الإمام علي {ع} رائد قيم حقــوق الإنسـان والتـزاماتـها

منصة 2024/01/30
...

 د. وليد الحلي *

أسس الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) منهجية تطبيق قيم حقوق الإنسان، وذلك بالدفاع عن الإنسانية المعذبة ونصرة المظلوم وإنصافه لتحقيق العدالة الإنسانية في الأرض قائلا: (أيها الناس أعينوني على أنفسكم، وأيم الله لأنصفن المظلوم من ظالمه، ولأقودن الظالم بخزامته، حتى أورده منهل الحق، وإن كان كارها).. وقال (ع): (وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم. ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين، وإما نظير لك في الخلق)..
أصبحت شخصية الإمام علي (عليه السلام) بعد شخصية الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) أنموذجا للدفاع عن حقوق الإنسان، والحكمة في السياسة الرشيدة للحكم، والتزام  العدالة في  القضاء، والنزاهة في التعامل مع البشر، وهو المغير والمصلح للأمة، والنبيل في أخلاقه الحميدة في الصدق والأمانة والإخلاص والكرم والعطف والإحسان والبر بعون الله ونصره وتوفيقه.
محذرا (ع) الذين يحكمون بالجور والطاغوت واذلال الشعوب والعدوان عليهم بقوله: "ومَنْ ضَاقَ عَلَيْهِ الْعَدْلُ فَالْجَوْرُ عَلَيْهِ أَضْيَقُ".
ولد الإمام علي (ع) في جوف الكعبة المشرفة في 13 رجب عام 23 قبل الهجرة النبوية (17 آذار 599 م)، وتميزت شخصيته (ع) بما يأتي، فهو:
- أول من آمن بدين الله الإسلام.
- وبنبوة رسوله محمد (ص) من الرجال.
- وأشجع من دافع عن الإسلام بكل ما يستطيع في كل حياته.
- وأوفى من التزم بقوانين الله عز وجل.
- وإطاعة نهج خاتم الأنبياء والمرسلين.
- وأول أئمة أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
- كافح الفساد بما استطاع.
- وهو باب مدينة العلم (الرسول محمد "ص": أنا مدينة العلم وعلي بابها).
- لم يتوقف في معالجة هموم المجتمع ومشكلاته وتحدياته وفتن الكراهية والتمييز بأشكاله وألوانه ومخلفات الجاهلية فحسب، وإنما استثمر النقاط الإيجابية في شخصية الإنسان والمجتمع لمعالجة الخلل والنقص في شخصياتهم لتهيئة المقومات المطلوبة للشروع بالعملية الإصلاحية للمجتمع والدولة والنهوض إلى التغيير المطلوب.
- تصدى لبيان أكثر من (20) حقا من حقوق الإنسان ذكرت في نهج البلاغة وشملت: الحق في الحياة، والحق في المساواة، والحق في الحرية، وحق الفقراء في العيش، وحق بكرامة الفقراء في سؤال الحاكم على أحوالهم، وحق الضعيف أن يأخذ حقه من القوي، وحق الإنسان أن لا يعاقب على الظن، وحق أهل الذمة وغير المسلمين أن لا يُضاموا ولا يظلموا، وحق كل إنسان أن يجد قوت يومه، وحق اليتامى والمسنين بالكفالة والتعهد من قبل الحكومة الإسلامية، الحق في التقاضي على أساس المساواة بين الناس جميعهم، الحق في إقامة الحدود، الحق في الحصول على العفو، والحق في لجوء الأعداء والخصوم إلى الصلح، وحق الناس على الوالي أن يستر عيوبها، والحق في التفاضل على أساس الإحسان، وحق التجار في الحصول على رعاية وعناية الحاكم، وحق الناس في شراء بضاعتهم بعيداً عن الاحتكار وضمن موازين عادلة من دون إجحاف بحق البائع والمشتري، وحق الرعية في التواصل مع الحاكم.
- ربط بين تقوى الله وتنظيم عمل الإنسان في الحياة.
- وجعل الترابط المصيري بين العلم ومصباحه العقل والعلاقة مع الله -عز وجل- ترابطا تكامليا لأن العقل هو مصدر الفضائل والفكر والتخطيط والسلطة.
- حذر من آفة العقل الهوى ومحله الفتن، والدنيا هي المكان الذي يبتلى به الإنسان في إيمانه وعمله،
- قائلا (ع): (أوصيكم بتقوى الله ونظم أمركم).
- مثال الصدق في تقواه.
- والإخلاص في عمله.
- وترجمة ذلك بالواقع ضمن برنامج زمني محدد لاغتنام الفرص.
- قال: (للمتقي ثلاث علامات: إخلاص العمل وقصر الأمل واغتنام المهل).
- ومن منطلق النظرة الشمولية للحياة نظم الإمام إصلاحاته الإدارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية للحكم، حيث إن الإدارة لها علاقة بالصفة الإنسانية والتنظيمية والجماعية والهدفية التي يريدها الإسلام في النظام القائم على الأمانة، الذي يجعل من كل فرد أمينا على ممتلكاتها، وقيمها.
في ذكرى ولادة الإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام) المباركة والميمونة في 13 رجب، نستلهم من منهجه الدروس والعبر لنميز بين من يدعي الإيمان بحقوق الإنسان، ويعمل لسعادة البشرية، وبين من يعمل لقهر الإنسان وتعذيبه وإبادته، أو الذي يدعي العمل لإصلاح الأمة، وهو ينسق مع عدوها لإذلالها وخضوعها لسيطرته. الإنسانية المعذبة ومحنها في كل العالم، هي ضحية دول الزيف العميق التي تحت قيادة الدول المستكبرة والطغاة والكيانات الغاصبة والمنتهكة لحقوق الإنسان والتي تروج لأطروحات التضليل الإعلامي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي وبتقنيات حديثة.

*الأمين العام لمؤسسة
حقوق الإنسان في العراق