د. علاء هادي الحطاب
لم يترك الكيان الصهيوني فعلا إجرامياً إلا وقام به في غزّة وضواحيها، ولم يترك أداة قتل إلا واستخدمها ضد من يقاوم وجوده، ضارباً عرض الجدار القرارات الدولية والفعاليات الشعبية.
إن القصف البربري الإجرامي لمخيّمات نازحين في رفح- نعم مجرّد نازحين من الحرب لا يمتلكون سلاحاً ولا يقاومون، هربوا من جحيم الحرب والقتل والدمار، والمفترض في كل الأعراف الإنسانية والقانونية والدينية والأخلاقية أن مثل هؤلاء لا تشملهم دائرة الحرب كونهم قرّروا الخروج منها والهروب بعيداً عن ساحتها، وأغلبهم نساء وأطفال وشيوخ عجزة، الأمر الذي أدى إلى كارثة إنسانية أخرى تُضاف إلى سلسلة الكوارث التي حلت في قطاع غزة، وسط صمت دولي غربي وعربي عجيب ما عاد يُحتمل من قِبل من لديهم بقايا ضمير.
هذه الجريمة البربرية جاءت بعد أفعال وفعاليات المفترض أنها مهمة وتدفع باتجاه تقويض آلة القتل الإجرامية الصهيونية، تظاهرات واعتصامات وصدامات في جامعات أميركا وأوروبا ضد الكيان الصهيوني، أعقبها قرار لمحكمة العدل الدولية، واستياء شعبي غربي، إعلان بعض دول أوروبا التزامها قرار محكمة العدل ومنها القرار القاضي باعتقال النت ياهو إن دخل أراضيها، وغيرها من المواقف والفعاليات التي بدت داعمة ومؤيدة للموقف الفلسطيني الغزاوي، ومع كل ذلك نجد أن الكيان يُثبت لكل العالم أنه يتحدى هذا العالم، فلا احترام فضلا عن الالتزام بقرارات محكمة دولية عليا، ولا خشية من أفعال جماهيرية أوروبية غاضبة ومنددة بما يقوم به هذا الكيان الغاصب، فلا رادع لهم بما يجرمون.
كل ما يحدث وسط صمت عربي مع الأسف الشديد، صمت الأنظمة السياسية، وصمت حتى الشعوب العربية في الضغط على حكوماتها في الأقل في رفض التطبيع والاعتراف بهذا الكيان البربري البغيض، الذي يقتل بطريقة وحشية ولا يقيم وزناً لدولة أو قرار أو فعالية أو موقف، كيان جن جنونه، وأصبح القتل له تنفيساً عن عقده وضغوطاته الداخلية، كيان أدمن رؤية دم الأطفال والنساء يُراق على الأرض كل حين، كيان مجرم استنفد كل خياراته في تحقيق نصر، فوجد في الإيغال بقتل الأبرياء تعويضاً لفقدانه مبادرة حسم المعركة.
الجرائم فاقت حدود التصور، وصمتنا كذلك فاق حدود الخنوع، ودماء الأبرياء لا تزال تراق بلا توقف.