الولايات المتحدة تجري تنقلات لقواتها في الشرق الأوسط

قضايا عربية ودولية 2024/05/06
...

• نانسي يوسف وغوردن ليوبولد ومايكل غوردن
• ترجمة: أنيس الصفار                                            

يعمل البنتاغون على نقل طائراته المقاتلة ومسيّراته المسلحة وغيرها من الطائرات الى دولة قطر في إعادة تمركز لقواته بهدف تفادي القيود التي فرضت عليه ازاء شن ضربات جوية من احدى القواعد الجوية في دولة الإمارات العربية المتحدة كانت الولايات المتحدة دائبة على استخدامها منذ وقت طويل.
يقول المسؤولون الأميركيون: إن دولة الإمارات قد أبلغت الولايات المتحدة في شهر شباط الماضي بأنها لن تسمح بعد الآن للطائرات الحربية والمسيرات الأميركية التي تتمركز في قاعدة الظفرة الجوية في أبو ظبي بتنفيذ ضربات داخل اليمن او العراق بدون إشعار المسؤولين الإماراتيين مسبقاً. هذا الموقف دفع القادة الأميركيين الى تحويل الطائرات الإضافية الى قاعدة «العديد» الجوية في دولة قطر التي لا تفرض قيوداً مماثلة.
يكشف هذا التحرك مدى تصاعد التوترات بين واشنطن وبعض الدول العربية في منطقة الخليج التي سمحت للقوات الأميركية بالتمركز في اراضيها ولكنها بقيت تشعر بالقلق خشية الانجرار الى صراع اقليمي مع اقتراب حرب غزة من دخول شهرها الثامن في غضون أيام قليلة.
تتمتع الولايات المتحدة بحق الدخول الى قواعد عديدة في مختلف انحاء الشرق الأوسط، وقد استخدمت هذه القواعد خلال الأشهر الأخيرة بالفعل في تنفيذ ضربات جوية داخل العراق وسوريا واليمن. كذلك قامت الولايات المتحدة باعتراض الطائرات المسيرة والصواريخ فوق البحر الأحمر وفي المجال الجوي فوق الأردن ودول أخرى.
لكن مع تصاعد التوترات الإقليمية بدأت دولة الإمارات العربية تشعر بتوتر متزايد من احتمال استهدافها (....) إذا ما نظر اليها على أنها تمد يد العون لعمليات الجيش الأميركي بشكل علني، كما يقول المسؤولون.
يقول مسؤول إماراتي متحدثاً الى صحيفة «وول ستريت جورنال»: «لقد فرضت قيود على عمليات الإغارة لضرب أهداف داخل العراق واليمن.» موضحاً أن قرار تحديد حركة الطائرات الحربية الأميركية المتمركزة على اراضي بلده للحيلولة دون تنفيذها ضربات جوية يأتي من منطلق «الحماية الذاتية»، على حد تعبيره.
قيّدت الإمارات العربية المتحدة شن أي هجمات على العراق أو اليمن باستخدام طائرات متمركزة في قاعدة «الظفرة» من دون اشعارها مسبقاً، والسبب هو أن الولايات المتحدة كانت بطيئة الاستجابة في اتخاذ اجراءات للدفاع عن دولة الإمارات عندما تعرضت للهجوم من قبل الجماعات المسلحة في مطلع العام 2022، وفقاً للمسؤول الإماراتي. منذ فرض الالتزام الجديد في شهر شباط الماضي لم تطلب الولايات المتحدة من الإمارات تنفيذ ضربات داخل العراق أو اليمن، كما يقول المسؤولون العسكريون الأميركيون.
خلال الأيام الأخيرة عكفت الولايات المتحدة على ترتيب الأمور مع الجانب القطري من أجل احضار طائرات مقاتلة اضافية وكذلك طائرات استطلاع ومسيرات مسلحة الى قاعدة «العديد»، وفقاً لمصدر مطلع على سير المحادثات.
كانت للطائرات المسيرة الأميركية أهمية خاصة في الهجمات الي شنتها الولايات المتحدة في اليمن لضرب منصات إطلاق الصواريخ وأهداف أخرى تابعة للحوثيين. وفي الشهر الماضي قال الحوثيون انهم أسقطوا طائرة أميركية مسيرة من طراز «أم كيو-9 ريبر» بصاروخ «أرض – جو» وبثوا صوراً للحطام. وقد أكد البنتاغون خبر تحطم احدى طائراته المسيرة في اليمن، وهي ثالث طائرة من طراز «أم كيو – 9» تفقد خلال الصراع مع الحوثيين على مدى الأشهر الستة الماضية.
الضربات الجوية الأميركية في اليمن لم تضع حداً لاستهداف الحوثيين السفن في البحر الأحمر، وربما لن ينهي ذلك حتى وقف إطلاق النار في الحرب بين اسرائيل وحماس، كما قالت «أفريل هاينس» مديرة جهاز المخابرات الوطني الأميركي في خطابها يوم الخميس أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ.
