عن جائزة الإبداع الكبرى

منصة 2024/05/23
...

 حسب الله يحيى

اطلقت وزارة الثقافة والسياحة والآثار مؤخرا؛ الإعلان عن جائزتها السنوية "جائرة الابداع الكبرى" في حقول الإبداع والمعرفة .
هذه الجائزة مضى عليها سنوات عديدة، إلا أنها لم تحظ باهتمام الأدباء والفنانين والنقاد والباحثين للأسباب الاتية :لم تعتمد على معايير ثابتة في تحديد العمل الإبداعي والمعرفي الأفضل، ولا امتيازه عن سواه من الأعمال .لم تعتمد على لجنة تحكيم يعترف لها الوسط الثقافي بالمكانة الرفيعة والرأي السديد. ولم تأخذ بعين الاعتبار جدوى وأهمية نيل هذه الجائرة وما بعدها.. بمعنى أن النص المسرحي الفائز، لا تلتزم الوزارة بإنتاجه على خشبة المسرح، ولا تعمد إلى تحويل العمل الروائي إلى فيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني، كما أنها لا تجد سبيلا إلى ترجمة النصوص والأبحاث الفائزة من قبل دار المأمون التابعة لوزارة الثقافة والمتخصصة بالترجمة !
وعلى أهمية هذه النقاط الواردة أعلاه، إلا أننا نجد أن هناك نقطة أساسية، تشكل المحور الأهم لهذه الجائزة هذه النقطة الجوهرية تكمن في إيجاد لجنة محورية، تتفرع عنها لجان فرعية في كل فرع من فروع الجائزة.. تعمل على مدار السنة كلها . فلجنة المسرح مثلا؛ تتولى متابعة كل ما يصدر من نصوص مسرحية، مع مشاهدة جميع العروض المسرحيةـ ومثل هذا كان معتمدا من قبل المركز الدولي للمسرح في العراق، حيث تتولى لجنة دائمية تعمل على مشاهدة العروض على مدى سنة كاملة، ومن ثم يتم اختيار العرض المسرحي الأفضل، بعد مناقشة من قبل أعضاء لجنة تحكيم كان المركز قد اختارها مطلع كل سنة.
وكذلك لجنة الفنون التشكيلية التي تتابع وترصد جميع المعارض التشكيلية/ الخاصة والعامة، وتخرج بالنتيجة.
والحال نفسه في قراءة المجاميع القصصية والشعرية والروائية والكتب النقدية والبحثية، سواء ما يصل إلى اللجان من إصدارات الوزارة نفسها، أو دور النشر الأخرى، أو ما تتسلمه اللجان من كتب المؤلفين، أو متابعة أعضاء اللجان أنفسهم وحرصهم على أن تكون ملمة من جميع الإصدارات .
والغرض من هذا الاجراء يكمن في الاهتمام الكلي بالمنجز الإبداعي والمعرفي العراقي، بمعنى أن وزارة الثقافة..؛ لا تنتظر ما يردها من الكتاب والفنانين، وفي الغالب أن من يتقدم إلى هذه الجائرة، هم من الشباب الذين يطمحون ويبحثون عن حظوة من الشهرة والمردود المالي للجائزة.  
في حين تبحث الوزارة عن أهم منجز عراقي، يفترض أن تكون الجائرة من نصيبه.. والواقع المعلوم أن هناك كثرة من الأدباء والفنانين الراسخين، يعزفون عن المشاركة في أية مسابقة، اعتقادا منهم "أنهم أكبر من أية جائزة".!
صحيح أن الوزارة وجمهور القراء والمتابعين للمنجز الأدبي والفني والبحثي غير معنيين بهذه الخاصية السايكولوجية للادباء والفنانين؛ ولكن الوزار، يعنيها أن تتباهى وتعنى وتعتز بأن ينال العمل الأفضل الجائزة التي تليق به، ولذلك يفترض أن تبحث عنه بنفسها، لا أن تنتظر من الروائي والتشكيلي والمسرحي وسواهم، أن يتقدموا بأنفسهم للمشاركة لغرض نيل جائزة وزارة الثقافة .
فمثل هذا (التقديم) لا يحظى بالقبول من قبل الأدباء والفنانين الرواد على وجه الخصوص، مثلما لا تجد الجائزة صداها لدى عدد كبير من المعنيين بهذا الشأن، حتى أن قسما كبيرا منهم يعدون أولئك الذين يتقدمون لنيل جائزة الابداع؛ أنهم ادباء وفنانين ونقاد وباحثين من الدرجة الثانية التي لم تجد لها تأثيرا ولا لمنجزها حضورا، لذلك تعمد إلى تقديم نفسها إلى هذه المسابقة، لعلها تحظى إلى ما تصبو اليه من الشهرة والانتباه إلى الجانب المادي ـ على تواضعه ـ .
ونحن إذ ندوِّن هذه الآراء؛ انما نسعى إلى أن تنال هذه الجائزة (الكبرى) مكانتها المرموقة بين الجوائز العراقية والعربية وحتى الدولية، لا أن تظل جائزة هامشية لا يعتد بها من قبل المتقدمين ولا من قبل سواهم ممن يعدون انفسهم أعلى مرتبة من اية جائزة. إن مهمة الجائزة التي تروم وزارة الثقافة تحقيقها؛ إنما هي السعي الحثيث لتسليط الأضواء على المنجز العراقي الأفضل، بوصفها الوزارة المعنية في هذا الجانب الحيوي.. خدمة للثقافة والمثقفين، ولذلك نحرص تماما على أن تكون لهذه الجائزة المرموقة ما تستحقه من اهتمام وما تمتلكه من قبول وامتياز واعتزاز وفخر الجميع، بوصفها الجائزة الوطنية العراقية التي يستحقها الابداع العراقي المرموق.