مجلة {الكلمة}.. منبرٌ أدبيٌّ رائد

منصة 2024/02/20
...

 عبدالله الميالي

لا يختلف أحد في دور المجلات الثقافيّة والأدبيّة في تنشيط المناخ الثقافي والأدبي وتكوين النُخب الواعدة في ذلك الوسط. وفي استقراء بسيط للمجلات العراقيّة والعربيّة التي صدرت في القرن العشرين نجد كيف عملت تلك المجلات على استقطاب الكثير من الأسماء اللامعة في الوسط الأدبي العراقي والعربي حينئذ، ومن تلك المجلات على سبيل المثال: (المقتطف والهلال والرسالة وفصول في مصر، العرفان والآداب والأديب والناقد في لبنان، المعرفة والموقف العربي والآداب الأجنبية في سوريا، العربي والبيان في الكويت، لغة العرب والمورد والأقلام والكلمة والطليعة الأدبية في العراق، وغيرها) بغض النظر عن توجهات وأيديولوجية تلك المجلات والتي لا يمكن لها أن تكون بعيدة عن رقابة النظام الحاكم في الأقطار العربية وربما تتناغم معه بصورة أو بأخرى.

ومما يُحسب لمجلة (الكلمة) العراقية (1967 – 1974) أنها كانت بعيدة عن ذلك المسار، وقاومت الضغوط الكبيرة لجرها إلى صفوف ثقافة النظام الحاكم، وهي التي أرادت أن تكون مجلة أدبية خالصة غير قابلة للتسييس والتطبيل لهذا النظام أو ذاك. فعندما وجدت المجلة نفسها بين خيارين أحلاهما مر، إما السير على مسطرة ثقافة النظام الحاكم آنذاك بشكل مطلق كما هو يريد، أو التوقف عن الصدور، عزفت عن تناول عسل النظام، وتجرّعت مرارة الإيقاف، لتعلن عن موقف نادر في ظل النفاق الثقافي السائد الذي وجد له خيمة كبيرة يستظل بها برعاية الأنظمة الحاكمة لا سيما الدكتاتورية والمستبدة.   

تُعدُّ مجلة (الكلمة) من أهم المجلات الأدبية العراقية التي اهتمت بألوان الأدب الحديث، حيث فتحت أبوابها لعشرات الأدباء العراقيين والعرب طيلة ثماني سنوات من عمرها، وأصبحت جسراً للتواصل الثقافي والفكري والأدبي بين الأدباء.

ظهرت مجلة (الكلمة) لأول مرة في عام 1967 (العدد الأول في كانون الثاني 1967) في مدينة النجف، وبواقع عدد في كل شهرين، أسسها الأديب والموسوعي حميد المطبعي (1942 – 2018) بمؤازرة وتشجيع ودعم نُخبة من الوسط الأدبي النجفي ممن سعوا لتشكيل تيار حداثوي وقتئذٍ منافسة منهم لأولئك الذين يتبنون الأدب التقليدي.

وخلال أشهر قليلة وبنشاط دؤوب من المطبعي وموسى كريدي (1940 – 1996) الذي أصبح رئيساً لتحرير المجلة في العام 1968، استطاعت المجلة استقطاب عشرات الأسماء اللامعة في الوسط الأدبي العراقي والعربي. لتصبح لاحقاً أهم مجلة أدبية في العراق، بل نافست مجلات عربية عريقة.

(ظلت "الكلمة" طيلة صدور أعدادها التسعة، محاربة من وجوه مختلفة، من الأقبية، وتلامذة العقد التاريخية، لأنّها قدّمت للقارئ – باعتزاز –  نماذج الأقلام النظيفة، التي ما لانت يوماً، فعاشت تصارع البغاء الثقافي والأدمغة المحشوة بالتخلف الحضاري، ولموقفها الصلب هذا، تفتخر اليوم بأنّها أول مجلة تُجاز رسمياً من قبل وزارة الثقافة والإعلام، وبذلك قد كسبت معركتها الأولى. وتظل "الكلمة" في مرحلتها الجديدة، تؤكد أنها ستعطي أكثر، وتقدم الأدباء الطليعيين، الذين غابوا في الغياهب والتشرد بوجه أكثر تمرداً واستمراراً.) ، بهذه الكلمات بشّر حميد المطبعي بمجلته بعد توقف قسري مؤقت، وبعد صدور تسعة أعداد بعنوان (حلقة) فاتحاً أبوابها للأدباء الشباب وللأسماء الكبيرة على حدٍّ سواء. من شعراء وقصاصين ونُقاد ومترجمين ومسرحيين من العراق والبلدان العربية الأخرى.