قالت هاينس: «انهم يواصلون انتاج كميات لا يستهان بها من الطائرات المسيرة محلياً بالإضافة الى أنظمة تسلّح أخرى وما شابه ذلك، وهم بالطبع يتلقون مساعدة من الإيرانيين في هذا المجال».
في الشهر الماضي أطلقت إيران على اسرائيل اكثر من 120 صاروخاً بالستياً وأكثر من 30 صاروخ كروز وما يقارب 170 طائرة مسيرة في أعقاب شن الاسرائيليين ضربة جوية داخل سوريا أدت الى مقتل قادة إيرانيين كبار. وقد ساهم السعوديون والإماراتيون في تبادل معلومات استخبارية ساعدت أجهزة الدفاع الاسرائيلية، بيد أنهم امتنعوا عن الافصاح أكثر بشأن دورهم.
أما في اليمن فقد شن الحوثيون ما يقارب 100 هجوم على السفن التجارية والقوات البحرية التي تعمل في المنطقة، بما فيها السفن الأميركية، وفقاً لتقرير صادر عن «جهاز الابحاث في الكونغرس» بتاريخ الأول من أيار. رداً على ذلك استهدفت الولايات المتحدة الحوثيين بضربات جوية في محاولة للحد من هجماتهم، كما مارست الضغوط من أجل وقف إطلاق النار في غزة كجزء من اتفاق يكفل اطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس. يقول الحوثيون: إن هجماتهم سوف تتوقف حين تتوقف الحرب في غزة.
في أواخر الشهر الماضي هاجم الحوثيون لأول مرة سفينة حاويات كانت تبحر في المحيط الهندي باستخدام طائرة مسيرة، وفقاً لما أفادت به عمليات التجارة البحرية في المملكة المتحدة التي ترصد الهجمات في البحر الأحمر.
يقول مسؤولون أميركيون: إن السفينة «دوايت دي آيزنهاور»، وهي حاملة الطائرات التي نفذت بعض الهجمات بالطائرات خلال الأشهر الأخيرة، سوف تغادر المنطقة على الأرجح بحلول الصيف المقبل وقد لا ترسل أخرى لتحل محلها. ترابط الحاملة المذكورة حالياً في البحر المتوسط بعد انتهائها من زيارة أحد الموانئ في اليونان.
مغادرة حاملة الطائرات التي تلوح في الأفق رفعت درجة الحاح البنتاغون على نقل طائراته الى قاعدة «العديد» في قطر لكي تتمكن الولايات المتحدة من مواصلة عمليات الطيران فوق اليمن، على حد قول المسؤولين الأميركيين.
قالت المتحدثة باسم البنتاغون «سابرينا سنغ»: إن شراكة تمركز الولايات المتحدة في القواعد ستبقى شأناً حاسماً في جهود الولايات المتحدة للعمل مع الحلفاء والشركاء دعماً للأمن والاستقرار في المنطقة، على حد تعبيرها، بيد انها أعرضت عن التعليق على حيثيات اتفاق التمركز في القواعد.
قاعدة «العديد» الجوية هي مستقر أحد أكبر تجمعات الطائرات العسكرية الأميركية، بالإضافة الى كونها مركز القيادة الإقليمي للقوة الجوية الأميركية. كان لهذه القاعدة دور نشط في تسهيل الانسحاب الأميركي من أفغانستان حيث سمحت بتدفق مستمر ثابت من طائرات الشحن لإجلاء الأميركيين والأفغان كما آوت في بداية الأمر اللاجئين المغادرين.
تستضيف قطر أيضاً منذ مدة طويلة القيادة السياسية لحركة حماس، وقد لعبت دور الوسيط الرئيسي في مساعي التفاوض لوقف اطلاق النار في غزة وتأمين اطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس.
لقد كانت دولة الإمارات العربية المتحدة على مدى العقود شريكاً مقرباً للجيش الأميركي، وقد يسرت له التواجد في أكثر من ستة مطارات كما ساهمت بقواتها عندما تحرك تحالف تقوده الولايات المتحدة لإخراج القوات العراقية من الكويت في العام 1991. شاركت دولة الإمارات أيضاً في عمليات افغانستان وكوسوفو والصومال وليبيا وفي الحملة ضد مقاتلي تنظيم «داعش».
يقول المسؤول الإماراتي: «نحن البلد العربي الوحيد المشارك في ستة تحالفات».
إلى جانب نقل عملياتها إلى قطر تدرس الولايات المتحدة شن ضربات انطلاقاً من جيبوتي في شرق أفريقيا، كما يقول مسؤولون أميركيون.  

• عن صحيفة «وول ستريت جورنال»