علي حسن الفواز
ما تحدث به الصحفي الأميركي توماس فريدمان عما يجري في غزّة يكشف عن الخيارات الخاطئة للكيان، وأنَّ عنفه العنصري سيأخذ الولايات المتحدة «في رحلة خطيرة ومقلقة»، وسيدفع بـ»نتن ياهو» إلى مزيد من العنف والاغتيالات التي تؤشّر مدى الأزمة التي يواجهها هذا الكيان، فبالأمس اغتال أولاد إسماعيل هنية وأحفاده، واليوم اغتال مدير شرطة جباليا المسؤول عن توزيع المساعدات، وبهذا فإنَّ الأدلة تتضح، وتُعرّي وتفضح، لكن القرار الدولي مازال غامضاً، وأنَّ الرهانات السياسية مازالت مثيرة للجدل والقلق، فالولايات المتحدة تدعو الصين والحلفاء في المنطقة إلى منع إيران من الرد على جريمة الكيان بقصف قنصليتها في سوريا، خشية أن تتسع مديات الصراع، قد يفقد فيها الكيان قدرته على الاستمرار، وبالتالي دخول المنطقة إلى عاصفة الرمال النووية.
يقول فريدمان: إنَّ «إسرائيل ترتكب خطأ فادحاً بالاندفاع المتهور إلى غزو غزة، كما فعلت أميركا في أفغانستان بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر».
هذه القراءة تضع الكيان في موقف محرج، ليس لتأثير فريدمان الكبير على الرأي العام، بل يعني العجز عن توظيف السياسة في معالجة «استرداد الرهان» وحتى تحقيق ما تسميه الحكومة بحثاً عن نصر مزعوم لها في عدوانها، وفي فرض نظرية القوة على الأرض وتحقيق الحلول الأمنية التي لن تكون حاسمة، ولن تكتسب أي شرعية كما يصفها فريدمان، لأنَّ العدوان يُلحق الأضرار بالمدنيين الفلسطينيين، ويبعد أي أفق سياسي للحلول السياسية.
ما يفعله «نتن ياهو» يكشف عن أزمته السياسية، وعن خوفه بأنَّ الحل السياسي والاتفاق مع «حماس» يعنيان نهايته، لذلك يجد في استمرار العدوان- رغم القرار الدولي بإيقافه- تمثيلاً لفشله، وللعنة حربه التي وضعت الكيان الصهيوني مفضوحاً أمام العالم، وعاجزاً عن تحقيق ذلك «النصر» بل أنَّ عدوانه قد يفتح أبواب الجحيم على المنطقة، وبما يدفع الولايات المتحدة إلى التورط فيها، وهذا ما تريده روسيا والصين بوصفهما خصمين ستراتيجيين لها، ولحروبها الأمنية والتجارية والإيديولوجية.
ما يؤكده فريدمان بشأن الحرب، يرتبط بأوهامها السياسية، فيصفها بـ»أنها ستراتيجية مجنونة تماماً، فقد أدخلت إسرائيل في حرب لا يمكن كسبها سياسياً، وانتهى بها الأمر إلى عزل أميركا، وتعريض مصالحها الإقليمية والعالمية للخطر، وتقويض الدعم في الولايات المتحدة، وكسر قاعدة الحزب الديمقراطي للرئيس بايدن» وبهذا فإنَّ البحث عن حلول عاجلة سيكون خياراً أميركياً وليس صهيونياً، لأنَّ الانتخابات الأميركية المقبلة ستجد في ملف العدوان إحراجاً لها، وربما سيغيّر المعادلات الانتخابية لصالح الجمهوريين.