عامر جليل ابراهيم
تصوير: اعلام الامانة العامة للمزارات الشيعية
يقع مزار عبدالله بن جابر الانصاري في قضاء داقوق الذي يبعد عن محافظة كركوك 40كم، وفي حي سمي بالامام جابر نسبة الى هذه الشخصية الجليلة المدفونة فيه. يرتاد المرقد الزائرون من جميع الشرائح الموجودة في هذا القضاء الذي يمتاز بالتنوع العرقي والديني. فضلا عن زائريه من مركز المحافظة وباقي المحافظات ومن جمهورية ايران الاسلامية.
تنوع
وداقوق هي مدينة عراقية تسكنها بجانب القبائل العربية أقليات كردية وتركمانية تتبع اداريا لمحافظة كركوك الشمالية الغربية حيث تقع على بعد 40 كم الى الجنوب من كركوك، وعلى الطريق المؤدي للعاصمة بغداد. وتعد من المدن المشهورة بالزراعة كون ارضها متميزة بتربة خصبة ويهتم أهلها برعاية الحيوانات وتحوي ريفا كبيرا، حيث إن القبائل العربية فيها تملك ما يزيد عن 50 قرية ويمتلك الاكراد والتركمان اكثر من 14 قرية.
ويعد سكان داقوق من الذين يضرب فيهم المثال بالتآخي، حيث تشهد انعدام في النزاع العرقي والطائفي رغم تعددها حيث ان القبائل العربية والكردية والسنية اضافة الى الطائفة الكاكائية والتركمان ينتمون للمذهب الشيعي، فداقوق تحوي مزارات عديدة منها اضافة الى مرقده يوجد مرقد الهادي واخته العلوية، ومزار للإمام زين العابدين يزوره الطالبون للبركة من مختلف المكونات، وقد بني في العصر العثماني لقصة أوردها الناس بإن الامام زين العابدين سكن هنا سابقا، وكذلك منارة داقوق الاثرية التي تعود لايام العصر السلجوقي.
تهجير
ومرقد عبدالله بن جابر الانصاري هو أحد انصار الامام علي (ع)، الذى اوصى بدفنه هنا بعيدا عن حكم الحجاج بن يوسف الثقفي لمكانته الدينية. (الصباح) في سعيها للتعريف والاهتمام بالسياحة الدينية بالعراق، زارت هذا المرقد الشريف والتقت السيد شاهين عبد الكريم حسن مسؤول مزار عبدالله الانصاري ليحدثنا قائلا:
يقول السيد شاهين عبد الكريم حسن مسؤول المزار: عبدالله بن محمد بن عبدالله بن جابر بن عبدالله الانصاري هو حفيد الصحابي جابر الانصاري (رض)، وكانت ولادته سنة 92هـ ووفاته سنة 168هـ.
ويضيف مسؤول المزار ان عبدالله بن جابر وحسب الروايات أنه جاء الى هذا المكان بعد أن كان أهل البيت وذرياتهم ملاحقين ومتفرقين في بقاع الأرض، وأثناء النزوح والتهجير والملاحقة وصل الى هذا المكان الذي كان مسكنه هنا، وبعد ذلك وافته المنية ودفن في هذا المكان حسب الروايات.
توسعةٌ وعمران
يؤكد السيد شاهين ان مساحة المزار الكلية هي دونمان ونصف الدونم، له ثلاث ابواب رئيسة وفرعية، ويحيط بالمرقد جدار خارجي بارتفاع 2 متر، ويبلغ طول المحيط والجدار الخارجي للمرقد 320 مترا، وهناك ثلاث حدائق داخل مساحة المرقد، من أجل خدمة الزائرين وراحتهم، اكبر تلك الحدائق بمساحة 18 × 20 مترا، والحديقتان الأخريان اصغر بقليل، وتبلغ المساحة الكلية للحرم 532 مترا مربعا غير مقطوعة في الوقت الحاضر لكن اثناء الزيارات نقوم بقطعها الى نصفين متساويين، أما القبر الشريق فطوله 4 أمتار وعرضه 3 أمتار و60 سم وارتفاعه 3 أمتار والمساحة الكلية تكون 17 مترا،وللحرم باب واحد للدخول والخروج أيضا، ولا توجد منارات للمرقد في الوقت الحاضر، لكن سوف نبني منارتين مستقبلا له، ويبلغ ارتفاع قبة المزار قرابة 12 مترا ومحيطها 19 مترا، أما طول الحضرة فهو 25 مترا وعرضها 21 مترا، وفي سعينا توسعة الصحيات البالغ عددها 8 وحدات حاليا وذلك بسبب زيادة اعداد الزوار سنويا.
