تدعونا بعض أغانينا الجميلة وأمثالنا الشعبيَّة الى أنْ نضحكَ لتضحك لنا الدنيا، والجميل أنهم قالوها عن تجربة شخصيَّة ونصحونا أنْ نجرّبها من دون أنْ يذكروا الأسباب، فتولت الدراسات النفسيَّة توضيح ذلك علمياً بأنَّ الضحك يجعلنا نشعرُ بالراحة النفسيَّة والاسترخاء وتحسّن المزاج، ويخفف من وطأة أعباء الحياة، ويجعل العلاقة الزوجيَّة أكثر استقراراً وراحة، وزادت عليها بأنَّ الضحك يطيلُ العمرَ.
ومؤكدٌ أنَّ بينكم من لا يصدّق أنَّ مثل هذه الأمور النفسيَّة تؤدي الى إطالة العمر، لكنَّه سيصدق حين نأتيه بتوكيدٍ علمي أنَّ الدراسات الفسيولوجيَّة أثبتت أنَّ الضحك يعملُ على تحسين عمل نظام جهاز المناعة في الجسم، ويخفض نسبة الكولسترول في الدم، ويتفادى الأزمات القلبيَّة؛ لأنَّ الضحك يحفز الهورمونات الإيجابيَّة في الجسم، وأنه أحسن دواءٍ للذي عنده ضغط، والذي كان أصيب بأزمة قلبيَّة، والذي جهازه المناعي ضعيفٌ ويصاب بأقل مرض.
لكنَّ مصيبتنا نحن العراقيين أنَّنا حتى إذا ضحكنا قلنا: اللهم اجعله ضحك خير، ربما لأننا اعتدنا على الحزن وصرنا نتوقع الشر إذا ضحكنا.
ومصيبتنا الأخرى في الضحك، أنَّ الدراسات تنصحُ بمشاهدة الأفلام والمسلسلات الكوميديَّة، بينما صارت مسلسلاتنا التلفزيونيَّة ومسرحياتنا كلها نياحة وعزاءً ودك ولطم وتفاهة، وصار شغل المؤلفين إعادة إنتاج مآسينا، مع أننا نحن العراقيين أهل نكتة.
إليكم واحدة من البصرة حكاها لي الشاعر كاظم الحجاج في لقائنا قبل أيامٍ بمهرجان المربد الشعري، عن مُعلمٍ بصري ظريفٍ يحب النكتة، كان يدرّس مادة الدين فامتحن طلابه بسؤالين، السؤال الأول: أكتب سورة الفيل، مع الرسم، والسؤال الثاني: أكتب سورة البقرة باختصار.
وأكثر اختصاراً منها أنَّ قارئاً ضريراً جيء له بالعشاء بعد أنْ ختمَ تعزيته بقراءة سورة الفاتحة على روح الميت. وكان هذا يأكل سريعاً والعشاء قليلٌ يشاركه فيه ثلاثة، فاحتار الثلاثة بأمره كيف يجعلونه يأكل على مهل، فقال أحدهم، ولا يهمكم آني أعرف اشلون راح اشغله، فسأله:
* شيخنا، رحمة لولديك ما تسولفنه قصة يوسف، أجابه الشيخ وهو مستمرٌ في الأكل:
- ولد ضاع ولكوه هله