نافع الناجي
منذ مطلع شهر نيسان الحالي، باشرت وزارة التجارة استعداداتها لبدء الموسم التسويقي لمحصول الحنطة والذي بدأ فعلياً انطلاقا من محافظة البصرة ثم المثنى، بعد صدور توجيهات حكومية بضرورة تسليم الأموال للفلاحين خلال أسبوعين فقط من تسويق المحصول.
اكتفاءٌ ذاتي
ويسير العراق نحو الاعتماد بشكلٍ ذاتي على مادة الحنطة المحلية ضمن حاجة البطاقة التموينية لتجهيز المواطنين، بمعنى أن الكميات التي سيسوقها الفلاحون للوزارة تكون كافية هذا العام للاكتفاء الذاتي تماماً، لكن وزارة التجارة أعربت عن انفتاحها أمام كل الاحتمالات، فحين الوصول الى عتبة 4-5 مليون طن من الحنطة المسوّقة من الفلاحين والمزارعين، فهذا يعني الوصول الى الاكتفاء الذاتي، والاحتمال الثاني هو الاعتماد على الخطة الاستيرادية عند حصول أي متغيرات، عبر التعاقد مع مناشئ عالمية مثل المناشئ الاسترالية والأمريكية بكميات تصل الى مليون طن تقريباً.
موسمٌ تسويقي
وزارة التجارة من جهتها، أعلنت انتهاء الاستعدادات فيها لتسلم المحصول المسوّق من قبل الفلاحين، وبالتعاون مع المحافظات فقد تمكنت الشركة العامة لتجارة الحبوب من بناء صوامع ومخازن جديدة وسعات خزنية كبيرة، فيما تواصل إنشاء مخازن و(بنكارات) أخرى لاستيعاب كامل الكميات المسوّقة لهذا الموسم.
المدير العام لشركة تجارة الحبوب حيدر نوري، أوضح لـ(الصباح)، ان "محافظتي صلاح الدين وكركوك هما من المحافظات الأكثر إنتاجاً للحنطة في البلاد ونسعى لتوسعة المخازن فيهما".
وأضاف "نسقنا مع السادة المحافظين في الأنبار وصلاح الدين ونينوى وكركوك بعد أن التقينا بهم كلاً على حدة، بضرورة بناء مخازن جديدة توازي الكميات المسوّقة من القمح"، وتابع نوري "بدأنا الآن ببناء مخازن عاجلة في محافظة الأنبار، وأيضاً في محافظة كركوك هناك 24 (مسطبة) حولناها الى (بناكر) بالتنسيق والتمويل بيننا وبين المحافظة، وبالنسبة لمحافظتي صلاح الدين ونينوى، فهناك نحو خمسة مواقع خزنية للقطاع الخاص ستتم الاستفادة منها"، لافتاً الى إنشاء مخازن و(بناكر) أخرى في محافظتي المثنى وكربلاء ومناطق أخرى.
دفعاتٌ ماليَّة فورية
ومع توسع الرقعة الزراعية وهطول كميات غزيرة من الأمطار، تتوقع وزارة التجارة تسلم نحو ستة ملايين طن من الحنطة هذا الموسم، لتحقق الاكتفاء بأهم المحاصيل الاستراتيجية للبلاد والداخلة في الأمن الغذائي، والاهتمام الحكومي بالقطاع الزراعي انعكس بشكلٍ ايجابي على الموسم الحالي 2024 الى جانب تحسين إجراءات تسديد مستحقات الفلاحين المالية، والتي دفعت المزارعين إلى زيادة المساحات المزروعة والتوسع فيها.
وأكدت وزارة التجارة ارتفاع المحصول المسوّق هذا العام، عن المواسم والسنوات السابقة بعد تسجيل الآليات وتقليل الفوارق في الأسعار والاستلام داخل وخارج الخطة التسويقية.
وفي ذلك يقول معاون المدير العام لشركة تجارة الحبوب، زياد المشايخي "نركز على الصرف الفوري لمستحقات الفلاحين المالية، والتي كانت تصرف أولاً بأول منذ بداية الموسم التسويقي ولغاية الآن"، وأضاف "أعطى هذا الأمر حافزاً ودافعاً للفلاحين والمزارعين، لغرض تسويق كامل الكمية من الحبوب إلى مخازن وزارة التجارة".
من جهته أشاد الخبير الاقتصادي الدكتور محمد سمير دهيرب، بالجهود الكبيرة التي بذلت لزيادة مساحات التخزين، وتوسعة الصوامع وسايلوات الخزن التي بات بإمكانها استقبال نحو 9 ملايين طن من الحبوب في عموم البلاد بالتعاون بين وزارتي الزراعة والتجارة، دون إغفال التنسيق مع الأجهزة الأمنية لمكافحة التهريب ودخول كميات من الحنطة المستوردة من خارج البلاد، لغرض شمولها بخطة التسويق الوطني، نظراً للسعر المرتفع الذي تمنحه الدولة للمزارعين لقاء تسويق محاصيلهم محلياً، حسب تعبيره.
خزينٌ استراتيجي
ويبدو أن كل السلبيات التي أشّرت في المرحلة الماضية تم تجاوزها، وسنشهد موسماً تسويقاً متميزاً يكون رافداً مهماً للاقتصاد العراقي، وقبل انطلاق موسم الحصاد تمتلك وزارة التجارة حالياً مليوناً وثمانمئة ألف طن من الحنطة، وهو خزين استراتيجي يكفي للأشهر الستة المقبلة، وفي حال تسلمت الشركة العامة لتجارة الحبوب نحو 6 ملايين طن من الحنطة لهذا الموسم فأنها تحقق فائضاً يصل لأكثر من مليوني طن
تقريباً.
ولغاية العام الماضي، كانت الحاجة الفعلية للعراق للبطاقة التموينية، هي عشر حصص بمقدار أربعة ملايين الى 4 ملايين و450 ألف طن، ولكن مع زيادة نسبة النمو السكاني في البلاد يتوقع أن تزيد هذه الكمية الى أرقامٍ أعلى.