محافل قرآنية
واثناء تجوالنا بالمرقد الشريف وبعد أداء مراسيم الزيارة وصلاة الظهر كان لنا حديث مع سماحة الشيخ جنكيز حمزة علي مردان المعاون الثقافي للمزار قائلا: بالنسبة لنشاطات المزار، فهناك المحافل القرآنية والمجالس الحسينية والدورات الثقافية، وكل هذه النشاطات هي مقامة ومستمرة على مدار العام.
وعن زائري المرقد فيؤكد سماحة الشيخ جنكيز حمزة علي: ان اغلب زائريه هم من داخل قضاء داقوق ومن مركز المحافظة ومن ناحية تازة، ومن الجمهورية الاسلامية الايرانية، ولكون المزار لا يحوي حاليا مبيتا للزوار، فإن في المشاريع المستقبلية سيكون لدينا مبيت لضيوف المرقد وزواره، بقي أن أذكر أن الزيارة الخاصة للمرقد تكون عادة في أيام وفيات الائمة، والزيارة العامة تكون في أيام العطل وبالتحديد الخميس والجمعة والسبت، يستوعب المزار بحدود 2000 زائر ويتضاعف العدد في الزيارات المليونية.
تاريخ
وعن مراحل الإعمار يحدثنا السيد فاضل جاسم محمد معاون مسؤول المزار بالقول: في العهد العثماني كان المزار عبارة عن غرفة وقبة صغيرتين، وهناك رخامة موجودة في داخل المرقد مكتوبة بالخط اللاتيني تقريبا سنة 1130هـ ما يقارب العام 1700م.
ويؤكد السيد فاضل بانه من قدامى الموجودين في هذا المكان وقد فتحنا اعيننا، وكانت هناك هذه الغرفة والقبة الصغيرتان، وكانت كل ما حولهما عبارة عن أرض زراعية، وبعد الاعمار الثاني الذي يمكن وصفه بانه حملة بسيطة من بعض الشباب الخيرين في القضاء لتوسيع المرقد، فبنوا بجهودهم الخيرة الصحيات في سنة 1978م، لكن بقي المزار كما هو وبعد العام 2006م، تبرع احد الأخوة واسمه احمد موسى ويلقب بأحمد الكويتي، وبإشراف أخيه حسن موسى وهو الان متولي حسينية الثقلين في القضاء، تمت توسعة المزار، لتشمل الغرفة التي تحتوي القبر والقبة بالترميمات، وفي العام 2011م كان آخر اعمار للعلوية تقية صبري البو رغيف كان لها حصة في ترميم وتوسع هذا المزار، وبعد ذلك انضم المرقد الى الامانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة في العام 2016م الى 2017م وبدأ بروز المزار بجهود الموظفين العاملين فيه، ونحن قدمنا ملخصا ومدونة بتطوير المزار إلى الامانة العامة للمزارات، وبعض الأفكار هي قيد الدراسة وننتظر الرد بخصوص الصب والاكثار من الحدائق ووسائل الترفيه للزائرين. وأخيرا لا يفوتني ان أذكر بان شباك المزار، كان قد صنع من الخشب الصاج في بغداد مدينة الكاظمية.
مشاريع مستقبليَّة
وفي الختام يعود مسؤول المزار ويختتم حديثه بالقول: نأمل ان نطور ونوسع المزار ونرتقي به وما لهذا المرقد الطاهر مكانة عند ابناء مدينة داقوق، كانت جولتنا لمحافظة كركوك ـ قضاء داقوق والى المرقد الشريف جولة ممتعة خيَّمت عليها المشاعر الروحانية الممزوجة بروايات من الماضٍي التي خلدها التاريخ، وودعنا مدينة التعايش (داقوق) على امل العودة لها مرة ثانية مجددا للزيارة والتبرك بآل البيت وذرياتهم عليهم السلام.