أنتِ وأنا والقارئ، نحتاج الى أنْ نستمدَّ الثقة ممن حولنا من الناس، وكل إنسان هو في حاجة لأنْ يستمدَّ الثقة في نفسه من نفسه، وذلك بأنْ يقدّر مواهبه ويحترمَ قدراته، ويسعدَ بها، وأنْ يظهرَ ما لديه من قدرات، لا بأسلوب الغرور والمباهاة، بل على سبيل إظهار حقيقة لديه، مع تواضعه للناس دون كبر.
إنَّ مدح النفس بما فيها هو، وقد تختلف معنا، واجبٌ في بعض المواقف، لماذا؟.
حتى يحصل المستحق على مكانته، لأنَّ الفرد إذا أخفى مواهبه ولم يظهرها، فإنَّ هذا يؤدي الى وصول الخالي من الموهبة والمهارة الى مكانة لا يستحقها، ويصبح الشخص الذي كتم مواهبه وأخفى مهاراته ولم يعلنها مُذنباً في حق نفسه ومن حوله.
والفكرة الشائعة عند كثيرين هو خوفهم أنْ يكون في ذلك غرورٌ بالمفهوم الاجتماعي أو رياءٌ بالمفهوم الديني.
غير أنَّنا لو دققنا النظر، فسنجد أنَّ مدحك لمواهبك هو أحد استحقاقاتك وامتيازاتك التي ترتبت على جهدك ومهاراتك.
وحتى على المستوى الديني، فإنَّ ذلك لا يعدُّ رياءً، بدليل أنَّ النبي يوسف مدح نفسه قائلاً: «اجعلني على خزائن الأرض اني حفيظ عليم»، فوصف نفسه بالحفيظ أي الأمين، ووصف نفسه بالعليم، أي صاحب الخبرة والمهارة في إدارة شؤون البلاد الاقتصاديَّة، ولو لم يفعل ذلك لكانت النتيجة كارثيَّة، ولتم إسناد الأمر الى غير الكفء، وساعتها ما كانت للمجاعة أنْ تمرَّ بسلام، لكنَّ امتداح يوسف «ع» لقدراته وتقدمه للحصول على مكانته المستحقة هو طوق النجاة لأمة بأكملها.
نرجو أنْ تكون قد وضحت الفكرة لديك، ألا تبخس نفسك حقها في إظهار ما لديك من قدرات ومهارات ومواهب كما هي دون مغالاة، وبأسلوبٍ موضوعي ليس فيه مباهاة أو غرور، فإنَّه استحقاقك إنْ وفقت في إقناع من حولك ومن يعنيه الأمر.