منوعات رمضان السياسية

آراء 2019/05/24
...

حمزة مصطفى
يتذكر أبناء جيلي فوازير رمضان للممثلة نيلي  نهاية ثمانينات القرن الماضي بوصفها أشهر ماكان يقدم خلال شهر رمضان آنذاك بالإضافة الى مسلسلات تلفزيونية عراقية وعربية معروفة. لم يكن الإنفجار الفضائي وكذلك السياسي قد حصل بعد. التلفزيونات محدودة ورسمية “قناة أوإثنتان والحك هلك”. والأنظمة شمولية في الغالب ملكية كانت أم جمهورية, والأحزاب كذلك. الأوضاع اختلفت فيما بعد بدء من سقوط جدار برلمين, فانهيار الاتحاد السوفيتي ونشوء النظام العالمي الجديد بنهاية التاريخ طبقا لما بشر به فرانسيس فوكاياما فصدام الحضارات للمرحوم هنتنغون وبينهما الـ “سي أن أن” الأميركية و”الجزيرة القطرية” التي أسس برنامجها الشهير “الاتجاه المعاكس” لمدرسة “المناكر” في الفضائيات العربية التي بدأت تتناسل مع ازدهار موجة الديمقراطية وانتشار الشبكة العنكبوتية وتعددية وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي “السوشيال ميديا”.
لكي أبقى في رمضان لابد أن أقفز من نيلي الي رامز جلال الذي كان أشهرماقدمته “أم بي سي” بينما الآن تراجع عدد مشاهديه ليس لأن ذائقة الجمهور اختلفت لجهة البحث عن المتعة والجديد بل والغريب, بل لأن طرق المنافسة ودخلت طورا جديدا حين دخلت البرامج الحوارية السياسية على خط ليس التنافس فقط بل الإثارة بكل أنواعها وأشكالها و”أرناكها”. ولكوني “أكمز” بين المراحل والحقب لابد أن أشير الى برنامج “سحور سياسي” للزميل عماد العبادي الذي كان له فضل الريادة في البرامج السياسية الرمضانية من على شاشة قناة “البغدادية” قبل إغلاقها.
ومع أن البرنامج انتقل طوال الرمضانات المالية الى تسمية أخرى “سحور عراقي” من على السومرية لكنه اختفى خلال رمضان الحالي. مع ذلك عوضنا الله عنه خيرا بقائمة طويلة عريضة من البرامج السياسية الى الحد الذي بات القادة والزعماء والنواب ينتقلون من فضائية الى أخرى عدة مرات في الليلة الواحدة. ليس هذا فقط فإن هناك من بين مقدمي البرامج من تفنن في استحداث فقرات جديدة ضمن برنامجه, وأخص  بالذكر الزميل أحمد ملال طلال وبرنامجه “بالحرف الواحد” من على قناة “الشرقية” حيث نجح في تحويل ضيوفه ماعدا أسامة النجيفي الى مقدمي برامج ينتحلون شخصيته كمقدم وينتحل هو شخصياتهم كساسة وزعماء.
اللافت للنظر في برامج رمضان السياسية هذا العام إنها نافست وبقوة المسلسلات وبرامج المنوعات بدء من “شلع قلع” على الشرقية الى “حامض حلو” على “أم بي سي” الى كل برامج الحزورات وماتقدمه من هدايا نقدية وعينية. أكاد أجزم أن المنافسة هذا العام كانت شديدة الى الحد الذي تجد نفسك أحيانا في حيرة من أمرك أي من الحلقات استمتعت بها اليوم البرنامج المنوع أو المسلسل بمن في ذلك الكوميدية منها أم بعض الحوارات السياسية التي تقدم لها ساعة أو ساعة ونصف وأحيانا ساعتان من المتعة الخالصة من معلومات ووثائق وفضائح وشتائم وتسقيط متبادل. المواطن الكريم من جهته لم يعد يفرق من حيث المشاهدة بين السياسي والمنوع. المعيار هو عدد اللايكات التي تحصل عليها اللقطة الأكشن حين “تطش” في الفيس.