عبد الهادي مهودر
للمرة الأولى أرى مسؤولاً يشرب من أنابيب الماء بشكلٍ مباشر، ومن المفيد إجراء استبيان لمعرفة مقدار المبالغ التي تنفقها العائلة الواحدة شهريّاً لشراء مياه الشرب النقيّة، ولمعرفة عدد المواطنين الذين ما زالوا يشربون (من رأس البوري)، فقد ظهر أمين بغداد المهندس عمار موسى بهذه الصورة خلال زيارة لمشاريع معالجة وتصفية وتجهيز المياه في جانبي الكرخ والرصافة، ومنذ سنوات بعيدة لم أشاهد مواطناً او مسؤولاً يشرب مياه الأمانة مباشرةً من (البوري او الحنفيَّة)، فتصريح واحد من طبيب أو محلل ستراتيجي في شؤون المياه الطبيعيَّة والمعدنيَّة عن تلوث المياه كفيل بمنع التصديق بصلاحية مياه الإسالة حتى لو أقسمت الأمانة والأمين بأغلظ الأيمان، ولذلك وجب فحص صلاحية التصريحات المفزعة والبيانات المنفلتة في وسائل الإعلام التي لا تقل خطورة عن موضوع صلاحية مياه الشرب، وكل الذي نتمناه أن تكون المياه الواصلة الى المنازل صالحة للشرب وتبقى هذه الصورة شاهد إثبات ويبقى السيد الأمين ووكلاؤه ومعاونوه وموظفو وعمال الأمانة يشربون من المياه التي ينتجونها بأيديهم وأن يعمم هذا الإجراء على جميع الوحدات البلديّة لكي تطمئن قلوب البغداديين من شائعات التلوث، وأمانة بغداد أولى من غيرها بشرب مياهها وإثبات صحة كلامها عن صلاحية مياهها ومطابقتها لمواصفات منظمة الصحة العالميَّة وخضوعها للفحوصات المختبريَّة بشكل دوري، فإذا نجحت التجربة تعمم على الوزارات نزولاً الى المواطنين، وبذلك ينتهي إنتاج وبيع المياه المعبّأة الذي يكلف دوائر الدولة والمواطنين مبالغ طائلة ويأخذ من موازناتها المالية أرقاماً خيالية، او تنتج أمانة بغداد مياهاً معبأة للمواطنين في معامل خاصة لهذا الغرض، لكي يشرب المواطن والأمين والمسؤولون من الكأس نفسه، وإذا كان المطلب بعيد المنال او حالماً فلا بأس أن نحلم، وهيّا بنا نحلم بمياه صالحة للشرب لا ينصحنا الأطباء بعدم تناولها لتسببها بالمغص والإسهال ولا يتجاوز عليها المتجاوزون، وأعود لمناقشة تلك الصورة لأشكر المصور والفريق الإعلامي الذي نشرها ومرت مرور الكرام لكني توقّفت عندها، لأن الصورة الناجحة بألف كلمة وأهم من الخبر نفسه، فلو ظهر أمين بغداد متحدثاً عن صلاحية مياه الشرب وأمامه قنينة ماء من السوق لأثارت مثل هذه الصورة موجة انتقاد وسخرية، ولكانت مشابهة لحالة صاحب المطعم الذي لا يأكل من مطعمه ويتغدّى من المطعم المجاور لثقته العالية
بنظافته!.