زيد الحلي
كلمّا زرتُ بلدا، لا سيما من البلدان التي لا تمتلك إرثا وتاريخا، وحديثة العهد في نشأتها، تتملكني غُصَّة، ويذهب فكري بعيدا، ويتضخم السؤال، ويكبر من دون أن أجد له جوابا.. والسؤال رغم بساطته، لكنّه جدير بالانتباه اليه، بعد شيوع ظاهرة التعامل بالدفع الالكتروني عالميا، باعتباره حالة حضارية، تتطلبها مستلزمات النهوض المجتمعي، بينما غفلت الحكومات المتعاقبة عندنا هذا الموضوع، ولم تضعه ضمن اولوياتها، حتى لمسنا مؤخرا، ان الحكومة الحالية، انتبهت.. فما هو السؤال؟.
لماذا بقي المواطن العراقي، يحمل محفظته الجلديَّة، التي تضم اوراقه الماليَّة بيده اينما سار وتوجه بشكل لافت، او ان جيوب سترته او قميصه نلاحظها مثقلة بتلك الاوراق اثناء التسوق، وفي مشاويره اليوميّة الأخرى، فيما نلاحظ أن المواطن في العديد من دول العالم، مكتفياً بحمل بطاقة صغيرة للدفع الالكتروني، تغنيه عن كل ذلك ..
لقد لفت نظري في بداية هذا الأسبوع، خبرٌ نشره الإعلام، أفرحني كثيرا يقول إنّ خطوات السيد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وفريقه الحكومي في تشجيع وحث المواطنين، والاجهزة الحكومية على ضرورة استكمال جميع الوسائل لجعل آليَّة الدفع الالكتروني حقيقة واقعة في المجتمع العراقي، قد حظت بإعجاب دولي، من خلال برنامج الامم المتحدة الانمائي، الذي أعلن رسميّا نجاح مستلزمات اعداد القواعد الاساسية وتعليمات تنظيم آليّة الدفع الآلي بالتعاون مع البنك المركزي في العراق.. وهذه المباركة من برنامج الأمم المتحدة الانمائي، تعد إنجازا جديدا وعالي المستوى للحكومة العراقيَّة ..
لقد أصبح مصطلح الدفع الالكتروني حديث الساعة في العالم، وهو يتطور بشكل كبير وملحوظ، واجتاح السوق بكل بشكل كبير بسبب الامتيازات المبهرة التي تقدمها بطاقة الدفع الصغيرة من سهولة وأمان، والعراق بحضارته ورقيه التاريخي، حريٌّ به أن يواكب العالم، فتعزيز الثقافة المصرفيَّة أصبحت حاجة لا بدَّ منها لتشجيع المواطنين على التخطيط والادخار بطريقة آمنة .
إنَّ الدفع الالكتروني هو نظام تقدّمه المؤسسات الماليَّة، والمصرفيَّة لجعل عملية التسوق والبيع والشراء وتسديد المستحقات آمنة وسهلة، وهو يمتاز بخضوعه للقوانين، التي تجعل جميع الحركات الماليَّة للمواطن تتم في سريَّة تامة، لضمان الحماية والأمان ..
ومن هذا المكان، أدعو الزملاء في الإعلام، والمنصات الاقتصادية كافة، الى القيام بحملات توعية لتشجيع العمل بنظام الدفع الإلكتروني، كونه من الوسائل الأساسية في الحياة، فبدلاً من حمل الأموال للشراء من الأسواق المختلفة، يكفي امتلاك بطاقة صغيرة يمكن لحاملها التبضّع، ودفع فواتير الماء والكهرباء وملء وقود السيارة وغيرها من الأمور الحياتية الأخرى .