* جميع ما يتصل بانحلال الدولة وضياع سياقاتها وهيبتها رهن بفاعلية سلطة (الإلزام)، فالدولة مؤسسة سلطات ملزمة وواجبة الطاعة لحفظ النظام وتحقيق المصالح، وإلاّ ابتلعتها الفوضى وسادها الهرج والمرج.
* أكبر تحد تواجهه سلطات الدولة الشرعية هو قدرتها على ممارسة سلطة الإلزام لرعاياها بما تصدره من قرارات وتعتمده من سياسات، وأي سلطة غير قادرة على إلزام رعاياها بأنظمتها وقوانينها فهي سلطة فاشلة لا تقوى على النهوض بمسؤوليات الدولة.
* الدولة كيان هيمنة قانوني سيادي لا يقبل الشراكة، يستمد شرعيته من ضرورة السلطة لتنظيم المجتمع وإدارة الخلافات وتحقيق المصالح، فالسلطة هي روح الدولة ومبرر وجودها.
ولا سلطة دونما توفر عناصر الإلزام والإرغام والإكراه القانوني لجميع مواطني ومؤسسات وقوى الدولة.
وأدنى تراخ بممارسة سلطة الإلزام سيقود إلى اللا نظام وتغوّل الجماعات والمجموعات على الدولة لتنازعها السلطة والنفوذ والسيادة.
* تنشأ سلطة الإلزام عن مبادئ أساس، منها: أنَّ السلطة ضرورة لحل النزاعات وتحقيق المصالح وشيوع الأمن والنظام العام، ولا يمكن تصور مجتمع دونما سلطة.
والدولة الحديثة هي مؤسسة سلطات قانونية مؤسسية تدير فاعليات المجتمع الوطني السيادي، ولا سلطة دونما إلزام تام لجميع مَن يقع ضمن دائرة مسؤولياتها وسلطاتها.
إنَّ العضوية بأي مجتمع وطني سيادي (الدولة) تستوجب بالضرورة الخضوع لسلطات الدولة الشرعية القانونية، وأدنى تمرد على السلطات الشرعية يواجه بالردع والعقوبة لأجل الامتثال.
* تُقام الدولة بالغَلَبة وتبقى بالحكم الصالح، ولا تستمر الدولة دونما طاعة وامتثال لسلطاتها.
إنَّ الدولة ماكنة سلطات محتكِرة لثلاثي: الشرعية، النظام، والإلزام،.. الشرعية تجسدها إرادة الناس، والنظام يجسده الحكم الرشيد، والإلزام يجسده الإذعان للقانون بالقوة، والقانون هو المجسد للعدالة والمساواة والنظام العام.
وأدنى إخلال بعناصر الشرعية والنظام والإلزام فستتفكك الدولة أو تكون مسمّى دولة تنوء بنفسها وبسلطاتها وبمجتمعها.
* كلما ارتقت الأمّة كان مصدر الإلزام لديها (الوعي) بضرورة الدولة و(احترام) القانون والنظام العام لتحقيق الاستقرار والمصالح، بينما يكون احتكام الأمم الميتة والراكدة والمنقسمة إلى (التغالب والاحتيال) في علاقتها بالسلطات والقانون، ويكون مصدر الإلزام لديها (الخوف والتخويف المتبادل).
* تحتاج سلطة الإلزام إلى نواة حكم صلبة قوية قادرة على حمل المجتمع وقواه ومؤسساته على الالتزام المجسد للنظام العام والمصالح العامة، ودونما إدارة حاسمة وحازمة قادرة على فرض الإلزام فلا يمكن المراهنة على أي تقدم تحرزه الدولة.
* الأنظمة السياسية التي تعيش أزمة (وحدة واتساق) الرؤية والنظام والإدارة والإرادة تكون أنظمة هشة ضعيفة مستلبة لا قدرة لها على فرض القانون والنظام وحفظ مصالح الدولة العليا.
وعموم الأنظمة التوافقية العرقطائفية الحزبوية هي أنظمة هشة متعارضة الرؤية والإرادة والأجندة، وهنا فلا يمكن المراهنة على إنتاج نواة صلبة للحكم قادرة على توفير عنصر الإلزام لحفظ الدولة ومؤسساتها ومصالحها وسيادتها.
* لا يمكن لأي نظام سياسي الاستمرار مع شيوع الفوضى والفساد واللا نظام،.. ومقولة (ماكو دولة) هي تعبير عن غياب الخضوع لسلطات الدولة والالتزام بقوانينها والإذعان لهيبتها،.. إنَّ مقولة (ماكو دولة) هي تجسيد لفكرة شرعة الغاب والتّنمر على الدولة قبال أصل فكرة الدولة وضرورتها كقوة ضابطة وناظمة وحيدة للأمّة.