين بالنسيج التراثي العراقي الجنوبي من خلال تنفيذ لوحاتها على بُسط تحيكها نساء من مدينة السماوة، وفعلاً تمَّ ذلك في العام 2020.

يبقى أنْ نشير الى أنَّ الناصري وخلال تجربتها الفنيَّة حصلت على العديد من الجوائز المحليَّة والدوليَّة.