مصباح علاء الدين في الأردن

منصة 2024/05/07
...

 عمان: يعرب السالم

البحث عن الحظ وربما الأمل ليس تقليعة أو موديلاً أو ضربة مفاجئة غير متوقعة على جبينك تجلب لك المال أو الثراء أو المنصب أو المجد، بل إنَّه إصرارُ الناس على الشعور بالأمل والحياة. فقد بدأ الإنسان ومنذ عقودٍ طويلة بالإيمان بالحظ أو التمني بتحسن الحال، وهناك من يقول إنَّ المال يصنع الحظ. وقد تكثر الأقوال في الحظ وتتنوع، ومنها لا يصنع الحظ من الرجل حكيماً، أو الحظ يفضل أولئك الذين لا يعتمدون عليه
ومما رافق الحكايات القديمة التي دونت في الكتب هو ذلك المصباح الذي يجلب لك الحظ والثراء بمجرد دلكه بقطعة قماش بالية أو باليد، ليخرج ذلك الدخان الذهبي المضيء من المصباح العتيق، فيتجسد أمامك ذلك المارد المفتول العضلات وهو يقول لك مع ابتسامة «شبيك لبيك عبدك بين يديك.. أطلب واتمنى».
وقد ورد ذكر مصباح علاء الدين في الكثير من الكتب العربيَّة والأجنبيَّة لكنَّ أهمها هو كتاب القصص والحكايات المعروف «ألف ليلة وليلة» وربما من الحكايات التي أحبها العرب أو الناس هي حكاية علاء الدين والمصباح السحري، وعلي بابا والأربعون حرامي، ورحلات السندباد البحري.
لكنَّ علاء الدين ومصباحه ارتبط بالحظ والأمل والتفاؤل، فبقيّ كحكاية شعبية راسخة في الذاكرة ومتداولة بين الناس الذين اطلعوا عليها ثم قاموا بروي الحكاية بعد أنْ قرؤوها في كتاب «ألف ليلة وليلة» وجاءت بعض المصادر أنَّ أول طبعة للكتاب نقلاً عن الهندية كانت عام 1814، ثم تبعتها الطبعة المعروفة بطبعة بولاق عام 1833 في مصر، كما ترجم الكتاب لأغلب لغات العالم وليس آخراً ترجمته للفرنسية من قبل المستشرق الفرنسي أنطوان جالان.
الحكايات  هي ذاكرة الشعوب وأسرارهم وتأريخهم فهي تُفصحُ عن طريقة تفكيرهم أو كيفيَّة تعاملهم مع الحياة.
ومن هنا يأتي التاريخ الشفاهي للحكايات القديمة والشعبية والتأثر بها وتصديقها حتى إنْ كانت خياليَّة.
يبقى مصباح علاء الدين السحري هو الأكثر حضوراً في الذاكرة الغربيَّة والعربيَّة، وجميعنا شاهد الأفلام العديدة والمسلسلات لمصباح علاء الدين فكل ثقافة غربية كانت أم عربية تناولت قصة المصباح بحسب فهم وتقبل مجتمعاتها للحكايات والأساطير.
هنا في الأردن مثلاً ما أنْ تدخل غرفة الضيوف أو الاستقبال حتى تشاهد مصباح علاء الدين المُذهب أو الفضي يجلس قبالتك أو في زاوية ما ينتظر منك لمسة واثقة تُخرج المارد.
جمال أبو علي صاحب ديوان يقول: إنَّ «وجود المصباح في المنزل هو للزينة أولاً ولتذكير الأولاد بجمال الحكايات الشعبيَّة، فقد كنا في السابق نجتمع في الشتاء قرب الموقد ونستمع لحكاية علاء الدين ومصباحه السحري من فم كبار السن، وهم يضيفون شيئاً من تجاربهم الحياتيَّة إليها ليزيدوها حكمة وجمالاً من دون الخروج عن مضمون الحكاية».
خليل الزعبي صاحب محل أنتيكات يقول: «يكثرُ الطلب على مصباح علاء الدين المطلي بالذهب أو النحاس أو الفضة فالكثير من الناس يعدُّونه جالباً للحظ.
كما أنَّه يزين المكان شأنه شأن بقية التحفيات التي توضع في المنزل وبالذات في غرفة الضيوف».
عواطف أم حسن ربة بيت وهاوية للتحفيات ذكرت «أنها ومنذ الصغر تجمع كل أنواع وأحجام مصابيح علاء الدين»، وتضيف بثقة «أنها ستجد المصباح في يومٍ ما، فهي تشتري من المواقع الالكترونية وفعلاً في منزلها أكثر من مئة مصباح بأحجامٍ مختلفة، المذهبة والمُطعمة بالأحجار الكريمة، والمطليَّة بالذهب والفضة، وهناك نماذج خشبية منحوتة بعناية وجمال»، أم حسن رفضت واعتذرت عن عدم السماح لنا بتصوير مقتنياتها قائلة إنَّ الصورة تجلب النحس
للمنزل.
هكذا هي عادات الشعوب والناس في أي مكانٍ وإنْ اختلفت أو تعددت، فهم يؤمنون بالحظ وبأشياءٍ أخرى قد تبدو غير مقبولة للبعض ومقبولة للآخر، هي أشبه بأسرار حياتيَّة يحتفظون بها في غرفهم وبين حاجياتهم، يعيشون على الأمل لأنه يبعث الحياة.