إيزابيل غيرستين
 ترجمة: كريمة عبد النبي

بعد مرور نصف قرنٍ على التقاطها، لا يزال الكثيرون يرون أنَّ صورة "شروق الأرض" لا تزال الصورة البيئيَّة الأكثر تأثيراً على الإطلاق. ففي العام 1968 التقط طاقم مهمة (أبولو 8) أول صورة ملونة من الفضاء لـمشهد "شروق الأرض" فوق سطح القمر وقد أوضح قائد المهمة في حينها بيل آندرز بأنَّ أكثر شيء جاذبيَّة خلال مهمة الدوران حول القمر هو النظر الى الأرض. وفي هذه اللحظة صرخ آندرز مخاطباً زميله على متن الرحلة جيم لوفيل "يا إلهي، انظر لهذه الصورة! إنها صورة جذابة للأرض". وعلى الفور التقط آندرز صورة للأرض وهي تشرق على سطح القمر لتصبح هذه الصورة الأجمل والأشهر على مستوى العالم.
سميت هذه الصورة "شروق الأرض" وهي أول صورة ملونة للأرض يتمُّ التقاطها من الفضاء. وفي العام 1970، كان لهذه الصورة الفضل في تحديد "عيد الأرض" كمناسبة سنويَّة لتعزيز الأنشطة البيئيَّة وزيادة الوعي بالحفاظ على البيئة.
مثاليَّة ودقيقة
وأشار مدير البرامج في الجمعية الملكية البريطانية للتصوير ميخائيل بريتشارد الى أنَّ هذه الصورة هي حقا "الصورة المثالية والدقيقة التي قدمت لنا مشهداً أو منظراً عن الأرض لم نكن نراه من قبل.. إنها تقدم لنا صورة واضحة للأرض من الفضاء".
وبفضل هذه الصورة، اجتاحت الأنشطة البيئيَّة القارة الأوروبيَّة والولايات المتحدة بصورة سريعة خلال القرن الماضي، الأمر الذي أدى الى تأسيس منظمة السلام الأخضر ومنظمة أصدقاء البيئة سنة 1969 وهما من المنظمات البيئيَّة العالميَّة التي بذلت الجهود للدفاع عن القضايا البيئيَّة المختلفة على المستوى الدولي. كما قامت الحكومة الأميركيَّة بتأسيس وكالة حماية البيئة سنة 1970.
وبعد مرور سنة ونصف على التقاط صورة "شروق الأرض" من قبل "أبولو 8"، تظاهر نحو عشرين مليون أميركي احتجاجاً على تدمير البيئة في أول يوم عالمي للأرض.
وقالت رئيسة "شبكة يوم الأرض" كاثلين روجرز "إنَّ صورة "شروق الأرض" شجعت الناس على المشاركة في الأنشطة البيئية". مشيرة الى أنَّ هذه الصورة أعطت شروقاً "ليوم الأرض" الذي يشارك فيه اليوم نحو مليار شخص حول العالم وأسهمت بخلق حركة بيئية على نطاق واسع. وكانت معظم بوسترات احتفاليات "يوم الأرض" لسنة 1970 تحمل صورة "شروق الأرض".

التميز وسط كون مظلم
أوضحت روجرز أنه "بمجرد نشر هذه الصورة، بدأ قادة العالم وأعضاء الكونغرس الأميركي بالحديث عن مدى هشاشة كوكب الأرض، كما أن الصورة سلطت الضوء على تميز الأرض وسط الكون الكبير المظلم".
أما ميخائيل بريتشارد فقد أكد أنَّ صورة "شروق الأرض" تقول أكثر ممَّا تقوله "صفحات التقارير" التي تصدر عن منظمات البيئة. وأضاف "أنَّ صورة واحدة للأرض قدمت لنا عدداً غير محدودٍ من الوثائق والتقارير.. إنها الشروق حيث تكمن القوة والأهميَّة". وأشار الى أنَّ هذه الصورة سلطت الضوء على ضرورة العمل باستمرار على المحافظة على بيئة كوكبنا".

إشعال جذوة الوعي البيئي
ونظراً لتاريخ وقوة الرسالة التي تقدمها، فإنَّ صورة "شروق الأرض" مستمرة بإشعال جذوة الوعي البيئي. وأوضح بريتشارد أن "الصورة تظهر الأرض التي نعيش عليها وكأنها فضاء أزرق صغير داخل مساحة فضائيَّة سوداء".

عن موقع بي بي سي