في مقال لها تستذكر الروائيّة إنعام كجه جي، حميد المطبعي ومجلته: (لا يحتاج لأوصاف أخرى من نوع الأديب والمؤرخ والفيلسوف. يكفي القول إنّه صاحب مجلة "الكلمة" التي صدرت في النجف واخترقت كالشهاب الأوساط الأدبية العراقية والعربية، ونشرت لمبتدئين سرعان ما صاروا قامات يُشار إليها. كاتب بسيط ظاهراً، ذو كهوف ومسارب تشبه متاهات الأزقة في مدينته وسراديبها المؤثثة بالمخطوطات وكتب الفقه. كان حركة لا تهدأ، وجدلاً لا يُملّ، وضحكة ماكرة يطلقها كالسهم حيناً، أو يشهرها كالدرع الواقية.)

إنّ من أهم عوامل نجاح المجلة بهذه الصورة المتميّزة يعود إلى مؤسسها الصحفي والموسوعي والمؤرخ حميد المطبعي وذلك من خلال نظرته الثاقبة، وسعة أفقه، ومقدرته الصحفية، وموهبته الأدبية، وصدقه مع نفسه، وحبه للأدب والأدباء، وتواضعه الجم، ودماثة أخلاقه، وعلاقاته الواسعة مع محيطه الأدبي في العراق والوطن العربي. وقد برز اهتمام مجلة (الكلمة) بشكل رئيس في الشعر الحديث (الحر والنثر) والقصة القصيرة، والمقال الأدبي، والمسرحية، والدراسات النقدية المختلفة عن الشعر والقصة الرواية والمسرح، وترجمة النصوص الأدبية الأجنبية، فضلاً عن الإعلانات المختلفة لآخر الإصدارات الأدبية في النقد والقصة والشعر والرواية والمسرح.  

وللتعريف بهوية المجلة وشعارها، جاء في تعريف المجلة في الأعداد الأولى لها عندما صدرت على شكل حلقات: (الكلمة حلقات أدبية تعنى بالشكل الأدبي الحديث، ولكنها لا تلتزم به تعبيراً بالضرورة). وتم تغيير هذا العنوان أو الشعار إن جاز التعبير، لاحقاً بعد تسعة أعداد ليحل محله عنوان: (الكلمة مجلة تعنى بالأدب الحديث، تصدر كل شهرين، صاحبها ومديرها المسؤول حميد المطبعي، رئيس التحرير موسى كريدي.)

وظلت المجلة تصدر من النجف طيلة الأربع سنوات الأولى من عمرها، لينتقل مقرها إلى بغداد لاحقاً حتى توقفها عن الصدور نهائياً عام 1974 (آخر عدد صدر في تشرين الثاني 1974) بقرار شخصي من مؤسسها حميد المطبعي ورئيس تحريرها موسى كريدي، بسبب محاربتها من قبل وزارة الإعلام لعدم سيرها على مسطرة الدولة الفكرية وكان الله يحب المحسنين كما يقول الناقد باسم عبد الحميد حمودي.

مرحلة التأسيس:

أشار الأستاذ د. زهير غازي زاهد وهو من جيل حميد المطبعي وموسى كريدي، في مقدمة ديوانه (الرحيل عبر وديان الغربة) الصادر في عام 2020، إلى إرهاصات تأسيس مجلة (الكلمة) في مدينة النجف: 

(ائتلفنا مجموعة من الأدباء ضمتنا مقهى أبو المسامير في النجف .. وانبثقت من هذه المجموعة ندوة سميناها ندوة الآداب والفنون المعاصرة سنة 1966، كانت هذه الندوة تقيم أمسيات لها في قاعة إعدادية النجف التي كنت مدرساً فيها، وكانت ندواتنا تمثل الحداثة وتدعو إلى التجديد.. ومن هذه الندوة انبثقت فكرة إصدار مجلة "الكلمة" على صورة حلقات شهريّة باسم شاب متحمس هو حميد المطبعي، وطبع عددها الأول في مطبعة الغري بتبرعاتنا التي لم تسد كلفة الطباعة، ثمّ استمرت الكلمة في الصدور واتسعت دائرة الكتابة فيها للأقلام الجديدة في الشعر والفنون الأخرى.)

