سعد الراوي
مضت 5 دورات انتخابيَّة لمجلس النواب في عراقنا الحبيب وأقل منها لمجالس المحافظات وهناك حوارات معمقة بشأن التلكؤ الحاصل في التحول الديمقراطي، الذي يتسم في بعض الأحيان بالتراجع، فهل نحن نسير باتجاه الدكتاتورية وإعادتها من جديد بصيغة مختلفة أم إننا فعلاً بلد ديمقراطي ويسير في الاتجاه الصحيح وأنَّ ما نراه من عثرات أمر طبيعي ممكن تصويبه.
وسنعرج في هذا العنوان إلى محورين:
• عقبات وثغرات في مسار الديمقراطية العراقية.
• خطوات لتصحيح المسار الديمقراطي في العراق.
أولا: عقبات وثغرات في المسار الديمقراطي العراقي نوجزها بالآتي:
1- وجود أحزاب وأشخاص فوق القانون وخارج المساءلة.
2- كثير من القوانين تشرع بإرادة وتوافق سياسي وليست لمصلحة الوطن والمواطن بشكل رئيس.
3- هناك أحزاب تم تشكيلها خارج الإطار القانوني لتأسيس الأحزاب.
4- وجود شخصيات تدعي أنها نخب وطنية ترغب برفض كل ما موجود وتحاول صناعة حكم جديد عبر الانقلابات أو احتلال جديد أو تجلس يائسة وتتمنى على الله الأماني.
5- وجود أحزاب قاربت أعدادها 300 حزب رغم تشابه مشاريعها السياسية وندرة وجود مشروع سياسي ممكن أن ينزل فيه الحزب إلى الجمهور لإقناعهم وكسب تأييدهم.
6- وجود توزيع قومي أو طائفي للمناصب الرئيسة والدرجات الخاصة وحتى الدرجات العامة، وقد تكون هذه مثلبة كبيرة تحتاج لمراجعة وقد يكون سببها الرئيس افتقارنا لمشروع سياسي عراقي يضع كل المواطنين تحت خيمته ويشعر الكل بالأمان معه.
7- وجود أحزاب كثير منها لا تؤمن بفكرة المعارضة بل معظمها ترغب بالمشاركة في السلطة وكأنَّ الغاية من الانتخابات الوصول للسلطة وحسب.
8- نفتقر إلى الثقافة الديمقراطية عموماً والانتخابية خصوصاً فقد نجد سياسياً لا يفقه شيئاً في الأنظمة الانتخابية فكيف بالمواطن العادي. ولا توجد معاهد للتثقيف الديمقراطي في بلدنا العزيز.
ثانيا: خطوات لتصحيح المسار الديمقراطي في العراق.
بعد مضي أكثر من 20 عاماً على ما يسمى بالتحول الديمقراطي في العراق وما زال البعض يعتبر المسار صحيحاً والكثير يرى إشكالات وعقبات يجب حلها وتجاوزها وآخرون يرون أنه ليس هناك ديمقراطية أو أنها بدأت تتراجع بشكل لافت للنظر ولأسباب عدة. فكل ما يقال فيه وجهة نظر علينا دراستها بتمعن وسماع كل الآراء وتقبل نقدها البناء ولتتضافر جهود المخلصين من الكفاءات لوضع عجلة الديمقراطية في المسار الصحيح. عليه أُدون ما أراه مناسباً لتعزيز الديمقراطية وفي أهم مفصل فيها وهو الانتخابات في عراقنا الحبيب:
1- استكمال التشريعات والتعديلات القانونية وبالأخص قوانين (الأحزاب/ الانتخابات/ المفوضية.. الخ.) بحيث لا تقتصر على فقرتين أو ثلاث كما نقرأها في وسائل الإعلام حيث لا يزال قانون الانتخابات بحاجة إلى إجراء تعديلات كبيرة وكثيرة وبمشاركة كل أطراف العملية السياسية.
