«إنجينويتي».. إنجازاتٌ تاريخيَّة فاقت كل التوقعات

علوم وتكنلوجيا 2024/01/28
...

 واشنطن: أ ف ب

بعدما أمضت المروحيَّة الصغيرة «إنجينويتي» قرابة ثلاث سنوات على المريخ، أعلنت وكالة الفضاء الأميركيَّة («ناسا»)، توقّف تحليقها فوق الكوكب الأحمر بسبب مشكلة طرأت خلال طلعتها الثانية والسبعين، لتنهي بذلك مهمتها التي تخطت كل التوقعات.
وقال رئيس «ناسا» بيل نيلسون في مقطع فيديو «ما أنجزته إنجينويتي يتجاوز بكثير ما اعتقدنا أنه ممكن»، مشيراً إلى أنها مهدت «الطريق لرحلات مستقبليَّة في نظامنا الشمسي».

الطيران ممكن في المريخ
وأصبحت هذه المروحيَّة في العام 2021 أول مركبة بمحرّك تنفذ طلعات جويَّة فوق كوكب آخر غير الأرض. وأثبتت أنَّ الطيران ممكن في هواء المريخ الذي لا تتجاوز كثافته 1 % فقط من كثافة الغلاف الجوي للأرض. وكان من المفترض أساساً أنْ تقتصر طلعات المروحيَّة على خمس فحسب، لكن بسبب أدائها الجيد جداً تمَّ تمديد المهمة. وسُجّل الحادث في الأسبوع الفائت خلال الطلعة الثانية والسبعين للمروحيَّة. وكانت «إنجينويتي» وصلت إلى ارتفاع 12 متراً، لكنَّ الاتصال انقطع فجأة قبل لحظات من هبوطها. وعاودت العمل في اليوم التالي، لكنّ فرق «ناسا» لاحظوا من خلال مجموعة صور اطّلعوا عليها بعد أيام، أنّ «أضراراً» طالت المروحيَّة. ونشرت الأسبوع الفائت صورة التقطتها «إنجينويتي» تظهر الضرر في إحدى شفراتها.
وقال مدير المهمة في مختبر الدفع النفاث التابع لـ»ناسا» تيدي تزانيتوس إن «نحو 25 %» من الشفرة مفقودة.
وتابع «قد لا نعرف مطلقاً» ما الذي حدث تحديداً، لأنّ عمليَّة نقل البيانات في نهاية المهمة الأخيرة تعطلت بصورة موقتة. وأضاف «لكنّ الجانب الهندسي يدفعنا للاعتقاد أنّ شفرة المروحيَّة اصطدمت بسطح المريخ خلال عمليَّة الهبوط».
وخسرت المروحيَّة تالياً قدرتها على الدفع اللازم للطيران. ولا يزال سبب انقطاع الاتصال بها قيد الدراسة، ولكنْ من الممكن أنْ يكون مرتبطاً بالتأثير نفسه، بحسب تزانيتوس. وأشار إلى احتمال أنْ تكون شفرات أخرى تعرضت للضرر، وهو ما لا تزال فرق ناسا تسعى إلى تأكيده.
وأوضحت ناسا أنّ المروحيَّة اضطرت للهبوط بشكل طارئ خلال طلعتها الخاديَّة والسبعين. وكانت تعمل في موقع صعب لأنّ التضاريس على المريخ محدودة، مما يشكل تحدياً لنظامها المرتبط بالتنقل المستقل.
وتمَّ تنفيذ الطلعة الثانية والسبعين والتي كان مقرراً أن تكون قصيرة، في ظل الظروف نفسها.

مستكشف جوي
وكان الإعلان عن توقف مهمة المروحيَّة فرصة للإشادة بإنجازات «إنجينويتي».
وقالت مديرة علوم الكواكب في ناسا لوري غليز «إنّ المروحيَّة بدّلت بصورة تامة نظرتنا إلى النموذج الاستكشافي، من خلال إضافتها بعدا جويا جديدا».
وتشبه «إنجينويتي» التي لا يتخطى وزنها 1,8 كيلوغراماً، طائرة مسيّرة كبيرة.
وبلغ مجموع المسافة التي اجتازتها في طلعاتها إلى اليوم 17 كيلومتراً، ووصلت في تحليقها إلى ارتفاع 24 متراً. وحطّت المروحيَّة على المريخ في شباط 2021، بعدما حمّلها الروبوت الجوال «برسفيرنس» الذي يتولى نقل البيانات منها إلى الأرض، وتتمثل مهمته في البحث عن مؤشرات إلى حياة قديمة على المريخ.  وأدّت المروحيَّة دور مستكشف جوي لمساعدة الروبوت الجوّال «برسفيرنس» في البحث عن علامات عن حياة ميكروبيَّة قديمة قبل مليارات السنين، عندما كان المريخ أكثر رطوبة ودفئاً مما هو عليه اليوم.
وقالت ناسا إن «برسفيرنس» موجود حالياً «في منطقة بعيدة جداً» وغير قادر تالياً على الاقتراب من المروحيَّة وتصويرها من قرب.
وبما أنّ المركبة الجوالة تتولى نقل البيانات من «إنجينويتي» إلى الأرض، فسيتوقف الاتصال بالمروحيَّة عندما يواصل «برسفيرنس» رحلته.
وفاجأ صمود «إنجينويتي» طوال هذه المدة المعنيين وخصوصاً أنها تستخدم ألواحها الشمسيَّة التي تشحن بطارياتها نهاراً لتوفر التدفئة لنفسها في صقيع ليالي المريخ الجليديَّة. وبدأت «ناسا» العمل على مشروع آخر لمركبة طائرة ضمن برنامج «دراغن فلاي»، لكنّ وجهتها هذه المرة هي «تيتان»، أكبر أقمار زحل.وفي المستقبل، قد تساعد المروحيات في استكشاف البشر للمريخ، على قول تزانيتوس. وأضاف «لا ينبغي لأحدٍ أنْ يتفاجأ إذا كان أول رواد فضاء وأول امرأة وأول رجل تحطّ أقدامهم على المريخ، محاطين بأسطول من الطائرات لالتقاط هذه المشاهد».

مهمتان جديدتان
وعلى صعيد ذي صلة وافقت وكالة الفضاء الأوروبيَّة على مهمتين علميتين جديدتين، ترمي إحداها لالتقاط موجات الثقاليَّة للمرة الأولى من الفضاء، بينما تهدف الثانية إلى استكشاف كوكب الزهرة. وأشارت الوكالة، في بيان، إلى أنّ مهمة «ليزا» (LISA) مرتقبة في العام 2035 وسيُستخدم فيها صاروخ “اريان 6”.
وسيتألف مقياس التداخل الفضائي الذي سيُثبت على بعد حوالي 50 مليون كيلومتر من الأرض، من ثلاثة أقمار اصطناعيَّة تشكل مثلثاً متساوي الجوانب. وسيبلغ طول كل جانب من المثلث 2,5 مليون كيلومتر، وهي المسافة التي ستتبادل خلالها الآلات الثلاث أشعة الليزر.وسيتمكن هذا المرصد الفضائي العملاق من التقاط الموجات الثقاليَّة بدقة كبيرة.