ومن الفائدة أن نقتبس شهادة مهمة للأستاذ الناقد د. شجاع مسلم العاني، للوقوف على مدى أهمية مجلة (الكلمة) في تلك المرحلة، وما لعبته من دور كبير في تنشيط الحراك الأدبي: 

(أصدر المطبعي ما دُعي فيما بعد بمجلة الكلمة، برغم أنها منشور دوري كان يصدر في حلقات، وبرغم أن الرجل لم يكن من ذوي المال يساعده ولا النفوذ السياسي، فإنّه شقّ طريقه وكذلك مجلته وسط صعاب عدة بفعل إصراره على المضي في مشروعه الثقافي. لقد كانت مجلات وزارة الإعلام آنذاك حكراً على الأقلام التقليدية وبعيدة كل البعد عن الأدب الحديث، ومن هنا جاءت الكلمة في مرحلة كان الأدباء الشباب أحوج ما يكونون إلى مطبوع يُعنى بإبداعهم الأدبي والنقدي، فوجد هؤلاء الأدباء في الكلمة ما يلبي طموحهم إلى النشر والتعريف بنتاجاتهم، وقد ساعد المجلة على الانتشار حرص صاحبها حميد المطبعي على إيصالها إلى أماكن بعيدة عن العراق، فقد كانت تصل لندن وموسكو والقاهرة، وما زلت أذكر كيف كنت أوصل المجلة إلى جيل الستينيات من الأدباء المصريين وأنا على ثقة أن مجلة "كاليري 68" التي أصدرها الأديب المصري إبراهيم منصور والتفَّ حولها معظم الكتاب والشعراء الشبان صدرت بتأثير من مجلة الكلمة العراقيَّة. وما زلت أذكر كيف أحمل إلى صديقي صبري حافظ أعداد المجلة واطلب منه كتابة نقود على قصص بعض هذه الأعداد، وما زلت أذكر أيضاً أن المستشرق الانكليزي الذي ترجم قصة يحيى الطاهر عبد الله "جبل الشاي الأخضر" إلى الانكليزية، جاء يطلب مني إيصال أعداد مجلة الكلمة إليه. وإلى جانب الظروف المالية الصعبة التي عانت فيها المجلة، فإنها كانت ملاحقة من دوائر الأمن، وما زلت أذكر كيف أوقفت الشرطة أو دوائر الأمن المجلة عندما نشر برهان الخطيب فيها قصة تصوّر ضابط شرطة مرتشٍ يعتاش على دماء مومس بأن يتلقى منها الرشوة ليسمح بممارسة عملها. كتب ونشر في مجلة الكلمة معظم جيل الستينيات من شعراء وقصّاصين ونقاد، بل إنّ المجلة بلورت وساعدت في نشوء هذا الجيل وتطوره بحيث يمكن أن يُدعى "جيل الكلمة" فما أن رأى أبناء الأجيال السابقة من الأدباء نجاح المجلة واستمرارها حتى أقدموا على النشر فيها. وهكذا فإنّ أسماء شعراء وكتاب كبار كالبياتي ونجيب المانع وآخرين راحوا ينشرون في الكلمة لتصبح مجلة كل الأدباء العراقيين وليست خاصة بجيل واحد. لقد دعيت هذه الموجة من الأدباء أو ما أحدثه الجيل بالموجة الصاخبة تارة وبالروح الحية تارة أخرى، لكن من المؤكد أن ثمة مولداً كبيراً أوجده الستينيون شعراءً وقصّاصين ونقاداً، وكانت مجلة الكلمة أكثر من سلك في هذا المولد الكبير، الذي وضع لبنات أساسية في حركة الأدب الحديث ونقده، بعد جيل الرواد من الشعراء الذين كتبوا القصيدة الحرة أو الجديدة، وربما كانت أكثر هذه اللبنات أهمية هي ظهور مجموعة من النقاد المتخصصين في الشعر والقصة، بعد أن كان النقد في الخمسينيات مجرد محاولات بسيطة غالباً ما تجود بها أقلام الأدباء أنفسهم) . ومن جانب آخر يرى بعض منتقدي المجلة، أنّها بالغت في موضوعة التجديد والحداثة الأدبية، حتى عُدّت المجلة بكونها تمثل التيار المتطرف بالانزلاق في التغريب. 

