{اشچيلك}.. قصيدة عتاب مر لا نعرف عنها شيئاً

ثقافة شعبية 2024/05/16
...

 عادل العرداوي 


مظفر النواب الذي نستذكر سنويته هذه الأيام، أجد نفسي في حيرة من أمري.. من  أين ابدأ لكي أسهم ولو بكلمة او موضوع صغير استذكر فيه  ملمحًا واحدا من بيدر نضاله العالي، ومن كنز شعره الذي لاينضب حتى بعد رحيله الى دار 

البقاء..!

نعم وبالرغم من صدور عشرات الدراسات  والكتب والمقالات عن منجز هذا المثقف العراقي الكبير.. المثقف والشاعر الحساس و(الاستثناء) في خارطة الشعر العربي ومن ضمنه العراقي بالتاكيد بنوعيه (الفصيح والشعبي) اللذين اجاد فيهما ايما اجادة ملفتة للانتباه، حيث لامس جراحات نفوس الناس من السواد الاعظم، وعبر عن ماتجيش به دواخلهم، لذلك حفظ الحافظون نصوصه الشعرية على ظهر القلب في كل العالم العربي، لأن نصوصه تلك تشبه الاسواط التي يضرب ويقرع بها أجساد الخونة والمشبوهين والخانعين والمنهزمين وعبدة الكرسي..وكذلك المنافقين والكذابين والمطبلين لهم وهم كثر تجدهم في أي مكان 

وزمان...

مظفر النواب، كان علامة فارقة بل نجمة ساطعة في القصيدة الانتقادية والساخرة سواء كانت فصيحة ام شعبية لافرق في ذلك فالشعر شعر والمشاعر والاحاسيس الانسانية واحدة، وكوابيس التشرد والسجون والمنافي والمعتقلات والغربة عن مواطن صباه ومرابع طفولته البغدادية العراقية ممضة وموجعة في  نفس النواب المرهفة الرقيقة والمتمردة والرافضة لكل ماهو (معوج) وذلك  هو بيت القصيد في شخصية وذات وشعر مظفر 

النواب..

أشعر أن مظفر النواب له حق علي لأنه اتفضل وسمحلي أن التقيه ثلاثة مرات في اوقات متباعدة في منفاه الاختياري الذي احبه (دمشق الشام)  في اعوام 2005 و2009، لذلك تجدني منساقاً لأن أسلط الضوء في هذه المرة على واحد من نصوصه الشعبية القديمة الذي عثرت عليه بالصدفة في دفتر بخط اليد يضم مجموعة من نصوص النواب المختلفة، كان يحتفظ به الأكاديمي والمهندس المعماري (علي نوري) أحد رواد مجلس (الشعرباف) في الكرادة، الذي توسلت به كثيراً لكي استنسخ واحدة من قصائد النواب التي يحتفظ بها مع غيرها في ذلك الدفتر (الوثيقة)، الذي تعود ملكيته لشقيقه الذي له علاقة معرفة قديمة بالشاعر

النواب.

فبعد اللتي واللتيا، حصلت على تلك القصيدة اليتيمة التي لم اطلع عليها من قبل وانا المطلع على معظم منجز النواب الشعري..

اقدم نص النواب الشعبي هذا للتعريف به اولاً ولإتاحة الفرصة امام المولعين بالمنجز الإبداعي الشعري 

للنواب..

عنوان النص  هو (أشجيلك..!) ويبدو لي ولكل من تتاح له الفرصة للاطلاع عليه او دراسته وتأمله يصل إلى قناعة مفادها بأن (اشچيلك..) انما هي قصيدة مكتوبة بالطريقة التقليدية (الوزن والقافية)، التي يبث فيها عتابه وشكواه وشجنه وحيرته من مواقف بعض رفاقه الذين سرعان ما بدلوا مواقفهم وانتماءاتهم 

بشكل مفاجئ مما دفع بالنواب لان يشتكي منهم ومن تصرفاتهم الغريبة  وغير  المتوقعة حتى جاء عنوان قصيدة العتاب هذه تحت مسمى (اشچيلك..!)والتي كتبها في إحدى سنوات غربته عن وطنه الطويلة 

والمريرة :


اشچيلك يشعبي ارجال ماهي ارجال..

الهه وبيها ترگل.. والوكت رگال..!

**

ياشعبي..هذاك آنه الذي اتناحيت 

وعگرتني الليالي اشكال ماذليت..

متغرب وادگ البوب بيت بيت.

والينگال عني بالغرب ينگال...!

اشچيلك...

ياشعبي.. الليالي من طبعها اتدور..

طاحونة خبز والناس لب وگشور..! 

كل خسه وكرامه لابد الهه اجذور..

ومثقال الكرامه اليوم الف مثقال..

اشچيلك...

ياشعبي الرجال اعله المحك تنماز..

وجوهرها الاصيل اگزاز من الماز..!

ولايخفاك ياشعبي الزمن خراز..

ماتخفي عليه الجوهره بأي حال..

اشچيلك..

ياشعبي.. وگعنه ابكورة ازنابير..!

عجيبه هالزلم من صفگه وحده اتطير..!

 وعجب ترضه زلم ظلت التالي السير..

تتنافخ امنافخ والليالي اطوال..

اشچيلك...

ياشعبي.. الليالي اصبابه من اهموم.. 

وحراب الغرب فولاذهن مسموم..

وملاسع املاسع وي ليالي الشوم.. 

واضحك للي يضحك، چني خالي البال..!

اشچيلك..

ياشعبي.. العواصف كسرن السكان..!

ووجوه الرجال اتلونت الوان..

ديانك يشعبي للاجر ديان..

دمه اعليها السفينه، كادها ولامال..

اشچيلك..

وگف للريح متنسر على الجيدوم 

يشد اقلوعها وذيچ المنايا اتحوم..

يستلهم على الظلمه ضميره انجوم.

مهيوض الجنح تنبت عليه آمال..!

واشچيلك يشعبي ارجال ماهي ارجال..!!

هذه قصيدة النواب التي عثرت عليها بالصدفة في ذلك الدفتر العتيق، ولعل من يعرف شيئاً عن ولادتها وظروفها ومغزاها ينورنا به على اديم هذه الصفحة المباركة (ثقافة شعبية) وبهذا نكون قد شاركنا كل من موقعه وحسب قدرته في (لم) وتجميع تراث ايقونة الثقافة 

العراقية الخالد مظفر النواب الذي يعد جزء اكيداً من الارث العراقي الاصيل...