2- كسر الحواجز الموجودة بين كل شركاء العملية السياسية ((مفوضية الانتخابات/ الأحزاب/ المنظمات المحلية والدولية/ السلطات الثلاث/ الإعلام/ الناخبون/ الجهات الداعمة.. الخ)). فالفجوة الكبيرة بينهم أثرت سلباً في المشاركة وعزوف الناخبين وتفاقم الإخفاقات وأمست الشكوك كثيرة في نزاهة الانتخابات.
3- مراقبة مهنية شديدة من قبل الأحزاب والمنظمات الدولية والمحلية حيث لم يعزز وجود خبراء الأمم المتحدة ترسخ الديمقراطية ونزاهة الانتخابات بالشكل المطلوب. وهذا ما جعل الكثير يشك في عملهم وقد أصبح سبباً رئيساً في عزوف الناخبين عن التصويت.
4- إقرار مبدأ الفصل بين السلطات. ويبقى عمل الهيئات المستقلة بعيداً عن تأثير السلطات الثلاث. والجميع يتعاون وفق ما أقره الدستور والقوانين النافذة وكل من موقعه لرفع الأداء الديمقراطي وتعزيز نزاهة الانتخابات.
5- مشاركة خبراء ومنظمات دولية ومحلية في اختيار أعضاء مجلس المفوضين بعيداً عن المحاصصة مما يعطي ثقة للناخب والمرشح أكثر في المشاركة ويعزز نزاهة الانتخابات وقبول نتائجها محلياً ودولياً. وذلك ممكن من خلال التواصل مع مجلس النواب وهو السلطة المخولة قانوناً بتشكيل ومتابعة ومراقبة مفوضية الانتخابات.
6- حملة توعية كبيرة تتركز على التوعية الديمقراطية وكل ما يتعلق بها وبكل تفاصيلها يقودها كل شركاء العملية السياسية بدءاً من مفوضية الانتخابات والأحزاب والمنظمات المحلية والدولية والإعلام بكل وسائله. حيث لا تزال الثقافة في هذا الجانب محدودة ويمكن أن تكون درساً منهجياً أو في الأقل توعوياً في كل المدارس والجامعات.
7- إعطاء فرص متكافئة لكل الأحزاب والائتلافات السياسية والمرشحين للظهور في وسائل الإعلام الحكومية، وعدم استخدام مؤسسات الدولة لصالح حزب أو مرشح معين مع محاسبة المخالف.
8- الحرص التام على إعلان نتائج الانتخابات بأسرع وقت بحيث لا يتجاوز اليومين أو الثلاثة باستحداث مراكز عد وفرز في كل دائرة انتخابية وتكون النتائج على مستوى مركز تسجيل ومركز اقتراع ومحطة اقتراع ونشر نتائج المحطات في موقع المفوضية وتعتبر نتائج أولية قابلة للطعن. ولديّ مقترح مفصل لإعلان النتائج وفق هذا المقترح.
9- المساءلة القانونية العادلة للجميع سواء للجهة المنفذة أو الأحزاب أو المرشحين أو الناخبين أو الجهات المراقبة التي تتجاوز مهامها أو أي سلطة تتدخل خارج نطاق القانون.
10- إبعاد كل المؤسسات العسكرية والأمنية بكل صنوفها ومسمياتها عن العمل السياسي. ومنع تأثيرها بشكل كامل.
أخيراً حتى لا نقف مكتوفي الأيدي بأن نكتب ونشخّص دون أن نذكر شيئاً لأجل المعالجة وتصويب الخلل، لذا أرفق في أدناه (المبادرة الوطنية لتعزيز الديمقراطية) وهذا رأيي المتواضع ولا بد من أخذ آراء الآخرين في مسار التصحيح وبكل الاتجاهات لنصل بالعراق إلى الديمقراطية الحقيقية كما في الدول المتقدمة.