عودةٌ لموضوع مكرَّر

الصفحة الاخيرة 2024/05/29
...

زيد الحلي



أعرفُ أنَّ مضمون عمود اليوم، مكرر، وقد تناولته مراراً، كما كتب فيه العديد من الزملاء، لكنه كان هواءً في شبك.. حيث لم يلفت اليه من يعنيهم الأمر، فنحن في دولة لا تلتفت للإعلام، رغم أهميته وتأثيره المجتمعي، وأعني بذلك الحوارات والأحاديث غير المسؤولة  التي يلقيها بعض من تستضيفهم الفضائيات والاذاعات.... أحاديث تنم عن جهالة في كثير من الأحيان، ومرات أجدها مقصودة، كونها تسقط في وحل الخطاب التهييجي للمجتمع، مصحوبة بسيل من الأوهام وعبارات الطعن والخيانة وغيرها من العبارات التي تستنكرها الآذان..  فهي اغتيال معنوي يُمهّد للاغتيال الفكري. 

بعض المتحدثين، يريدون أن 

يقنعوننا، أنّهم وحدهم المُمسكون برداء الصدق والحقيقة، وأن الآخرين على ضلالة.  

مثل هؤلاء غير عابئين، بقدرة الإعلام  وتأثيره في تشكيل الوعي العام، فالسواد الأعظم من المجتمع  يتأثّرون بما يتلقّونه من أفكار تتضمنه الأحاديث المريضة والانفعالات السلبية التي معظمها تمثيليات على عقليات المشاهد، ما يؤكد غياب أخلاقيات الطرح الموضوعي، غافلين أنَّ هناك مساحات واسعة من الحرية، من خلال التعبير بأحاديث نبيلة، تؤكد على الوحدة المجتمعية، من باب الانتقال من الانغلاق وسط المحيط الضيّق إلى التفاعُل مع الفضاء الأوسع... والابتعاد عن استخدام أسلوب الاستفزاز الذي يفضي الى التنابز والكراهية، فزرع البغضاء بين أبناء الشعب يثير نزاعات لا تنتهي، لكن الحب يقوي الشكيمة 

والأخوة.

نحن في مرحلة، تتطلب إعلاماً يعزّز اللحمة الجامعة لمكوّنات الشعب ويدرأ من سمّ الزعاف الضارب في كبد النسيج الوطنيّ، وهذه دعوة الى التصدي الدائم لبذور الحقد ومواجهتها، قبل أن تنمو وتتوسّع وتأخذ مكانها في الثقافة الإعلاميّة لدى البعض ممن جعلوا منها أحد الأسلحة التي يفجرون بها النسيج المجتمعي من الداخل في أحاديثهم لأغراض شخصيَّة، ومصالح بعيدة عن بناء 

الوطن. 

أيها المتحدثون، ضعوا أمامكم صورة الشعب الذي تعب من سماع أصوات الغل، وعيدوا ترتيب الأوراق المتطايرة التي تنطق بها أفواهكم المتخمة بالحقد على الآخر وتغذي التفرقة، فالمرء الذي يتمتع بالقليل من الوعي الحقيقي يترفّع عن الكراهية بكل أنواعها الممقوتة، الطائفيَّة والمذهبيَّة والعرقيَّة.