بدور العامري
أول طبيب اختصاص دقيق عناية مركزة لحديثي الولادة في العراق، يتم اغتياله في وضح النهار بثلاث طلقات نارية أطلقت من سيارة مضللة يستقلها مجهولون بعد أن تعرضوا للمغدور في وسط أحد شوارع منطقة الوزيرية، بالقرب من عيادته الخاصة، حادثة تسببت بحالة من الفزع والحزن لدى الأوساط الشعبية، وممن يعرفون الدكتور خالد زهير.
ممارسات إرهابية
ذوو الدكتور المغدور اتهموا الإرهاب باستهداف ولدهم، باعتباره أحد الكفاءات العلمية التي تعمل على خدمة وتطوير هذا البلد، إذ طالب والد الدكتور الجهات الحكومية اثناء تشييع جثمان ولده، بضرورة الوقوف بوجه الجماعات الإرهابية التي تهدد جميع الكفاءات في البلاد، مؤكداً أن ولده الدكتور خالد كان مسالماً ويحب الجميع وليس لديه عداوة أو خلاف مع أحد، فيما تحدثت مريم عبد الله، إحدى الملاكات التمريضية في مدينة الطب، قائلة: إن «الملاكات الصحية والأطباء على وجه الخصوص يعيشون حالة من القلق والرعب اتجاه ما حصل للدكتور خالد زهير وعدد من الأطباء من قبله، إذ لا بد ان يكون هناك موقف جاد من الجهات المسؤولة لحماية حياة الملاكات الصحية، وتعتقد عبد الله أن رسالة الاطمئنان الوحيدة هي القبض على الجناة ومحاسبتهم أمام الرأي العام ليكونوا عبرة لغيرهم من المجرمين والقتلة، من جانبها أصدرت وزارة الصحة العراقية بياناً نعت فيه المغدور والتأكيد على متابعة التحقيقات بحادثة الدكتور خالد زهير، حيث وجه وزير الصحة الدكتور صالح مهدي الحسناوي فريقا وزاريا عالي المستوى، يضم كلاً من الوكيل الإداري ومدير عام التفتيش في الوزارة، بمتابعة ملف الحادثة والوقوف على ملابساتها ومحاسبة الجناة.
تفعيل القانون
مع كل حادثة اعتداء او اغتيال لطبيب، تتجدد الدعوة لتفعيل القانون وتشديد العقوبات على المتجاوزين على هذه الشريحة المهمة من المجتمع، في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الداخلية إلقاء القبض على احد المتهمين باغتيال الدكتور خالد زهير، مبينة في بيان تلقت (واع) نسخة منه أنه “فور وقوع الحادثة شرعت الأجهزة الأمنية، من خلال قيادة شرطة محافظة بغداد الرصافة والجهد الاستخباري، بالإجراءات اللازمة وعن طريق تتبع كاميرات المراقبة وتقاطع المعلومات، تبين قيام ثلاثة أشخاص داخل عجلة قاموا بإطلاق النار على عجلة الدكتور المجنى عليه بعد مضايقة عجلته، مما أدى الى إصابة صندوق العجلة التي كان يستقلها ومن ثم اختراق الرصاص ظهره وتسببت بوفاته بعد نقله الى المستشفى، وأضافت الوزارة أنه “بعد ساعات قليلة من الحادث تمكنت القوات الأمنية من إلقاء القبض على احد المتهمين وايداعه التوقيف، فيما شرع فريق أمني مختص بعملية بحث واسعة لإلقاء القبض على باقي الجناة.
مطالب ومبادرات
بدورها طالبت الأوساط الشعبية وعدد من المثقفين والناشطين في مجال حقوق الإنسان الجهات المختصة، بضرورة حماية الكفاءات العلمية التي تخدم البلد، وفي مقدمتهم الأطباء من الأساتذة، لما لهم من دور كبير في تقديم المعلومة للأجيال المقبلة، فضلا عن الخدمات الجليلة التي يقدمها الطبيب في مجال الرعاية الصحية ومعالجة المرضى.
وقد شهدت الفترة الماضية مظاهر احتجاج ورفض لظاهرة الاعتداء على الأطباء في العراق، إذ نظمت عدد من محافظات البلاد، تظاهرات منددة بتهديد هذه الكفاءات، والتي كان آخرها استهداف الطبيب الاستشاري أحمد خليل المدفعي في محافظة ديالى خلال العام المنصرم، مما دفع بالملاكات الصحية للاعتصام وغلق العيادات الخاصة، احتجاجاً على الاستهداف المتكرر للأطباء، فيما قامت محافظات أخرى، بوقفات تضامنية مطالبة بحقوق حماية الأطباء، وفي ذات الشأن اتخذت عشائر ديالى في حينها خطوة جيدة، كمبادرة مجتمعية بناءة، حيث وقعت على وثيقة شرف اعتبرت الاعتداء على الأطباء من الجرائم السوداء المدانة والمستنكرة، اذ تحدث مدير شؤون عشائر ديالى في وزارة الداخلية علي محمود في لقاء متلفز، ان «عشائر ديالى وقعت وثيقة تتضمن خمسة بنود بخصوص ملف استهداف الأطباء، أولها اعتبار أي تهديد او استهداف مباشر للأطباء كفعل إرهابي مدان ومستنكر، ومنع أخذ (الفصل العشائري) من الأطباء واعتبار تهديدهم من الجرائم السوداء الإرهابية، مؤكدا أن العشائر تحرص على النخب الطبية وجميع الاختصاصات الأخرى ولن تسمح بأية تجاوزات عليها، فيما أوضح محمود ان الوثيقة خاطبت المواطنين، في حال تعرضه لمظلومية من طبيب عليه أن يسلك الطرق القانونية واتخاذ الإجراءات اللازمة وفق القضاء، وبخلاف ذلك يعد اعتداءً وتجاوزاً مرفوضاً، وشهدت محافظة ديالى إضراباً شاملاً من قبل الأطباء، حيث تم غلق العيادات وإيقاف شبه تام للعمليات الجراحية في المستشفيات فضلاً عن إغلاق الصيدليات، احتجاجاً على أعمال العنف والاستهداف المتكرر للأطباء في المحافظة.