الصراع الدولي و{التيك توك}

قضايا عربية ودولية 2024/04/29
...

علي حسن الفواز

التداخل السياسي مع التجارة والأمن والاعلام والايديولوجيا يفرض شروطه على توصيف العلاقات الاميركية الصينية، ويضع في البحث عن الحلول تمثيلاً لمأزق هذا التداخل، لاسيما أن سياسات البلدين تختلف وتتقاطع في مجالات متعددة، أولها الموقف من مفهوم “التجارة والأسواق والممرات المائية” وثانيها الموقف من قضية تايوان، وثالثها الموقف من الحرب الروسية الأوكرانية، ورابعها الموقف من قضايا “الحريات وحقوق الإنسان” وآخرها الموقف من منصة الـ”تيك توك” التي تحولت الى رهان جيوسياسي، وإلى إداة  ضاغطة في توصيف الصراع، وفي ترسيم حدوده وتأثيره في المزاج الاميركي، وعلى حجم الاستهلاك الاعلاني والمعلوماتي بين الولايات المتحدة والصين، وهو ما دفع الأولى الى مطالبة الشركة الأم “بايت دانس” الصينية الى بيع “المنصة” وعزلها عن مطبخ السياسة الصينية، وعن اغواءاتها الايديولوجية، وهذا ما تعدّه الصين خرقاً لخصوصياتها ولأسواقها ولحضورها الدولي، مثلما هو حديثها عن الخرق في النظر الى اطروحات “حقوق الإنسان” و”تايوان” التي تنظر لهما الصين بوصفهما تدخّلاً في شؤونها الداخلية، لاسيما أن موضوع تايوان التاريخي والسياسي تحوّل الى ورقة ضغط اقتصادي وأمني وثقافي، تمارسه الولايات المتحدة كجزء من خطابها لحماية حلفائها، وفي صناعتها للأعداء والأصدقاء.
زيارة وزير الخارجية الاميركي انتوني بيلكن الأخيرة الى بكين جعلت من هذه الملفات الشائكة مجالاً للحديث عن ملفات أخرى، أهمها الشرق الأوسط والعدوان على غزة، وضرورة التنسيق بشأن منع الصراع حتى لا يتحول الى جحيم اقليمي، رغم أن الولايات المتحدة تواصل تكريس ادوارها في الصراعات الدولية، لاسيما بعد موافقة الكونغرس على تقديم مساعدات كبيرة الى تايوان و”الكيان الصهيوني، واوكرانيا”، وتحت يافطة تقوية “جبهة الحلفاء” ومنع انكسارهم في لعبة الحروب المفتوحة.
جبهة الـ”تيك توك” تحضر في هذه الحروب وكأنها قوة سحرية، وايديولوجيا ناعمة تستقطب المشاهد الاميركي، وتصنع لها نمطاً جاذباً ومختلفاً للخطاب والاستهلاك الاعلاني والمعلوماتي والخبري، وهو ما لا تتحمله الولايات المتحدة التي تعمل على قطع “الصلة” بين الشركة ومصدرها السياسي، لأن فرض بيع المنصة الذي ترفضه الصين سيكون فرصة للاستحواذ، وللتخفيف من حجم ما يهدد “النمط الاميركي” على مستوى جاذبية “الأبيض الأنيق والمنتصر” وعلى مستوى قيم الاستهلاك والاشباع الرمزي، الذي وجدت فيه الصين مجالاً لتوسيع مساحة اسواقها وتجارتها وبرامجها في “الاعلام لوجيا” الذي تجد فيه الولايات المتحدة التهديد الأخطر الذي يواجه مركزيتها في الغرب وفي العالم.