أدباء نشروا نتاجهم الأدبي في مجلة (الكلمة)

قلنا إنّ المجلة وبفضل ألمعية الثنائي حميد المطبعي وموسى كريدي ونشاطهما الأدبي المتميز، استطاعت استقطاب عشرات الأسماء الأدبية للنشر فيها، ومنها:

من الشعراء العراقيين: مصطفى جمال الدين، عبد الوهاب البياتي، بلند الحيدري، سعدي يوسف، شاذل طاقة، شفيق الكمالي، سامي مهدي، حميد سعيد، عبد الأمير معلّة، رشدي العامل، آمال الزهاوي، جان دمو، حسب الشيخ جعفر، حميد المطبعي، موسى كريدي، محمود البستاني، شريف الربيعي، زهير غازي زاهد، بشرى البستاني، نزار عباس، فاضل العزاوي، فوزي كريم، وغيرهم.

ومن القصاصين العراقيين: عبد الملك نوري، فؤاد التكرلي، نزار عباس، جمعة اللامي، موفق خضر، برهان الخطيب، سركون بولص، موسى كريدي، لطفية الدليمي، سميرة المانع، مي مظفر، بلقيس نعمة العزيز، عالية ممدوح، عبد الرحمن مجيد الربيعي، محمد خضير، حامد الهيتي، محمود عبد الوهاب، أحمد الباقري، يوسف الحيدري، محمود جنداري، خضير عبد الأمير، عبد الله صخّي، عبد الواحد محسن، غائب طعمة فرمان، خالد الراوي، إبراهيم أحمد، مهدي عيسى الصقر، عبد الله نيازي، عائد خصباك، أحمد خلف، وغيرهم.

ومن النُقّاد والباحثين العراقيين: د. علي جواد الطاهر، د. شجاع مسلم العاني، د. محمود البستاني، د. جلال الخياط، د. فاضل ثامر، د. جميل نصيف، طرّاد الكبيسي، محسن الموسوي، عبد الإله عبد الرزاق، ياسين النصير، باسم عبد الحميد حمودي، أحمد جاسم العلي، عبد الجبار عباس، عبد الإله أحمد، عبد الرحمن طهمازي، حسب الله يحيى، مدني صالح، عزيز السيد جاسم، عدنان الربيعي، مخلص خليل، محسن الخفاجي، سلمان التكريتي، مؤيد الطلال، هيفاء خليل، زهير الجزائري، نجيب المانع، عادل عبد الجبار، ياسين طه حافظ، وغيرهم.

ومن الأدباء العرب: أدونيس، نزار قباني، زكريا تامر، ممدوح عدوان، حيدر حيدر (من سوريا)، خليل الخوري، هاني فحص، محمد حسن الأمين، عبد اللطيف برّي، هاديا حيدر (من لبنان)، أمل دنقل، محمد عفيفي مطر، يحيى الطاهر عبدالله، إبراهيم أصلان، طلعت همام، مَلَك عبد العزيز (من مصر)، غالب هلسا (من الأردن)، معين بسيسو، جبرا إبراهيم جبرا (من فلسطين)، محمد زفزاف (من المغرب).    


شهادات بحق المجلة:   

نظراً للمكانة المرموقة التي تبوأتها مجلة (الكلمة) في الوسط الأدبي العراقي والعربي، فقد نالت المجلة العشرات من شهادات التقدير والثناء من قبل كوكبة من المفكرين والباحثين والأدباء والإعلاميين، نشير هنا إلى طائفة منهم: 

الناقد د. علي جواد الطاهر: أهم وسيلة إعلامية للموجة مجلة (الكلمة) تصدر في النجف ويكتب فيها العراق كله وتعقد صلات مع العرب كلهم.

الشاعر جميل حيدر: إنّها الآن أجرأ لافتة تتواثب في شارع النور.

الناقد جبرا إبراهيم جبرا: لقد أعجبت بالحلقة الأولى كما أعجبت بالثانية، لما في كلتيهما من محاولة للتجديد، ومما يعد بالخير لأدبنا المعاصر.

الشاعر السوري أدونيس: (الكلمة) أصوات جديدة من العراق، وقد رأينا أن ننشر لقرائنا نماذج من هذه الأصوات الجديدة. 

المفكر المصري د. غالي شكري: كانت مجلة (الكلمة)، التي أصدرها بعض الأدباء الشباب من النجف عشية الهزيمة عام 1967، تعبيراً صادقاً عن أزمة الجيل الجديد الذي لم يجد في مجلة رسمية (كالأقلام) منبراً طيّعاً لتوتره وتمرّده.

الروائي والناقد فاضل العزاوي: إن (الكلمة) كانت المجلة العراقية الوحيدة التي تمكنت في تلك الأيام من إيجاد بعض العلاقة الثقافية بين الأدباء الجدد ومحيطهم العربي الأوسع، وهي علاقة شكلت جزءاً من دفاعهم عن كتاباتهم. 

القاص والروائي أحمد خلف: احتلت (الكلمة) حال صدورها مكانتها الجديرة بها، وكان من يتمكن النشر فيها إنما يكون قد خطى الخطوة الضرورية في عالم النشر. 

الناقد باسم عبد الحميد حمودي: كانت مجلة رائدة في انتفاضتها على أطر النشر التقليدية آنذاك وفي قدرتها على جمع أدباء التجديد العراقيين والعرب على صفحاتها في جو سياسي وثقافي مدلهم. 

الكاتب حميد مجيد هدّو: أصبحت مجلة (الكلمة) في حينها واحدة من المنابر الثقافية المتجددة، وكانت الوحيدة لبث الأفكار الجديدة في العراق ولم تكن مجلة أخرى تنافسها، وكانت المتنفس الوحيد لرواد وباحثي العراق والبلاد العربية، وهي من المجلات الرصينة التي عالجت قضايا الأدب والشعر والفكر في وقت كان العراق يفتقر لمثلها. (صحيفة الزمان) 

الناقد عزيز السيد جاسم: عندما صدئت عشرات السيوف ظلت (الكلمة) سيفاً مجاهداً وكلمة لم تبر. وبالجهد الدؤوب المتواضع رصفت المجلة حجرات مهمة في قلب زاوية البحث عن القيم الفنية الجديدة، وطالما استنشق القارئ العراقي من سطورها رائحة الالتزام والمناضلة من أجل اليقين.

الناقد عبد الجبار عباس: بظهور مجلة (الكلمة) عام 1967، بدأت مرحلة جديدة في النقد القصصي.. فظهرت محاولة مخلصة للتنسيق بين اللمحات المضيئة في تراثنا النقدي وبين ما عرفناه عن النقد القصصي في كتابات كلينيث بروكس، وراي وست، وفرانك أكونر، ويحيى حقي، وشكري عياد، وصبري حافظ. 

الروائي السوري فاضل السباعي: مجلة (الكلمة) نافذة يطل منها القارئ العربي على أدب عراقي أكثر حيوية وإبداعاً. ولست أدري أين كان يمكنني أن اقرأ هذا الذي قرأت مجتمعاً في غير (الكلمة)؟.

الشاعر فوزي كريم: إن صدور مجلة الكلمة عام 1967 هو البداية الحقيقية لظهور العلائم الأولى لمناخ التجديد الذي يحمل شحنة من الأشكال والمغايرة، من خلال اهتمامها بالحركة الأدبية الشابة. الشاعر عدنان الصائغ: مجلة (الكلمة) هي أول مجلة ارتبطت بمرحلة الستينيات كمشروع، ونشرت نتاج شعراء هذه المرحلة، وأطلقت عليهم اسم (جيل الستينيات).

عند آخر عدد في تشرين الثاني 1974، وبعد ثماني سنوات من العطاء، وبعد خمسة وأربعين عدداً، توقف نبض (الكلمة) وأسدل الستار على منبر أدبي متميز وفريد.